أزهريون يفندون فتاوي "داعش" المتطرفة: قتل المسيحيين يخالف الإسلام
"داعش"، جماعة لا تمل ولا تكل من نشر الرعب في نفوس البشر، مستندة على حجة أنهم دولة إسلامية هدفها المساواة والحق ونشر تعاليم الدين الصحيح، حيث نشرت أمس مقطع فيديو أسمته "حتى تأتيهم البينة"، ويظهر قتل مجموعة من المسيحيين الإثيوبيين في ليبيا، تحت مظلة بعض فقهاء الدين الذين يأخذون عنهم إباحة القتل لغير المسلمين.
"الوطن" استطلعت آراء بعض علماء الأزهر عن مدى فهم ذلك التنظيم لأقوال فقهاء المسلمين، حيث قال الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل أول وزرارة الأوقاف، إن هناك مشكلة حقيقية تحدث هذه الأيام تتمثل في استناد "داعش" لنصوص لابن تيمية دون أن تفهم مضمونها تماما، ويأخذونها بظاهرها، معتبرا أن هذا ظلم لذلك الفقيه وكارثة من أعظم الكوارث التي تواجه الأمة الإسلامية.
[FirstQuote]
وأضاف عبداللطيف لـ"الوطن"، أن أهل الكتاب أوصانا بهم الله سبحانه وتعالى خيرا، إلى جانب عقد الرسول صلى الله عليه وسلم ما يسمى بصحيفة المدينة، وهي تنص ببساطة على أن أهل المدينة لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم بما فيهم اليهود والنصارى، لافتا أن البعض يتخذ الجزية بمفهومها الخاطئ، فهي أشبة بالضريبة، ويدفعها أهل الكتاب والمشركين بالله مقابل الحماية، وتسقط الجزية عنهم إن تم تجنيدهم أو أصابتهم مصيبة، ما يدل على أن أعمال القتل التي تفعلها "داعش" ليست من الإسلام في شيء.
وأشار وكيل وزارة الأوقاف أن بعض أمراء المسلمين في الشام كانوا يقومون برد الجزية التي تم تحصيلها من غير المسلمين إذا عجزوا عن توفير الحماية لهم إذا ما تم الاعتداء عليهم بأي وسيلة، وأكد عبداللطيف أن ابن تيمية كان معتدلا ويعتبر كل من له دين سماوي له واجبات وعليه حقوق، سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم، موضحا أن ابن تيمية ولد في عصر التتار، وفتاواه التي يتم الاستناد إليها كان القصد منها المستعمر الذي أراد محو ثقافة المسلمين وإبدالها بثقافة مخالفة تماما لكل الأديان السماوية، لافتا أن كلام ابن القيم الذي تم الاستناد إليه عن هدم الكنائس خاطئ تماما، فمن واجب المسلمين أن يرمموا الكنائس ويعطوا تصاريح بنائها وليس هدمها كما يفعل تنظيم "داعش".
[SecondQuote]
بدوره، قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقة المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إن كلام "داعش" مستوحى من السلفية الوهابية، ولا يوجد جديد فيه، موضحا أن تلك الآراء موجودة في كتاب فتاوى علماء البلد الحرام في طبعة الجريثي في الرياض بالسعودية، ولافتا أن تلك الآراء كتبها أحد الرموز السلفية بدمنهور في مصر وله كتاب يسمى "النصارى في القرآن".
وأضاف كريمة لـ"الوطن"، أن المؤسسات الإسلامية في مصر والدول العربية كان عليها تجفيف منابع أفكار العنف الفكري المؤدي إلى العنف المسلح، مشددا أن أقوال ابن تيمية وابن القيم لا تمثل صحيح الإسلام، فهناك فرق بين النصوص الشرعية في القرآن والسنة النبوية وآراء شيوخ نزلوا في وضع معين، مشيرا أن أكبر دليل على ذلك يكمن في أن الجزية التي تحدث عنها تنظيم "داعش" لا وجود لها حاليا، فمبدأ المواطنة في العالم كله جعل المسيحيين واليهود مثل المسلمين في الحقوق والواجبات، بل أن الجزية كانت مانعا من موانع القتال وكانت موردا من موارد الدولة.
[ThirdQuote]
لم يختلف كلام الشيخ صبري عبادة مستشار وزير الأوقاف لقطاع المديريات، حيث أكد أن ما يفعلة "داعش" أمر خطير للغاية، ويثير الرعب في قلوب الكثير، وهو عكس جمال وسماحة الدين الإسلامي الذي جعل من حق كل فرد أن يقول ما يشاء بشرط استناده للضوابط الشرعية من القرآن والسنة، وأضاف عبادة لـ"الوطن"، أن المسلمين كانوا يدفعون الزكاة، فيما يدفع المسيحيون واليهود "الجزية"، بما يدل على أن كانوا متساوين في كل شيء، موضحا أن الجزية تم فرضها في الأساس مقابل تكفل المسلمين بأعباء الدولة كاملة.
وتابع عبادة "المشكلة أن داعش يرجع بالمسلمين إلى الوراء ويطبقون أحكاما ليس لها أصول حاليا، ولا يفهمون الإسلام جيدا، ولا يدركون أنه يواكب كل عصر على حدة ويواكب قضايا العصر"، مشددا أن الإسلام بريء من ذلك التنظيم وأفعاله، لأن الإسلام لم يأمر بقتل أحد لدفع الجزية أو الدخول فيه، والدليل أن المسلمين عاشوا مع النصارى واليهود لمدة 80 عاما في فترة الفتوحات الأولى دون الدخول في قتال، فضلا عن قبول النبي صلى الله عليه وسلم أن يسكن بجواره رجل يهودي.
واختتم عبادة "جماعة داعش ليست دولة إسلامية فهي عصابة إرهابية، وليست لها علاقة بالإسلام، ولا يعرفونه إلا لفظا فقط".