بالصور| يتخرج من تجارة ليجلس "نبطشي في كارتونة" بـ"التوحيد والنور"
الساعة تدق الواحدة بعد منتصف الليل، الشارع يكاد يخلو إلا من حركة خفيفة للسيارات، وبعض المارة، سيارة "أجرة" تقف أمام فرع "التوحيد والنور" بأحد شوارع القاهرة، خلفها شاب عشريني أسمرالبشرة يرتدي ثيابا منمقا لا يدعو للدهشة التي ما تلبث أن تحضر حينما يظهر ذلك الشاب مستلقيا "داخل كرتونة" كبيرة اتخذها كبيت صغير ومأوى يحميه من برد الجو وعوادم السيارات.
بينما يعبث الشاب بهاتفه المحمول ويستمع إلى شيء ما في سماعته التي وضعها في إحدى أذنيه تاركا الأذن الأخرى لمعاونته في ممارسة عمله، يمر أحد الأشخاص أمامه ليعطية "مالا" على اعتبار أنه يجلس في الكرتونة بتلك الطريقة رغبة في التسول، ينتفض من مكانه "لا أنا بشتغل" ويرفض أخذ المال من ذلك الشخص الذي يرمقه بنظرة استغراب ويخطو بعيدا، تاركا إياه في كرتونته.[ThirdImage]
"الوطن" اقتحمت عالم ذلك الشاب الذي نسجه لنفسه، يرسم ابتسامة ساخرة على وجهه عبر بها عن حاله الذي وصل إليه، "أنا شغال بياع في محلات التوحيد والنور، وكل واحد فينا أنا وزمايلي بيبات يوم في الشهر لحراسة الفرع، عشان كده أنا هنا دلوقتي".
معالم الحسرة تبدو على وجه الشاب حينما تحدث عن مؤهله العلمي "أنا خريج كلية تجارة جامعة القاهرة بتقدير جيد دفعة 2013، وما يرمينيش على المر غير اللي أمر منه، وأهي الفلوس اللي بنقبضها بنحمد عليها ربنا".
"هاتف أرضي وجاكت، وفيسبوك"، هي ملاذ ذلك الشاب الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من فقد وظيفته، وأدواته لممارسة عمله من الحادية عشر ليلا إلى الحادية عشر صباحا، يستخدم الهاتف لطمأنة الإدارة على أن الفرع "بخير"، يقف أعزل في مواجهة المتربصين بالمحل لا يدري ما الذي يمكن أن يحدث له خلال ساعات حراسته، راجيا من الله أن تمر ساعات عمله على خير. [SecondImage]
"صاحب الكرتونة" ليس الوحيد الذي يجلس هذه الجلسة أمام الفرع بدون كرسي أو حتى زجاجة ماء يروي بها عطشه، "كل الفروع ع الحال ده، والغريب إن كلنا من الحاصلين على مؤهلات عليا، وكلنا بنقعد نفس القعدة بالـ12 ساعة عشان نحرس الفرع، وكل واحد فينا رجليه دابت عشان يلاقي شغل يليق بمؤهله لحد ما انتهينا للحال ده".
كان رده قاطعا حينما جاءت سيرة "الزواج"، حيث أكد أنه لن يفكر في تلك الخطوة قبل أن يجد عملا مناسبا، "انا باخد زيادة على مرتبي 7.5% عمولة على المبيعات اللي بحققها زائد مرتبي الأساسي، لكن دايما يقولولنا إنتو رجل بره ورجل جوا، يعني ممكن في أي لحظة الشغل ده يروح".