بروفايل| "بحر البقر" لموا الكراريس
كراسة ممزقة الأوراق، ملطخة بالدماء، وإلى جوارها تناثرت أشلاء الأطفال، ما زال هناك جسدان يحتفظ أحدهما بما عليه من ملابس مزّقها العدوان، ما زالت جثامين الأطفال متجاورة رغم تفريق الغارة لها، ما زالت بقايا المجزرة فى مكانها: «كراسة ومريلة وحقيبة» تروى كيف أزهقت أرواح 30 طفلاً وطفلة، على أيدى طيران العدو الإسرائيلى الذى أغار على مدرسة بحر البقر بطائرات الفانتوم فى 8 أبريل من عام 1970م، قبل أكثر من 45 عاماً، دون هوادة وبدم بارد.
الدرس انتـهى
لموا الكراريس..
إيه رأى رجـال الفكر الحر
فى الفكرادى المنقوشة بالدم
من طفل فقير مولود فى المر
لكن كان حلو ضحوك الفـم.. «صلاح جاهين»
حين بدأت الحصة الثانية، كانت آذان الأطفال صاغية، وعيونهم معلقة بالسبورة، وقتها اخترقت مسامعهم أصوات خمس طائرات أمريكية الصنع، إسرائيلية القيادة حلّقت على بعد أمتار من مدرستهم الأثيرة الواقعة فى محافظة الشرقية، لحظات وانطلقت القذائف صوب صدور الصغار، لم ترحم طفولتهم، ولا براءة عيونهم، لم تؤذِ مشاهد دماء الأطفال رادارات صواريخهم التى دكت المدرسة، ولم يتبق منها سوى سور ودماء فى كل مكان، وكراريس درس انتهى بصافرات العدوان.
.. دم الأطـفال جايلك يحـبى
يقول انتـقموا من الأشـرار
ويسيل ع الأوراق
يتهجى الأسـماء
ويطـالب الآبـاء
بالثـأر للأبـناء
لم تحرك دماء الأطفال سكون العالم الصامت على العدوان، لم تؤثر جثامين الصغار على قرارات الأمم المتحدة تجاه العدو الكامن فى سيناء، لم تتأثر سوى شعوب العالم التى غضبت لمشاهد الدماء والأشلاء، حتى لم تؤذِ مشاعر زوجة نيكسون رسالة الأطفال الناجين من المذبحة: «هل تقبلين بأن تقتل طائرات الفانتوم أطفال أمريكا.. أنتِ الأم لجولى وتريشيا والجدة لأحفاد.. فهل نستطيع أن نذكر لكِ ما فعله زوجك مستر نيكسون»، ولم تعلق سوى بـ«أنباء مفزعة»، وصمتت الأمم المتحدة كعادتها ولم تصدر شيئاً عن الحادث سوى: «الأمر متعلق بضرورة وقف إطلاق النيران».
.. فى قصـر الأمم المتــحدة
مسـابقة لرسـوم الأطـفال
إيه رأيك فى البقع الحمـرا
يا ضمير العالم يا عزيزى
دى لطفـلة مصرية وسمرا
كانت من أشـطر تلاميذى
فى حرب أكتوبر عام 1973 نشرت الصحف المصرية خبر سقوط طائرة إسرائيلية على مدينة بورسعيد بعدما تصدت لها قوات الدفاع الجوى، وكان على متنها قائدة إسرائيلية تسمى «أمى حاييم»، اعترفت خلال التحقيق معها بأنها شاركت فى قصف المدرسة، وكانت تعرف أنها مدرسة أطفال، وليست موقعاً عسكرياً، وبعد مرور 43 عاماً على الحادث فى أكتوبر 2013 رفع عدد من أهالى الضحايا، دعوى قضائية أمام المحاكم الإسرائيلية مطالبة إسرائيل بتعويض أسر الشهداء والمصابين.