"حرب اليمن".. تحالف "سنى" ضد نفوذ إيران "الشيعى"
على مدار عقود طويلة، شهدت منطقة الشرق الأوسط صراعاً أشبه بـ«الحرب الباردة» بين الدول السنية العربية والنفوذ الإيرانى الشيعى فى المنطقة، وفى الوقت الذى تزايدت فيه أوضاع المنطقة اضطراباً بسبب ثورات الربيع العربى، استطاعت إيران فرض نفسها كقوة إقليمية فى المنطقة، ونجحت فى ترويض الولايات المتحدة وإجبارها على التفاوض معها بشأن برنامجها النووى، إلا أن تزايد النفوذ الإيرانى الذى صاحبه تزايد الخطر الذى تواجهه مصر ودول الخليج بسبب هذا النفوذ، دفع الدول العربية السُنية إلى التحالف للمرة الأولى لمواجهة «طهران»، وهو ما نتج عنه إطلاق عملية «عاصفة الحزم» العسكرية التى تقودها السعودية لمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، ومنعهم من السيطرة على اليمن، الذى يعد البلد الأهم بالنسبة لقطاع النفط والغاز فى منطقة الشرق الأوسط، بسبب مضيق باب المندب الذى يعد بوابة قناة السويس وبوابة المرور الملاحى لمنطقة الخليج.[FirstQuote]
يشير «مركز دراسات الحروب» الأمريكى، فى دراسة سابقة، إلى أن الأزمة التى يشهدها الشرق الأوسط فى الفترة الحالية تعود إلى عام 2008، حين بدأت الجمهورية الإيرانية فى محاولة استخدام القوة الناعمة للتدخل فى الشرق الأوسط وحصد النفوذ وفرض نفسها كقوة إقليمية جديدة، واستخدمت الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية لفرض أجندتها فى الشرق الأوسط، وتسبّبت ثورات الربيع العربى فى توفير الفرصة المناسبة لـ«طهران» لتحقيق أجندتها، إلا أنها خاطرت فى الوقت نفسه بإشعال الصراع السُّنى الشيعى الذى يعود إلى قرون طويلة ماضية، حيث إن إيران تواصل تعزيز أجندتها التى تعتمد على إشعال الصراعات بالوكالة، فى مناطق عدة، على رأسها اليمن وسوريا والعراق ولبنان وحتى قطاع غزة، بسبب علاقاتها مع حركة «حماس»، إلى درجة أن إيران كانت تسعى إلى استخدام الوسائل السياسية المتاحة لها، لحصد نفوذ فى مصر، إلا أن «القاهرة» لم تتقارب سياسياً مع إيران إلا فى حدود ضيقة جداً فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى، وتراجع هذا التقارب تماماً بعد عزله عن السلطة.
وأشار مركز «ستراتفور» الاستخباراتى الأمريكى، إلى أن خطوة تحريك إيران القطع البحرية الحربية إلى منطقة قريبة من المياه الإقليمية لليمن، رفعت من احتمالات وقوع صدام مباشر هذه المرة بين الدول الخليجية ومصر من ناحية وإيران من ناحية أخرى، حيث إن الدول العربية لن تسمح بسيطرة «طهران» على المناطق الاستراتيجية فى المياه الإقليمية لليمن. ويضيف المركز، فى تقرير أمس، أن «خطوة تحريك القطع البحرية ربما تكون سياسية أكثر منها عسكرية، حيث إن مصلحة إيران لا تكمن فى محاولة إثارة صراع مباشر فى تلك الفترة».
وحسب التقرير الأمريكى، فإنه «من الناحية العسكرية، لا تمتلك إيران القدرة على فتح خط إمدادات مفتوح وغير مشروط للحوثيين والرئيس السابق على عبدالله صالح فى اليمن، حيث إن البحرية الإيرانية تعانى من عدة أوجه للقصور لا يمكنها تحمل تلك المسألة فى الوقت الحالى. وتابع التقرير: «كل الحقائق السابقة تثير الشكوك بشأن النوايا الحقيقية لإيران، فهى لا تستطيع مواجهة الخليج عسكرياً، لكن الإجابة تكمن فى أنها تسعى إلى حقن الصراعات السياسية وعدم الاستقرار، بهدف تقديم الأجندة السياسية لها فى المنطقة، وإعادة تشكيل الرأى العام العالمى، بمعنى أنها تحاول التحرّك فى اليمن، بهدف ضمها إلى الحوار وفرض نفسها كقوة عالمية فى المنطقة».[SecondQuote]
ويقول جريجورى أفتانديليان، محلل شئون الشرق الأوسط السابق بوزارة الخارجية الأمريكية والأستاذ بمركز «الشرق الأوسط» بجامعة «ماساشوستس»، إنه على الرغم من أن مصر ليست بنفس القلق الذى تشعر به السعودية من النفوذ الإيرانى فى المنطقة، ربما لأسباب تتعلق بابتعاد إيران جغرافياً عن مصر، فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى أعلن مراراً أن أمن الخليج من أمن مصر»، وهو ما يُعد إشارة غير مباشرة إلى إيران للتوقف عن تدخلاتها فى الشرق الأوسط. وتابع المحلل الأمريكى: «كما أن مشاركة مصر فى الأساس كانت إشارة إلى أن مصر لن تتخلى عن حلفائها العرب، حتى إن كانت تتردّد فى مسألة إرسال قوات على الأرض، حيث إن الرئيس السيسى كرجل عسكرى يفهم تماماً خطورة تلك الخطوة، وتعلم من المخاطر التى فرضها التاريخ سابقاً»، مضيفاً: «مصر تحاول الحفاظ على مصالحها العسكرية والسياسية والاقتصادية من خلال المشاركة فى حرب اليمن».