بالفيديو| الخواجة نبيل.. أعز أصدقائي "الكلاب"
الخواجة نبيل حداد، أحد أشهر تجار الخردوات بمنطقة الغورية، يجلس بمحله الصغير وسط أباطرة تجار الغورية والحسين، انحصرت حياته منذ سنوات ما بين مسكنه بشارع عدلي بوسط البلد ومحله بمنطقة الحسين، ساهم تجار وسكان منطقة الغورية في رسم أسطورة حول عم نبيل، حيث إنه معلوم لدى العامة بأنه يهودي الديانة وأن عائلته تعيش في إسرائيل.
"أنا مسيحي بحب المسلمين بس الناس بتحب تاخد بالشبه" يضحك "عم نبيل" وهو يوضح نظرات الناس له واعتقادهم بأنه غير مصري، يجلس الرجل متكئًا على عربة الخضار الخاصة به، والتي يعتبرها الشارع سره الأعظم "اشتريت المحل ده سنة 64 وقت ما كانت التجارة كلها مكسب"، هكذا بدأ الرجل الثمانيني في استعادة ذكريات تجارته وحياته الماضية، يسعد الرجل المسيحي وسط جيرانه وأهله المسلمين لما يفوق الأربعين عامًا، يخبرنا أن والده وجده كانا من أشهر تجار الغورية، وُلد في عام 1934 وأكمل دراسته الثانوية عام 1951، واستمع لنصيحة والده بعدم إتمام الدراسة والتفرغ للتجارة مع قدوم ثورة يوليو التي أحبها بشدة "كان عاجبني الريس محمد نجيب الله يرحمه، راجل بشوش ومحب لبلده بس ما قعدش فترة طويلة".
يمتلك "عم نبيل" هواية واحدة مفضَّلة يمارسها منذ أكثر من 13 عامًا وهي إطعام الكلاب والقطط الضالة في الشوارع كل يوم، ويقول: "الحيوان ده روح مظلومة لو الإنسان جاع أو عطش هيقول أو حتى هيشحت لو مش معاه فلوس لكن الكلاب هتعمل إيه" يجلس الرجل الثمانيني يوميًا قرابة الساعة والنصف يحضر الأكل الخاص بأصدقائه سكان الشارع كما يحب أن يطلق عليهم "بجيبلهم سجق وأغليه والميه اللي بتطلع منه بحط عليها رز وسجق وأخلطهم مع السجق وأكلهم بالمعلقة علشان لازم نحترمهم".
يبدأ الرجل الثمانيني رحلته اليومية لأصدقائه في تمام العاشرة مساءً وقت إغلاقه لمحله ثم يأخذ عربته المفضلة ويبدأ بالمشي قرابة 15 دقيقة من شارع الغورية إلى الشوارع المحيطة بالجامع الأزهر بحثًا عن الكلاب الضالة، وما إن يشاهده أي كلب عابر حتى يهرول عليه، وسط ضحكة صافية من عم نبيل، وما إن يقوم الرجل بفتح عربة الخضار حتى يزدحم المكان في ثوانٍ بـ"أصدقائه الأوفياء".
يبدي عم نبيل رأيه في حادثة قتل "كلب الأهرام" في الشارع "الناس اللي قتلوا الكلب دول حرام عليهم، اللي المفروض يتعاقب هو صاحب الكلب لأنه خلى الكلب يعمل فيهم كده وبعدين كمان سلموا ليهم، ده حرام.. حرام والله".
تستطيع أن تشاهد سياحًا من جنسيات مختلفة يقفون ليلتقطوا صورًا تذكارية لـ"عم نبيل" وهو يطعم كلابه الأوفياء "بفرح وبتشجع بده علشان الأجانب يعرفوا إننا شعب مليان إنسانية، مش هما بس اللي بيحسنوا على الكلاب، في واحد دخل الجنة علشان سقى كلب، وست دخلت النار علشان حبست قطة".
وسط فرحة عارمة من الكلاب بتلقي طعام أُعد لهم خصيصًا لا يخلو الأمر من هزة عنيفة من أحد الكلاب للرجل الثمانيني، غير أنه ينظر إليهم ليقول بصوت هادئ "بطلوا شقاوة"، يتجاوب سكان منطقة الأزهر والحسين مع "عم نبيل"، وطوال الوقت تستمع لتشجيع له من بعيد عما يفعله "أحسن ثواب الواحد ممكن يعمله وتنفعه في آخرته إنه يكون عنده رحمة".