الطفل الرضيع "بيع وشراء"
كانت الأمور هادئة داخل دار رعاية «سلامة عبدالله» للطفولة والأمومة، لا أحد يعلم ماذا يدور فى الخفاء ولا كيف يتعاملون مع الأطفال، حتى ظهرت معالم جريمة قادت المتهمين إلى النيابة العامة، كان السبب هو «الاتجار فى الأطفال وبيعهم»، اتجار باستخراج شهادة وفاة لطفل، ثم استخراج شهادة ميلاد وبيعه فى صمت!
فى نوفمبر الماضى كانت كريمة السيد الإخصائية الاجتماعية وزميلتها هالة فراج بدار الرعاية التابعة لوزارة الصحة يباشران مهام عملهما المعتاد فى الدار، دخل عليهما موظف بالمعاش، يدعى حسن عبدالغنى، 62 عاماً، عامل، وزوجته رشدية، 37 عاماً، قال إنه يرغب فى تبنى طفل وببحث حالته اتضح أنهما لا تنطبق عليهما الشروط لكبر سنه، وأخبرته الموظفتان بأن طلبه مستحيل وسيتم رفضه، ومع إصرار الأسرة على عملية الحصول على طفل بأى تكلفة وبأى ثمن، بدأ فكر الموظفتين يتغير، وخرج العجوز من الدار بعد أن ترك رقم هاتفه لإبلاغهما بأى تطورات فى الموضوع.
لم ينته اليوم حتى كانت الموظفتان قد اتخذتا قراراً بتنفيذ طلب الأسرة والحصول على مبلغ يساعدهما فى رعاية أسرتيهما، اتصلت هالة بسمسار تربطها به معرفة وأبلغته بأنه سيقوم بتنفيذ عملية تستمر أياماً سيحصل منها على 2000 جنيه نظير التقدم للدار وتبنى طفل وإعادته خلال أيام للدار مرة أخرى، وافق السمسار على الطلب واتصلت الموظفتان بالأسرة وأبلغتاهما بأنهما سيتمكنان من تحقيق حلمهما فى الحصول على طفل.
وبدأت المفاوضات مع الأسرة ووصل سعر الطفل «حاتم» لـ17 ألف جنيه حصلا منهما على مبلغ 2000 جنيه لإعطائه للسمسار وزوجته، سارت خطة الموظفتين فى الطريق المرسوم لها تماماً، وتم إنهاء إجراءات تبنى رضيع يبلغ من العمر 3 أشهر واستلمته أسرة السمسار واتفقت الموظفتان مع كاتب بقسم صحة ثان سوهاج على استخراج شهادة وفاة للرضيع الذى تبناه السمسار لإرفاقها فى ملف الطفل بالدار وإغلاق أمره نهائياً، وتمت الخطة بنجاح وتم استخراج شهادة الوفاة سريعاً وتم تسليم الطفل للأسرة الجديدة واستلام كافة مستحقاتهما المالية وقامت الأسرة باستخراج شهادة ميلاد للطفل باسمها.
الأمور اتضحت وظهرت «لعبة المتهمتين» بوضوح عندما راجعت صفاء أحمد محمد، 43 عاماً، إخصائية اجتماعية، فى 23 شهر أبريل، ملف الطفل فوجدت شهادة وفاة للطفل مما يعد مخالفة قانونية، حيث تنص اللوائح أنه فى حال وجود مكروه لطفل يتم إبلاغ الدار لتقوم بمتابعة الحالة الصحية للطفل والوقوف على الأسباب التى أدت لذلك، وباستدعاء الأسرة التى قدمت شهادة الوفاة للدار قدمت حججاً لم تكن مقنعة عن سبب وفاة الطفل، فتم إبلاغ رجال الشرطة بعد شعورهم بأن هناك شبهة فى وفاة الطفل، وبعد تحريات من رجال المباحث تم الكشف عن الجريمة كاملة والقبض على جميع المتهمين.
وباشرت النيابة العامة، برئاسة المستشار أسامة عبدالسلام، رئيس نيابة شمال سوهاج، وإشراف المستشار هانى الجوهرى، المحامى العام لنيابات شمال سوهاج، تحقيقات مطولة مع جميع المتهمين فى الواقعة، ووجهت للمتهمتين الرئيسيتين فى الواقعة «كريمة السيد وهالة فراج» تهم التحريض على تزوير شهادتى الميلاد والوفاة للطفل المباع، والتحريض على تسهيل عملية بيع الطفل وتقاضى الرشوة، والتزوير فى الأوراق الرسمية، ووجهت لمفتش الصحة تهمة الإهمال الجسيم والتزوير فى عمله عن طريق الإهمال، ووجهت للأسرة الأولى التى تبنت الطفل، وهما بهاء الدين كامل وزوجته عبير، تهم تسهيل بيع طفل وتقاضى رشوة والاشتراك فى تزوير شهادة وفاة الطفل، ووجهت للأسرة الثانية، وهما حسن عبدالغنى ورشدية محمد تهمة شراء طفل ودفع رشوة مقابل ذلك.
وأمرت النيابة العامة بحبس الإخصائيتين والأسرتين 4 أيام على ذمة التحقيقات، وأخلت سبيل مفتش الصحة بضمان مالى قدره 10 آلاف جنيه، وأمرت بضبط وإحضار كاتب بقسم صحة ثان سوهاج لاشتراكه فى واقعة تزوير شهادة وفاة الطفل.
وكان اللواء إبراهيم صابر، مدير أمن سوهاج، قد تلقى بلاغاً من صفاء أحمد محمد، 43 عاماً، إخصائية اجتماعية بمركز الطفولة «دار سلامة عبدالله لرعاية الأيتام» التابعة لوزارة الصحة، الكائنة دائرة قسم ثان، تتهم فيه كلاً من بهاء الدين كمال، 46 عاماً، سمسار، ويقيم دائرة قسم أول، وزوجته عبير صادق، 30 عاماً، ربة منزل، لقيامهما باستلام طفل يبلغ من العمر حوالى 3 شهور من الدار فى غضون شهر نوفمبر 2014 وبعد إنهاء الإجراءات بقصد التبنى والتربية على أن يقوما بإخطار الدار فى حالة حدوث مكروه له.[FirstQuote]
وأضاف البلاغ أنه بتاريخ 23 من شهر أبريل من العام الحالى تم اكتشاف أن سالفى الذكر قد استخرجا شهادة وفاة للطفل صادرة من مكتب صحة ثان سوهاج بمعرفة مفتش الصحة، مخالفين بذلك التعليمات والشروط لاستخراجهما شهادة الوفاة قبل إخطار الدار، وتم تشكيل فريق بحث قادة العميد أسعد الذكير، مدير المباحث الجنائية، والعميد محمد توفيق، رئيس المباحث الجنائية، وتم استدعاء الطبيب الفريد ألبير، 45 عاماً، مفتش صحة ثان سوهاج، وبمواجهته بالشهادة قرر أنه استخرج تلك الشهادة دون توقيع الكشف الطبى على الطفل ودون مشاهدته، وأنه حررها بالمكتب دون علمه بوفاة الطفل من عدمه.
وبتكثيف التحريات بمعرفة ضباط وحدة مباحث القسم أكدت أن كلاً من كريمة السيد، 43 عاماً، إخصائية اجتماعية بالدار، وهالة فراج، 42 عاماً إخصائية بالدار، اتفقتا مع المشكو فى حقهما على استلام الطفل من الدار مقابل حصول تلك الأسرة على مبلغ مالى 2000 جنيه مقابل رعايتهما للطفل لفترة وإعادة تسليمه لهما، وعقب ذلك قامت المتهمتان باستخراج شهادة وفاة له بالتنسيق مع عامل كاتب بالصحة نظير مبلغ مالى، وبيعه لكل من حسن عبدالغنى، 62 عاماً، عامل، وزوجته رشدية محمد، 37 عاماً، ربة منزل، ويقيمان دائرة مركز سوهاج، مقابل 17000 جنيه، واستخرجا له شهادة ميلاد تفيد أنه ابنهما وتم تقديم شهادة الوفاة للمسئولين فى الدار.