فى مسألة الدولة "العميقة".. ابحثوا عن "القرار"
قال عدد من خبراء الاقتصاد إن الدولة العميقة تعد أكبر عائق أمام جهود مكافحة الفساد، وإنها تتمتع بشبكة علاقات قوية بمختلف المصالح الحكومية والجهاز الإدارى للدولة، فضلاً عن علاقاتها البينية، حيث إن الفساد يمثل بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت. وطالب الخبراء بضرورة اتخاذ إجراءات من شأنها تجفيف منابع الفساد وإجهاض محاولة عناصر الدولة العميقة لعرقلة جهود مكافحة الفساد، وإلغاء تعامل المواطنين مع الجهات الحكومية والاعتماد على ميكنة الخدمات، فضلاً عن إيجاد نظام رقابى صارم حول ما ينفق من الموازنة العامة للدولة.
وقال كمال بيومى، أمين اتحاد المستثمرين العرب، إن المشكلة تكمن فى أن الدولة بها 10 أضعاف ما تحتاجه من موظفين، فنجد موظفاً يعمل والباقين يتفرجون عليه، معلقاً «المرتشى يقاوم أى جهود للإصلاح، والفساد يكمن فى تعطيل مصالح أو إجراءات معقدة، وإنت محتار؛ لو سهلت الإجراءات يحصل تجاوز، ولو شددت المستثمرين يطفشوا».[FirstQuote]
وقال الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إن الدولة لم تبذل جهوداً حقيقية فى القضاء على الفساد ولا اجتثاث جذوره لأنها لم تأخذ موقفاً واضحاً بعد من كبار المحتكرين من المستثمرين: «يمكن محتاجاهم أو عايزة فلوس». مضيفاً: «التلاتين سنة بتوع مبارك يفسدوا الكرة الأرضية مش مصر بس، حيث لم يكتف بالفساد على المستوى الأعلى فأصبح أغلب المجتمع فاسداً لأن أى شىء لا يتم إلا بالفساد».
وأكد أن الاحتكار يحكم مجال مواد البناء والأغذية والأسمدة من قبل «مجموعات قلة»، وأن الحل فى إلغاء النظام الرأسمالى بطريقته الموجودة فى مصر، وإلغاء النظام الاشتراكى الذى كان سائداً أيام الاتحاد السوفيتى، قائلاً: علينا تطبيق نظام الصين الاقتصادى.
وأشار «النجار» إلى أن الجميع يشترك فى التقصير، وأن المشكلة لدى الرئيس السيسى أنه لم يحدد توجهه الرئيسى، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاستراتيجية، وقال: لم يتضح له الأمر بعد ويدير المسألة بطريقة رد الفعل، نعم الصفقات التى تعقد مع بعض الدول تثبت أنه يتحرك، خاصة أن وزارة الخارجية جيدة ونشاطها ملحوظ، لكن لا يمكن أن نطمئن إليها من خلال معرفة تفاصيلها.
الدكتور حمدى عبدالعظيم، مدير أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، قال إن جهود مكافحة الفساد أصبحت لها فعالية أكثر من الماضى، وإن حالات الرشوة والاختلاس والتربح من العمل الوظيفى والفساد الإدارى تراجعت كثيراً، كما تراجعت بدرجة كبيرة مخالفات التعامل مع المستثمرين والجمارك والضرائب، نتيجة وجود رقابة شديدة وتحسين أجور القائمين بهذه الأعمال كمأمورى الضرائب والجمارك.
وأضاف «عبدالعظيم»: بعد الثورة أصبح هناك شعور بالخوف من ارتكاب الفساد، فمحاكمات الوزراء والمسئولين الكبار فى وقائع فساد قطاع الأعمال والخصخصة والبورصة، بمن فيهم رئيس الجمهورية الأسبق فى قضايا القصور الرئاسية والبنك الوطنى وغيرها من الموضوعات التى كان مسكوتاً عنها، جعل الجميع خائفاً من التعرض للمحاكمة والسجن.
وحول سبل مواجهة تلك القوة، قالت الدكتورة علياء المهدى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن الوسيلة الأولى تكمن فى وضع معايير للأداء فى الجهات الحكومية وفى جميع المؤسسات، فضلاً عن الرقابة الصارمة.
فى المقابل، قالت الدكتورة يمنى حماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: قبل الحديث عن الدولة العميقة يجب معرفة نوع الفساد وطبيعته ودرجة تغلغله وتربيطاته الموجودة، وبالتالى فإن كل تلك العناصر هى التى تجعل هناك صعوبة فى مواجهة الفساد. مضيفة: الدولة العميقة عبارة عن مجموعات تجابه التغيير وتواجهه، ونجحت فى ذلك بعمل علاقات وتربيطات فى مصالح بينية، فضلاً عن تشابك علاقاتها مع الجهات الحكومية، ما يعطيها قوة تجهض أى مخطط للقضاء على الفساد.