بروفايل| الساحة الحمراء.. ميدان النصر والاحتفالات في روسيا
في قلب العاصمة الروسية، وسط العديد من المباني العريقة القديمة، التي تعود لقرون عديدة ماضية، بتاريخ غني بالأحداث يضرب بجذوره في أعماق الماضي، يقبع ميدان شاهد على ما عاشته العاصمة "موسكو" من أحداث، حيث غُطيت أرضه بالمباني الخشبية والتي أزالها الملك إيفان الثالث في 1493، لكونها كانت عرضة للحرائق، ما جعله فيما بعد يصبح منطقة الاحتفالات الأولى والمقر الرسمي للعروض العسكرية والحفلات الموسيقية والأعياد الوطنية والمراسم والإعلانات العامة، والتي كان آخرها احتفالات عيد النصر الـ70 التي شهدتها الساحة الحمراء في موسكو، اليوم.
الأسطورة التاريخية.. كانت الغلاف الذي أحاط بالساحة الحمراء حيث لكل أثر به "حكاية"، فبها كاتدرائية باسل القديس ذات القبة التساعية المعقدة، وقصور وكاتدرائيات الكرملين، وعلى الجانب الشرقي للساحة يوجد المركز التجاري وبجواره كاتدرائية كازان المنتعشة، بينما في شماله يقبع متحف الدولة التاريخي، وبه العديد من التماثيل والمجسمات التي تتخذ من زواياه مكاناً كتمثال برونزي لكزما مينين ودميتري بوزهارسكاي الذي ساعد في تطهير موسكو من الغزاة البولنديين في 1612، وضريح الجندي المجهول الذي يقف شاهدًا بجانب عسكري مستعد وثابت حاملاً في يده شعلة من نار طيلة وقوفه وزمن حراسته حتى رمش عينيه لا يتحرك مهما كانت الظروف المناخية.
ضريح "فلاديمير إيليتش لينين"، مؤسس الاتحاد السوفييتي، الذي يبرز تمثاله في وسط الميدان، منذ أكثر من 85 عامًا، من أبرز ما يميِّز الساحة المربعة الشكل، الفاصلة بين قصر الكرملين "القلعة الملكية السابقة" عن المقر الرسمي لرئيس روسيا حاليًّا، كما توجد بها النقطة التي تمثل "قلب موسكو"، ويقصدها ذوو الأحلام الكبيرة من الشباب طلبًا في تحقيقها، حيث يتداول الروس أسطورة مفادها حث الشباب على قصد هذه النقطة والبوح بأحلامهم مع نثر أي مبلغ من العملة الحديدية التي غالبًا ما يلتقطها كبار السن من المعوزين.
"كراسنيا بلوشتشاد"، هو الاسم الروسي للميدان الأحمر الأكثر شهرة في روسيا وجذبًا للسياح، ورجَّح الباحثون أن أصل التسمية لا تعود إلى اشتقاقها من لون الطوب الأحمر، ولا من الربط بين اللون الأحمر والشيوعية، بل يعتقدون أن التسمية تعود إلى كون الكلمة الروسية "كراسنيا" تعني أحمر أو جميلًا قديمًا.
الميدان الأحمر.. اكتسب قيمته الاستراتيجية خلال العهد السوفييتي، بجانب كونه المقر الرسمي للحكومة وللعروض العسكرية وقتها، فكانت الحاجة لإجراء تعديلات وإفساح المجال أمام المركبات الحربية خلال العروض العسكرية والأعياد الوطنية، حيث أعيد بناء البوابات بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
وشهدت الساحة الحمراء أكبر حدثين عسكريين عالميين، الأول في عام 1941، عندما حاصر الألمان المدينة، حيث كانت القوات الروسية تغادر المكان متجهة إلى الجبهات، والثاني لموكب النصر في عام 1945، عندما أُلْقيت رايات الجيوش النازية المهزومة على ضريح لنين، ما ساهم في استمرار احتفالات النصر به.