"التعويضات المالية".. ملاذ الحكومة للهروب من "مأزق الدماء"
بالدموع ينظران إلى "شيك" قد يكونان أمسكا به عدة مرات من قبل، وقد تكون هذه المرة الأولى التي يمسكان فيها مبلغًا لا بأس به، وفي الحالتين هذه المرة مختلفة، فهي التعويض الذي ترى الدولة أنه قد يخفف من حرقة قلوب أب وأم على ابنهما الذي بات اسمه "ضحية"، وصار حديث الصحف والقنوات، ولكن هل كان يحتاج "أهالي الضحايا" إلى "تعويض" من وطن تسبب في قتل أبنائهم بشكل أو بآخر، فما حاجة "المال" إذا راح "البنون".
بعد حادث تصادم قطار مع أتوبيس رحلات، ومصرع 7 بينهم 4 أطفال، وإصابة 24 آخرين، خرج رئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، يوجِّه باتخاذ الإجراءات اللازمة لصرف تعويضات لأسر الضحايا، "التسكين" هو الحل الذي تلجأ له الدولة من خلال التعويضات المالية، كما يرى الدكتور يسري العزباوي، رئيس برنامج النظام السياسي المصري بمركز الأهرام للدراسات، وامتصاص غضب الأهالي فقط دون محاسبة للمخطئ، أو معالجة لأسباب تلك الحوادث.
ووجد العزباوي أنه يجب على الدولة مُعالجة الأمر، من خلال محاسبة المخطئ إذا كان من العنصر البشري، أو تصحيح المسار من خلال صرف طرق متسببة في حوادث أو تطوير المزلقانات التي تتسبب في إزهاق الأرواح، بدلًا من الحلول الأسهل التي لجأ لها والمتمثلة في التعويضات المالية، التي يخرج بها المسؤولون بعد كل حادث دامٍ، راح ضحيته عشرات من الأرواح، وتسبب مزيدًا من المشكلات ولا تحل المشكلة الأساسية.
"ضعف الحكومة" هو النتيجة التي أوضحها الخبير السياسي لـ"الوطن"، من جراء تكرار الأزمات بنفس المسببات، وهو ما يستدعي حلًا جذريًا يتمثل في المحاسبة، مشيرًا إلى قانون المرور الجديد والذي بموجبه أقلع أغلب السائقين عن تعاطي المنشطات والمخدرات، فتطبيق القانون بحزم شديد هو ما سيحل الأزمة، وليس دفع التعويضات وتسكين المشكلات.
وعن الأهالي، قال العزباوي إنهم ليس في محل قبول أو رفض، فالصدمة والأزمة أكبر من احتمالهم وهو ما يجعلهم يلجأون للصمت في مصابهم وخسارتهم، بالإضافة إلى ثقافة المواطنين بعدم القدرة على ملاحقة الحكومة أو مساءلتها، متمثلة في قوله: "يا عم دي الدولة، حد هياخد حق م الدولة؟"، فإذا تم التخلص من هذه الثقافة سيلتزم الجميع بالقانون وحينها سيُحاسب المسؤولون.