"بين الفقر وقلة الحيلة".. ماتت جيهان وحلم علاج طفلها لم يتحقق بعد
مرت 5 أيام على وفاة والدته، ولا يزال محمود المدثر (6 سنوات) يجلس في غرفة والدته الراحلة، يشم عبيرها في ملابسها، وتنهمر دموعه كلما تذكر كلماتها له "يا محمود ربنا أكبر من كل الدكاترة والمسؤولين، بس انت قول يارب اشفيني".
5 أيام مرت، ومحمود يرفض تناول الطعام إلا القليل، حزنا على فراق سنده، التي تحملت متاعب مرضها المزمن ومأساته مع نفس المرض، ماتت وهي تنظر في عينيه الباكيتين خشية أن يكون مصير فلذة كبدها هو نفس مصيرها.
ماتت جيهان مرعزي (38 عاما) بمرض تليف الكبد، وكانت آخر كلماتها "حسبي الله ونعم الوكيل في كل من أهمل حالتي وحالة طفلي"، كانت تتمنى أن يشفى طفلها من المرض قبل أن تقبض روحها وتصبح في رحاب الكريم.
كانت تعلم أن لا أمل في شفائها، لكنها حلمت أن ترى طفلها يلهو ويلعب مثل أبناء قريته الصغيرة، أن تراه لا يشكو من آلام المرض المزمن اللعين الذي لازمها 13 عاما، وأصاب فلذة كبدها به منذ 3 أعوام، ذاقت خلالها مرار ضيق اليد، وتعامل المسؤولين الذي كان يجعلها تنام باكية كل ليلة، كانت تقبل أيادي المسؤولين من أجل علاج طفلها، وكانوا يطردوها من مكاتبهم المكيفة تارة، ويعشمونها بعلاج لم يأتي حتى قبضت روحها.
يقول وليد المدني، منسق حملة "معا ضد فيرس سي"، والمتابع لحالة الطفل منذ إصابته بفيروس الكبد الوبائي، "توفيت والدة محمود المدثر الجمعة الماضي، متأثرة بإصابتها بتليف الكبد الذي عانت منه طوال 7 أعوام، بعد أن ظلت داخل مستشفى الأقصر الدولي لمدة أسبوع، وساءت حالتها، إلى أن نقلت لمستشفى أسيوط وتوفيت هناك، وأوصتني وزوجها أن نبذل كل ما في وسعنا لعلاج طفلها، وكانت ناقمة من تعامل المستشفيات مع حالة نجلها".
وأشار المدني، إلى أن مستشفى أسيوط الجامعي، وعدت بعلاج محمود منذ شهر سبتمبر الماضي، وإلى الآن لم يتلق الطفل أي جرعات علاج، وتزداد حالته سوءا، مضيفا أن هناك شركتين في مصر تنتجان علاج الفيروس للأطفال، ويمكن لمحمود أن يُشفى بعد 48 حقنة، إلا أن تكلفة الحقنة الواحدة 1400 جنيه، وأسرته فقيرة جدا ولا تقوى على تحمل نفقات علاجه.
قال والد محمود، لـ"الوطن"، "زوجتي كانت تعلم أن حالتها الصحية متأخرة، وكان كل ما يشغل بالها ابننا محمود، وأنا أعمل خفيرا نظاميا براتب 900 جنيه، وانقلبت حياتنا عندما اكتشفنا إصابته بالفيروس، فذهبنا إلى مستشفى المنصورة ولم يهتم الأطباء، حولونا لمستشفى أسيوط الذي رفض علاجه قبل أن يصل عدد المرضى إلى 20 حالة ليحصلوا على كورس واحد، أو يكمل محمود (18 عاما)، ليتلقى علاج البالغين، وأرسلت لنا مستشفى أسيوط في سبتمبر الماضي، وأكد لنا الأطباء في المستشفى، أن محمود سيتلقى العلاج، لكن مرت 5 أشهر وإلى الآن لم يتلق محمود جرعة واحدة".
يتابع الأب المكلوم، "خايف يروح مني محمود زي ما راحت أمه بنفس المرض، هو احنا عشان غلابة وملناش ضهر محدش يهتم ولا يسأل فينا"، ويضيف "ذهبت أنا ووالدته الراحلة للتأمين الصحي، لكن المسؤول طردنا، وقال "مش ناقص وجع دماغ".
وناشد والد محمود، الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء ووزير الصحة، النظر لحالة نجله بعين الرحمة والعطف، ومساعدته كي يشفى من مرضه.