بروفايل| حسن الشاذلى: العشق حتى النفس الأخير
كعادته طوال ما يقرب من 60 عاماً، صحا من نومه واستعد لحدث ينتظره كل أسبوع، هو موعد مباراة نادى الترسانة، عشقه الأول والأخير، النادى الذى جلس بداخله أكثر مما جلس فى منزله بين أبنائه، سنوات طوال قضاها «الشاذلى» فى خدمة «الشواكيش»، لم يترك مباراة للفريق إلا وسانده فيها، طفلاً مشجعاً ولاعباً ونجماً كبيراً، ومديراً فنياً ومسئولاً داخل النادى، حتى رحل بعد دقائق من متابعة فريق الكرة غاضباً من اللاعبين لسوء النتائج.
سنوات طوال منحها الأسطورة لناديه، ليكتب اسمه بحروف من نور على أسوار النادى وفى الكرة المصرية، وصباح يوم الرحيل لم يكن على ما يرام، الإرهاق أصابه منذ الصباح الباكر، نصائح من المقربين، لا تذهب اليوم لأنه يبدو عليك المرض، ولكن يأتى الرد حاسماً قاطعاً «الترسانة بيلعب»، توجه إلى النادى، جلس مع أصدقائه وتحدث معهم حول أحوال الفريق الذى أسهم بعرقه فى جعله أحد أبرز أندية مصر، وبطلاً للدورى فى 1963، وذهب وشاهد المباراة، ولكنه صدم بتعادل سلبى أمام الشرق للتأمين جعل الحزن يعتصر قلبه، فزاد ضيقه وغضبه، وتضاعفت آلامه التى تحامل عليها فى الصباح الباكر لمساندة الفريق. حسن الشاذلى صاحب الـ72 عاماً، الهداف التاريخى للكرة المصرية برصيد 187 عاماً، والهداف الأول سابقاً للمنتخب الوطنى فى بطولات الأمم الأفريقية برصيد 13 هدفاً، جزء مضىء من ذاكرة الكرة المصرية، اللاعب الوفّى الذى لم يعرف قميصاً سوى الأزرق طوال مسيرته، خدم النادى لاعباً ومدرباً ورئيساً لقطاع الناشئين، ذاب عشقاً فى النادى، ومات كمداً على أحواله، فالرجل الذى ظل يعشق ناديه حتى النفس الأخير، بعد أن ضاق صدره بأحوال الفريق، ذهب إلى منزله ليتعرض لنوبة قلبية لم يتحملها قلبه العجوز، ليفارق الأسطورة الحياة، بعد أن منح كل شىء لناديه ولبلاده.
«الشاذلى» هداف بطولة الأمم الأفريقية 1963، وهداف الدورى المصرى فى عدة مواسم، وأول لاعب فى تاريخ الكرة المصرية يحرز 32 هدفاً فى موسمين مختلفين. اعتزل «الشاذلى» كرة القدم عام 1978، ولكنه لم يتوقف عن العطاء، فقدم للكرة المصرية نجوماً كباراً، يأتى على رأسهم محمد أبوتريكة، نجم الترسانة والنادى الأهلى السابق، وأبرز لاعبى كرة القدم المصرية فى الـ15 عاماً الأخيرة، اللاعب السابق من اكتشافات «الشاذلى»، ومعه على ماهر نجم الأهلى السابق ومدربه الحالى وغيرهما من نجوم الكرة.
سار «الشاذلى» على العهد، فظل يعشق الترسانة ويتنفس هواء النادى القابع فى ميت عقبة طوال حياته، فسخر وقته لصالحه، وحتى النفس الأخير، أبى النجم الكبير والأسورة أن يغادر الحياة دون أن يودع ناديه فذهب وجلس وشجع وساند وغضب، فلم يتحمل قلبه وفارق الحياة، ليظل عشقه للكيان حتى النفس الأخير.