يوسف القعيد يكتب: المعرض نافذة سياحية
يوسف القعيد
معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الخامسة والخمسين سيعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الأسبوع الأخير من يناير الجارى والأسبوع الأول من فبراير، يستمر نحو أسبوعين فى أرض المعارض بالتجمع الخامس، كما عقد فى السنوات الماضية، وسيفتتحه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء.
علاقتى قديمة بالمعرض منذ كان مكانه فى دار الأوبرا، ثم فى أرض المعارض بمدينة نصر، وأحرص على ألا أغادر القاهرة خلال فترة انعقاده مهما كانت الأسباب، وأعتبره عيداً للثقافة المصرية، فالمعرض ليس مكاناً لبيع الكتب فقط وإن كان يشهد أكبر رواج لبيع الكتاب على مدى العام كله بشكل غير عادى، لكنه مكان لالتقاء المثقفين العرب والمصريين وأحاديثهم عما يكتبونه ويطرحونه من أفكار ورؤى.
فقد أصبحت هناك حركة نشر فى الأقطار العربية الشقيقة، فى لبنان والعراق وسوريا واليمن والبحرين والكويت، ومهما كانت ظروف أى بلد من هذه البلدان إلا أن النشر يكاد يكون سمة أساسية للعمل الثقافى فيها بشكل غير عادى، أيضاً هناك أنشطة متنوعة تقام على هامش المعرض.
وما زلت أذكر عندما ذهبت للمعرض وكانت رئيسة هيئة الكتاب ورئيس المعرض الدكتورة سهير القلماوى تلميذة طه حسين النجيبة، التى كتبت لى مقدمة لروايتى «أخبار عزبة المنيسى» ونشرتها فى الهيئة المصرية للكتاب، وأعتقد أن المعرض أيضاً أكبر حتى من كونه حدثاً ثقافياً، فمثلاً عندما سمحت الدولة فى الثمانينات للعدو الإسرائيلى أن يقيم جناحاً فى المعرض، وحدثت وقتها مظاهرات حاشدة لم تحدث من قبل وأغلق جناح العدو الإسرائيلى.
من يومها لا يتم التفكير فى حضور إسرائيل لمعرض القاهرة مهما كانت المبررات والسياسات، فهو معرض يعبر عن الثقافة المصرية والعربية أصدق تعبير، وهذا الكيان الصهيونى لا يمكن أن يعامل، وهو موقف وطنى عظيم لا بد أن نحيى الدولة المصرية عليه.
والمعرض أهم حدث ثقافى مصرى وعربى، إذ تشارك فيه 70 دولة و1200 ناشر، وتنتظره مصر والوطن العربى، وشخصية المعرض هذا العام المؤرخ العظيم سليم حسن، صاحب الكتابات المهمة جداً عن الحضارة المصرية، والذى كشف الستار عن مصر القديمة بكل ما كان يجرى فيها من أحداث.
ويضم أيضاً معرض كتب الأطفال، الذى هو جزء من المعرض الكبير، وكان يقام من قبل على حدة، لكن تم دمج المعرضين معاً وهو قرار سليم، وشخصية معرض كتب الأطفال يعقوب الشارونى، الذى توفى منذ فترة قصيرة. ومعرض كتب الأطفال يتضمن، إلى جانب بيع الكتب بأسعار مناسبة، أنشطة متنوعة للأطفال.
فى الدورة الحالية لن تغيب فلسطين وما يجرى فيها عن المعرض، كما لا تغيب عن الشارع المصرى، وسنجد العديد من الإصدارات المهمة، منها كتاب «عبقرية أكتوبر» وهو مجلد كبير جداً للكاتب شريف عارف.
والكتاب يرصد حرب أكتوبر بطريقة غير عادية، وهناك أيضاً كتاب مهم جداً للمؤرخ العسكرى والمثقف الكبير الدكتور سمير فرج، بعنوان «شاهد على حرب أكتوبر 1973»، ونشرته الهيئة العامة للكتاب.
ويعتبر مرجعاً شديد الأهمية، خاصة أن اللواء الدكتور سمير فرج شارك فى حرب أكتوبر وكان أصغر الحاضرين سناً فى غرفة عمليات السادس من أكتوبر 73، وهذا يعطى كتابه قيمة الشهادة المهمة جداً، التى يجب أن نتوقف أمامها ونرصدها ونقرأ عنها، لأن حرب أكتوبر أهم حدث فى النصف الثانى من القرن العشرين على مستوى مصر والوطن العربى، حيث استعادت مصر سيناء كاملة من العدو الإسرائيلى بعد احتلال دام 6 سنوات.
هناك مثقفون عرب يحضرون خصيصاً للمعرض ويملأون فنادق القاهرة الممتلئة أساساً بالسياح ويتجولون فى القاهرة، والمعرض سبب أساسى لحضورهم إلى مصر أى إنه نافذة سياحية على مصر ترفع نسبة السياحة الثقافية فى مصر فى ذلك الوقت.
وسأشارك فى ندوة هذا المعرض لمناقشة دكتور صلاح سلام عن سيناء وكتابه بعنوان «يوميات طبيب سيناوى»، وهو كتاب شديد الأهمية عن سيناء، هذا الجزء العزيز علينا جميعاً، وبخاصة أنه طبيب مقيم فى سيناء ويعيش فيها، وارتبط بها ارتباطاً وثيقاً، وقد قرأت هذا الكتاب وكتبت له مقدمة عندما كان يطبع فى هيئة الكتاب.