دراسة عن تعيينات القضاء: المقابلة الشخصية شرط غير قانونى
حصلت «الوطن» على نسخة من رصدت بعض المخالفات الصارخة فى التعيين بالوظائف القضائية خلال عدة سنوات فائتة، بدءاً من شروط التقدم للترشح لشغل الوظيفة مروراً بالتدخل الأمنى والمقابلة الشخصية واستبعاد مرشحين لفقر الوالد تحت مسمى سوء السمعة، وأخيراً إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية التى يحصل عليها الطاعنون فى استبعادهم، والتي عرضها الدكتور فتحى فكرى، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وعضو لجنة العشرة لوضع الدستور، في كتابه الذى أصدره مؤخراً وعرض فيه نتائج دراسة تحليلية أجراها بعنوان «اتجاهات المحكمة الإدارية العليا فى التعيين بالوظائف القضائية».
وأكد «فكرى» أن الاقتصار على وضع علامة «إكس» للدلالة على الإخفاق فى المقابلة لا يسمح برقابة قضائية حقيقية، فهذه العلامة تدل فعلاً على عدم النجاح، أى إن الدرجة تقل عن 50% من المجموع، ولكن يبقى السؤال قائماً ما هى هذه الدرجة تحديداً؟ أضف إلى ما تقدم أن التأكد من وجود مقابلة جادة بعد إتمامها بوقت طويل ليس بالأمر الهين أو اليسير، بل يعد فى حكم المستحيل، إذا تداول الطعن أمام القضاء لسنوات وسنوات كما حدث فى بعض المنازعات حيث عقدت المقابلة عام 2000 وصدر الحكم بعد 6 سنوات.
وتابع «فكرى»: يؤازر تحليلنا أن علامة «إكس» ليست قاطعة فى دلالتها، فيمكن مطالعتها قرين من أخفق فى المقابلة وكذلك أمام من تغيب عنها، ولا يعقل أو يتقبل أن تكون الحقوق -خاصة الدستورية- تحت رحمة علامات تفتقر للدقة التامة والكاملة، لذا نعيد تأكيدنا على ضرورة أن يكون للنجاح درجة لا علامة تتسم بالعمومية ولا تعطى مؤشراً على جريان الاختبار بجدية.
وفى معرض حديثه عن المفاضلة بين الناجحين فى المقابلة الشخصية ضرب فكرى مثالاً بصدور قرار جمهورى بتعيين أحد المرشحين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ويدعى صلاح الدين أحمد بدر، الذى اتضح من الإفادة الرسمية الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية أنه التحق بها عام 1992 وتخرج فيها عام 1999 أى بعد 7 سنوات بتقدير مقبول بنسبة 51.8%، وقد تم الطعن على قرار تعيينه حيث وجهت المحكمة الإدارية العليا نداءً عام 2006 ناشدت فيه المسئولين فى مجلس الدولة «أن يرفعوا الظلم الجاثم على المجلس ذاته المتمثل فى السماح لطائفة من الراسبين والمتخلفين بالانخراط فى سلك القضاء فى المجلس وهو الاتجاه الذى ظهر للمحكمة فى عدد من القضايا التى طرحت عليها فى هذا الشأن، وقد ظل هذا الصرح منذ نشأته يضم قمم المتفوقين فى الهيئات القضائية كافة وأوائل الخريجين فى كليات الحقوق بصفة عامة، لكنهم يخرجون طائفة من المتفوقين رغم اجتيازهم كل العقبات ومنها المقابلة الشخصية، ليسمحوا بطائفة جديدة من الضعفاء فى الفكر والكفاءة القانونية بأن يعتلوا مناصب القضاء وأن يحكموا بين الناس بغياً بغير علم فيضلوا ويضلوا، فى الوقت الذى ينظر فيه إليهم المتفوقون والمجاهدون فى سبيل العلم ينظرون من بعيد يعتصرهم الحقد وتقعدهم الحسرة.. وعلى أولى الأمر أن يتداركوا هذه الكارثة».[FirstQuote]
وأكدت الدراسة أن اجتياز المقابلة الشخصية شرط لم ينص عليه القانون وكرسه القضاء، ومع ذلك يفوق هذا الشرط فى أهميته كل الشروط الأخرى مجتمعة، فالنجاح فى المقابلة الشخصية هو الذى يدفع للنظر فى بقية الشروط وتقييم توافرها للمفاضلة بين المرشحين، بالإضافة إلى أن العمل قد جرى فى الجهات القضائية التى من بينها هيئة النيابة الإدارية عند التعيين فى أدنى درجات الوظائف بها بأنه لا يتم إجراء التحريات الأمنية على المتقدمين لشغل تلك الوظائف إلا لمن اجتاز المقابلة الشخصية التى تجريها الجهة القضائية بنجاح لعدم شغل الجهات الأمنية بأمور لا جدوى من ورائها، وهو ما أشارت إليه المحكمة الإدارية العليا فى حيثيات أحد أحكامها عام 2009.
وفى سابقة، أقصيت مرشحة حاصلة على تقدير تراكمى جيد جداً (85.3%) مع مرتبة الشرف وترتيبها التاسع على دفعتها، من التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية، رغم تخلف أى عوائق أمنية، ولم يتبق أمام الطاعنة سوى إثبات اجتيازها لعقبة المقابلة الشخصية، وكان المخرج فى طلب التحريات من الجهات الأمنية مما يفيد أن صاحبة الشأن تخطت هذا الحاجز ولم يعد أمامها أى موانع فى تقلد الوظيفة، وهو ما قضت به المحكمة الإدارية العليا بالفعل عام 2012.
ومن الخصومات التى تستوقف النظر -بحسب الدراسة- تلك التى ادعت فيها هيئة قضايا الدولة إخفاق الطاعن فى المقابلة الشخصية، وحصوله على 3 درجات من عشر درجات، ومع ذلك ألغى قرار تخطيه فى التعيين، بعد أن تأكد القضاء من إجراء التحريات عن ذى الشأن، فقد جرى العمل، حسب قول المحكمة، بالهيئات القضائية ومنها هيئة قضايا الدولة، المطعون ضدها، عند التعيين فى أدنى درجات الوظائف بها، على أنه لا يتم إجراء التحريات الأمنية على المتقدمين لشغل تلك الوظائف إلا لمن اجتاز المقابلة الشخصية التى تجريها الجهة القضائية بنجاح لعدم شغل الجهات الأمنية بأمور لا جدوى من ورائها، بالإضافة إلى أن المحكمة لا تطمئن للصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية.