«الفقى»: ما حدث فى السعودية «انقلاب أبيض» لمصلحة العائلة والشعب
تأجيل الانتخابات مسألة خطيرة جداً.. وليس من مصلحة الدولة تعمّد التأجيل
«إشمعنى دلوقتى مش لاقيين ترزية قوانين يجنبونا شبهة التأجيل وحل البرلمان»
الرئيس غير قلق من سحب البرلمان للثقة منه لأنها مسألة «غير منطقية»
وصف الدكتور مصطفى الفقى، المفكر والمحلل السياسى، ما فعله الملك «سلمان»، خادم الحرمين الشريفين، بأنه «انقلاب أبيض» من أجل الصالح العام للمملكة، وليست العائلة فقط، مشيراً إلى أن إيران تحاول أن تفسر الأمر بأنه خلاف عائلى لتثلج صدرها بهذه الخرافات -على حد وصفه- ولتوضح للعالم أن هناك توتراً وخلافات بين أفراد العائلة المالكة، وبرر «الفقى» ظهور جمال وعلاء، نجلى الرئيس المعزول حسنى مبارك، من جديد بأنه «منطقى»، ولا يجب أن يبرر أحد ظهورهما بأنهما يريدان العودة إلى المشهد السياسى.
وأضاف «الفقى»، فى حوار لـ«الوطن»: «كنا نعامل جمال مبارك على أساس أنه الرئيس المقبل»، مؤكداً أن مبارك كان حاكماً وطنياً، لكنه أخطأ بعدم نفيه للتوريث نفياً قاطعاً، وطالب «الفقى» بمراقبة مسبقة على القوانين من خلال الفقهاء الدستوريين، وليس من المحكمة الدستورية، قائلاً: «كان لدينا دائماً ترزية قوانين يخرجون القانون مطابقاً للنص الدستورى دون أى عوار دستورى»، وأكد أن البرلمان المقبل سيحدد إدارة الدولة ويمنع الحرج عن الرئيس فى العديد من القرارات المهمة والقوانين التى تحتاج دراسة ومناقشة من نواب منتخبين، مشيراً إلى أنه باستكمال الاستحقاق الثالث ستستقر الأمور وينتعش الاقتصاد.. وإلى نص الحوار.
■ ما رأيك فى التغييرات والقرارات المفاجئة التى اتخذها الملك سلمان، ملك المملكة العربية السعودية؟
- الأسرة المالكة قررت التغيير، حيث كانت هيئة البيعة تمضى دائماً وفقاً لإرادة الملك وبترتيب للعرش، الأكبر فالأقل سناً من أولاد الملك عبدالعزيز، وبرحيل الملك عبدالله بدأ جيل الأحفاد بتعيين ولىّ ولىّ العهد فى ذلك الوقت، الأمير محمد بن نايف، ثم بعد أسابيع قليلة أمكن تصعيد هذا الجيل الثالث أكثر ليكون الملك المقبل من الجيل الثالث ويكون سلمان هو آخر أولاد عبدالعزيز فى الملك، وهذا فى رأيى يأتى بالعناصر الأكفأ، فكان على السعوديين أن يفعلوا ذلك فى هذه الظروف الصعبة، فالتحديات من كل جانب والحوثيون فى اليمن، داعش فى الشمال، ومشكلات الخليج، وإيران تلعب بأصابعها، وبالتالى فهى بحاجة إلى حاكم قوى من الشباب الأقوياء الذين يمكن أن يقودوا البلاد إلى الأفضل.[FirstQuote]
■ هل تصعيد الجيل الثالث لأول مرة بدلاً من الجيل الثانى يرجع إلى مشاكل بين أبناء الملك عبدالعزيز من «الجيل الثانى»؟
- لا أعتقد ذلك، لأنه لا توجد رؤوس كبيرة فى أبناء الملك عبدالعزيز، انتهوا بحكم التقادم فى السن، وكان آخرهم الأمير مقرن.
■ وهل ترى أن الأمير مقرن راضٍ عما يحدث؟
- أمر طبيعى، فهم يبحثون عن المصالح العليا للعائلة ويعلمون أن أى خلاف بينهم سوف يضر الجميع وسيصب فى غير مصلحة العائلة، لذلك فهم يتصرفون دائماً بوعى وقدرة على ألا يتسرب بينهم عامل للخلاف.
■ فى ظل المشاكل المحيطة والحرب فى اليمن ومحاولة إيران التواؤم مع أمريكا، ألا ترى أن التغيير فى هذا التوقيت غير مناسب وأنه يعكس تخبطاً لدى الجانب السعودى؟
- بالعكس. فهو مناسب جداً، فالتوقيت هو الذى دفع إلى ذلك، والإحساس بالجدية والمخاطر المحيطة تقتضى ذلك، فالضابط يغير جنوده أثناء المعركة أحياناً إذا أراد الانتصار، وأحياناً لا يفعل وينتظر حتى نهاية المعركة، فهى مسألة تقديرية بحتة.
■ «وول ستريت جورنال» أشارت فى أحد عناوينها إلى أن تلك القرارات أحدثت زلزالاً فى سوق النفط نتيجة هذه التغييرات.. لماذا؟
- لا أعتقد ذلك، فالعناصر الجديدة فى الحكم السعودى على صلة طيبة بالغرب والشرق، ولها صلات طيبة بدول الخليج، ولا أعتقد أن هناك هزات معينة سوف تحدث، والذين يسمونها زلزالاً ربما بسبب مفاجأة التغييرات وكثرتها: وزير خارجية جديد، ولىّ ولىّ عهد جديد، وإطاحة بولىّ عهد كان موجوداً من قبل.
■ هل تسميها «إطاحة» أم أنها «إعفاء» بناءً على رغبتهم (أقصد الأمير مقرن) كما قيل؟
- سمها كما تسميها، لكن لم يعد موجوداً.
■ وبمَ تفسر جرأة الملك سلمان باتخاذ مثل هذه القرارات الثورية؟
- يمكن أن نسميها انقلاباً أبيض إذا جاز التعبير، ولكنه من داخل العائلة ولمصلحة العائلة ولمصلحة الشعب السعودى والمنطقة، لأنه يؤكد الاستقرار.
■ وهل من الممكن أن تتأثر أمريكا بمثل هذه القرارات؟
- لا اعتقد أن أمريكا يمكن أن تعارض، لأنها تعاونت كثيراً مع الأمير محمد بن نايف فى مقاومة الإرهاب ويعرفون مكانته وقيمته وقدراته، وهؤلاء هم أفضل شباب العائلة.[SecondImage]
■ ماذا عن تقاعد أقدم وزير خارجية فى العالم، الأمير سعود الفيصل، بهذا الشكل؟
- كانت ظروفه الصحية سيئة وأجرى أكثر من جراحة وهو رجل فاضل، ورغم أنه ينتمى للجيل الثالث، جيل الأحفاد، لكنه أقرب فى السن إلى جيل الآباء وبالتالى كان لا بد أن يستريح.
■ أليس غريباً على الأسرة الحاكمة أن يأتى وزير خارجية من خارجها، وهو السفير «عادل جبير» فى ظل وجود جيل كامل منها يعمل بالدبلوماسية؟
- عادل جبير دبلوماسى متفوق، عمل فى سفارة واشنطن، التقطه الملك عبدالله وجعله مستشاراً له لفترة، ثم عين سفيراً فى واشنطن، فهو من أكثر الناس خبرة ومن الذين عملوا مع الأمير بندر، والسفير أحمد القطان، وبالتالى فعادل «خبير» وليس غريباً عن العمل وهم يبحثون عن الأكفأ، صحيح لم يكن هناك أبداً وزير خارجية من خارج العائلة لكنهم بدأوا يكسرون العرف من أجل المصلحة.
■ قال الأمير طلال بن عبدالعزيز فى «تويتة» له إنه لا بيعة تخالف الشريعة الإسلامية وهذه البيعة مخالفة للشريعة، لما أوصى به والده من أن تكون الولاية بشكل محدد ودعا لاجتماع الأسرة الحاكمة لبحث الأمر.. فما رأيك؟
- معلوماتى أن الأمير طلال لم يكن متحمساً للملك سلمان عند مبايعته، فالشعب يأتى ليبايع وتفتح القصور ويأتى الناس ليبايعوا وما أجمعت عليه الأمة فهو بيعة، والشريعة الإسلامية لم تضع شروطاً للبيعة، فالترتيب ترتيب سياسى.
■ وهل تعتقد أن هذه التغيرات نتيجة لأخطاء داخلية بعد اعتقال بعض الجماعات السعودية المنتمية إلى داعش أو المعارضة لما يحدث فى الحرب على اليمن -حسب تفسير بعض الصحف الإيرانية؟
- الصحف الإيرانية تقول ما تقول، هذه التأويلات كلها مفتعلة وليست دقيقة على الإطلاق، فلماذا لا تقولون إن محمد بن سلمان أبلى بلاءً طيباً فى الضربات الجوية فرؤى أن يتقدم الصفوف أكثر، ولماذا لا تقولون إن الأمير محمد بن نايف له تاريخ طويل وتعرض هو نفسه لعملية إرهابية من قبل ونجا منها فى حياة والده، كل هذه الأسباب تجعلنا نقول إنه قد يكون فى هذا الذى حدث إحدى النتائج الإيجابية للحرب على الحوثيين وليس العكس على الإطلاق.
■ ماذا يعنى اختيار سفير المملكة فى أمريكا تحديداً لإدارة وزارة الخارجية وهل لأمريكا شأن فى هذا الاختيار؟
- هذا تقليد فى معظم دول العالم، ألم تعلموا أن كلاً من نبيل فهمى وسامح شكرى كانا سفيرين فى واشنطن، هذا تقليد العاصمة العالمية الكبرى.
■ هل ستتأثر العلاقات المصرية السعودية بهذه التغييرات؟
- لا أعتقد، وقد بادر الرئيس السيسى بتهنئة الجميع، ونحن لا نتدخل فى الشأن السعودى ونتمنى التوفيق لهم، وأريد أن أقول إن العائلة كلها مع مصر، وهذه وصية الملك عبدالعزيز لهم.
■ لكن محمد بن سلمان وزير الدفاع وولىّ ولىّ العهد الآن، قال فى بيان له منذ أيام إننا لم نكن بحاجة للجيش المصرى فى حربنا على الحوثيين، نحن قوة كبيرة وأى جيوش هى إضافة لنا، فهل ثمة توتر فى العلاقات المصرية السعودية؟
- ربما كان ذلك رداً على بعض الكتابات الصحفية الجارحة من الجانب المصرى التى تقول إننا لا نحارب نيابة عن غيرنا، وألا ندخل حربًا أرضية فى اليمن، فهو يقول لهم «شكراً لا نحتاجكم، ولدينا القوة الكافية لذلك»، وأنا لم أقرأ مثل هذا التصريح، لكن أعتقد أن هنالك من سوف يقوم بالهجوم على مصر، ومصر أيضاً قوة إقليمية لها قيمة كبيرة جداً.
■ هل ترى أن هجوم سعود الفيصل على بوتين فى شرم الشيخ لأنه يدعم سوريا أثار حرجاً للعلاقات المصرية الروسية؟
- الخريطة الدولية الآن لها شكل مختلف، فمن الممكن أن تجد أن السعودية ومصر متفقتان على موقف معين فى قضية معينة، لكن روسيا متفقة مع مصر فى قضايا أخرى، وهذا لا يؤدى إلى خلل فى العلاقات بين القاهرة والرياض، وهنا لا يجب أبداً أن نتصور أن من لم يكن معى فهو ضدى، الحسبة دى غلط، فالعالم التشبيكة فيه الآن جديدة جداً، فيه دول تجدها معاك، وضدك فى نفس الوقت، فميش «باكدج» معاك فى كل القضايا أو ضدك فى كل القضايا.
■ ما رأيك فى محمد بن نايف كولىّ عهد؟
- شاب ذو بأس وعلاقاته قوية بأمريكا ومصر والخليج وتركيا وقطر وكل الدول، وأظن أنه ناجح من الآن فى علاقاته بأفراد العائلة.
■ وما موقف إيران من هذه التغييرات؟
- سوف تستقبلها بالتأويلات التى يتحدثون عنها، وسوف يفبركون قصصاً عن الخلافات داخل العائلة، لا بد من أن يقال ذلك، لأن من الواضح أن إيران لها أجندتها للسيطرة على مناطق معينة فى البحر الأحمر، فهى تريد أن تحيط منطقة الخليج من كل اتجاه.[SecondQuote]
■ هل ستنتهى «عاصفة الحزم» بمفاوضات، أم سيكون هناك تدخل برى يهدد بتصاعد الأمور؟
- أعتقد أنه قد يكون هناك نوع من التهدئة التى تتم بالتفاوض بشرط أن يتم التضحية بعلى عبدالله صالح لأنه أحد العناصر السيئة التى أساءت إلى التركيبة فى اليمن وأعتقد أن هناك من الحوثيين بعض العقلاء الذين يريدون أن يفتحوا باباً للحوار مع المملكة العربية السعودية بعد توقف الضربات الجوية.
■ وهل تريد إيران ذلك؟
- ليس من صالحها استمرار الحرب لأنها لا تستطيع أن تشارك فيها بشكل عملى.
■ ترددت مقولة دعوة إيران للمصالحة، فهل ذلك يرجع إلى جديتها فى تلك المصالحة أم أنها تأتى فى إطار المحافظة على دعم الحوثيين؟
- السياسة الإيرانية أحياناً تكون ازدواجية وتمضى فى اتجاهين فى وقت واحد، فهناك مسئولون إيرانيون صرحوا بعد سقوط صنعاء فى أيدى الحوثيين بأن هذه هى العاصمة العربية الرابعة التى تقع فى أيدى إيران بعد بغداد ودمشق وغيرهما.
■ نأتى إلى الشأن الداخلى لنسألك: ما رأيك فى شكل قانون الدوائر الانتخابية وما صاحبه من بعض التغييرات؟
- البعض معترض، وللأسف التقسيم جاء بطريقة أغضبت البعض وتلقيت مكالمات من عدد من الدوائر نتيجة دمجها، فكل دائرة بها دائرتان، فتم إدخال هاتين الدائرتين مع بعضهما البعض فأصبحوا 4 مقاعد، وهو أمر يصعب تفسيره، وسأعطى مثالاً عن ذلك: دائرة دمنهور وزاوية غزال، المركز والمدينة، أبناء المدينة لا يعرفون أبناء المركز والعكس، وأنا عانيت من هذا هناك، وبالتالى فالاختيارات ستكون صعبة. لماذا جرى ذلك؟!.
■ المحكمة الدستورية فى حيثيات حكمها أخذت بعين الاعتبار عدد الناخبين وعدد السكان، وتم استثناء المحافظات الحدودية مع مراعاة الاتصال الجغرافى فى نفس المحافظة، وارتباط القسم أو المركز ببعضهما، وهذا من منظور حسابى بحت، دون النظر للمعايير الأمنية. فهل يسبب خروج التقسيم بهذا المنظور الحسابى المطلق مشاكل مستقبلاً؟
- لا، فليس من مهمة المحكمة ولا اللواء قمصان أن يرضى ناخباً أو مرشحاً معيناً، فهى فى النهاية عملية حسابية تعطى لكل مواطن نفس ثقة المواطن لآخر، بحيث لا يوجد مواطن ينتخب اثنين ومواطن آخر ينتخب أربعة، ما يخلق شيئاً من التوازن فى نهاية الأمر.
■ هل ترى أن الدستور أرهق المشرع بوضع شروط ومعايير لا تتناسب مع الوضع الحالى؟
- ربما يرى البعض أن الدستور كان فضفاضاً ومريحاً.[ThirdImage]
■ كيف؟
- كل هذه عموميات، لكن تفسيرها كان من الممكن أن يكون منذ البداية لصالح ألا يحدث عوار دستورى، أنا مندهش. كيف يجلس فقهاء القانون ليتحدثوا فى قانون تقسيم الدوائر أو فى بعض البنود الخاصة لقانون الانتخابات من خلال الدستور ويحدث فشل. لماذا؟ خاصة أن بعض أعضاء اللجنة منهم من يعمل نائباً بالمحكمة الدستورية العليا، لذلك نجد البعض الآن يتحدث عن الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية العليا.
■ هل توافق على تلك الرقابة السابقة على القوانين الثلاثة للانتخابات؟
- لا، لأن المحكمة الدستورية ستكون الحَكم الوحيد فى ذلك، فهى التى تحكم، وهذا كلام خطير، فهناك مشاكل فى التطبيق يراها من يتضرر ويلجأ إلى الطعون حينما يجدها.
■ البعض يتهم الحكومة بتعمد تأجيل الانتخابات البرلمانية.. فما رأيك؟
- لا أعتقد ذلك، لأنه من صالح الحكومة أن تنتهى من الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق.
■ كيف وهى معرضة للتغيير فى حال وجود مجلس منتخب طبقاً لما نص عليه الدستور؟
- أنا مليش دعوة بالحكومة، الدولة، الرئيس السيسى، فالعالم فى الخارج لا يتعامل بالقروض ولا الإعانات ولا بالاستثمار إلا مع دولة لها برلمان وقد روجنا فى مؤتمر القمة الاقتصادى أن هناك برلماناً هذا العام، فقد جرى بعض التأجيل لكن أعتقد أن هذا التأجيل هو الأخير لأنه ليس من مصلحة الدولة أبداً تعمد التأجيل، فهذا خطير جداً.
■ ومن يدفع فاتورة تأجيل الاستحقاق الثالث من وجهة نظرك؟
- الذين لا يحسنون عملهم، إحنا طول عمرنا عندنا ترزية قوانين. إشمعنى دلوقتى لم نجد من يضبط القانون بحرفية، ألم يكن هناك قانونيون قادرون على هذا لتجنب شبهة التأجيل أو الحل للبرلمان.
■ هل أنت مع أن تقوم نفس اللجنة التى وضعت القانون الذى طعن عليه من قبل بتعديله مرة أخرى بنفس الأعضاء؟
- ربما تكون هى الأكثر قدرة، بحكم أنها هى التى صنعت الشىء لكن يجب ضخ دماء جديدة بين القانونيين بحيث يتحاشون العوار الدستورى ويناقشون كل القضايا المحتملة قبل أن تطرح على الرأى العام.
■ ما رأيك فى التحالفات الانتخابية فى ظل عدم قدرة الأحزاب على إنشاء قائمة خاصة بها؟
- التحالفات لا تتم أبداً قبل الانتخابات، بل داخل البرلمان، فالمسألة رضائية بحتة.
■ هل هذا يعنى إفلاس الأحزاب؟
- لا أراهن إلا على حزب واحد، هو الوفد، لأنه الـ«براند نيم»، هو التاريخ، وهو الاسم التاريخى المحترم والمعروف، شريطة أن يدخل فيه زخم من الشخصيات العامة، لنصنع منه شيئاً يمكن أن يؤدى إلى توازن الحياة السياسية وأن يمثل المعارضة الحقيقية، لكن حتى الآن لا يبدو أن هناك بوادر لذلك.
■ وهل لدى الرئيس قلق بشأن الأحزاب السياسية ووجود حزب سياسى كبير له كتلة برلمانية ثقيلة داخل البرلمان؟
- لا أعتقد أن هذا وارد، لسبب بسيط أن الرئيس ليس له حزب.
■ مسألة سحب الثقة من الحكومة فى أى وقت أو تكوين أكثرية فى البرلمان تشكل حكومة هل يتناسب ذلك مع المرحلة المقبلة، وهل البرلمان المقبل مؤهل لتكوين أكثرية متفقة مع بعضها البعض؟
- هناك تساؤلات: هل سيبادر البرلمان المقبل بتعديل الدستور فيما يتصل بصلاحيات الرئيس، من حيث اختيار رئيس الوزراء، وبالمشاركة مع البرلمان، بتلك الطريقة التى بها لغط كبير، أم أن الأمور سوف تظل على ما هى عليه، فإذا ظلت الأمور هكذا فإننا معرضون لأزمات برلمانية وائتلافات حكومية واختناقات دستورية كل شهر. والبرلمان المقبل سيحدد إدارة الدولة ويمنع الحرج عن الرئيس فى العديد من القرارات المهمة والقوانين التى تحتاج دراسة ومناقشة من نواب منتخبين.[ThirdQuote]
■ لو كنت عضواً بمجلس الشعب واكتسبت حق سحب الثقة من الرئيس، فهل من المعقول أو المنطق أن تسلب نفسك هذا الحق؟
- القضية ليست مصالح فردية، فقد نصل إلى لحظات معينة يسحب فيها البرلمان الثقة من الحكومة ثم تانى يوم يأتى رئيس الدولة، يقوم يحل البرلمان، وكده ممكن نخش فى دورة شريرة جداً.
■ هل ترى أن الرئيس قلق من البرلمان المقبل، حيث إن هناك مادة تستطيع أن تطيح به بعد استفتاء شعبى، وهل أخطأ واضعو الدستور بوضع هذه المادة؟
- نعم. لأنهم كانوا نظريين وحالمين أكثر من اللازم وأفرطوا فى التفاؤل بينما الواقع صعب، مسألة سحب الثقة من الرئيس لا تقلقه من البرلمان، لأنها غير عملية وغير منطقية فى مصر.
■ هل كنت تطمح فى رئاسة البرلمان. قبل أن تتراجع عن خوض الانتخابات؟
- أعتقد أنهم يفكرون فى شخصية كبيرة مثل عدلى منصور كى يكون رئيساً للبرلمان وأظن أنه قد يقبل ذلك من أجل المصلحة العامة.
■ وهل سيأتى بالتعيين؟
- ممكن.
«مبارك» والتوريث وقتل المتظاهرين
مبارك لم يتحدث عن التوريث صراحة، لكن كل التصرفات والتعاملات من خلال أعضاء الحزب الوطنى كانت تؤكد ذلك، الجميع كان يشعر بهذا، وكان «جمال» يتولى رئاسة الجلسات، وكان يعطى الأوامر للجميع ويهابه الوزراء وينفذون تعليماته، وكلامه له ألف حساب، لكن لم أسمع كلمة التوريث لا من زوجته أو نجليه أو منه شخصياً بل كانت كل التصرفات تشير إلى هذا. فقد كنا نعامل جمال مبارك على أساس أنه الرئيس المقبل، لكن مبارك كان حاكماً وطنياً، لكنه أخطأ بعدم نفيه للتوريث نفياً قاطعاً، وظهور جمال وعلاء، نجلى الرئيس المعزول، حسنى مبارك، من جديد «منطقى»، ولا يجب أن يبرر أحد ظهورهما بأنهما يريدان العودة إلى المشهد السياسى. مبارك لم يكن فاسداً بالفعل كما يردد البعض، بل إنه كان محاطاً بدوائر معظمها من الفاسدين.
وعن قتل المتظاهرين فى ثورة يناير، بادر مبارك واتخذ قراره بالتخلى عن السلطة حقناً للدماء ولم يكن أبداً داعياً لقتل المتظاهرين. فمرسى يحاكم الآن بالتخابر، فهو خائن لأنه سرب معلومات الأمن القومى الخاص بمصر إلى التنظيم العالمى للإخوان المسلمين، فقد كنا أمام طامة كبرى، وهذا ما أطاح بمرسى، فلا شىء يعلو على التخابر، وخيانة الوطن جريمة، فإذا كان هناك فساد داخلى فإنه يمكن أن يعالج، لكن الخيانة لا يعلو عليها أى جرائم، وفى النهاية الأمر أمام القضاء وله ما يرى. ومصر بها سر إلهى، لا يعرف هذا السر إلا الله، وهو الذى يحميها ويكشف من يحاول أن يتآمر عليها.