محمد فؤاد: لعبة "قط وفأر" بين "الدولة والمستثمرين"
قال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادى، إن مرحلة «الغَزَل» بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ورجال الأعمال انتهت سريعاً، موضحاً أن النجاح الباهر للمؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ الذى انطلق فى 14 و15 مارس الماضى وحضره عدد كبيرمن رؤساء وزعماء العالم رغم إشراف القطاع الخاص على ترتيبه، حمل رسالة واضحة للوبى رجال الأعمال المصرى بأن البديل الأمثل له موجود، فى إشارة إلى المستثمرين العرب والأجانب الراغبين فى الاستثمار بمصر، خاصة أن القاعدة الاقتصادية تؤكد أن الفرص تخرج من رحم الأزمات، وإلى نص الحوار.
■ وكيف تؤرخ للعلاقة بين الرئيس ورجال الأعمال؟
- بدأت لقاءات الرئيس بالمستثمرين منذ بداية حملته الانتخابية وكان أبرزها لقاؤه بأعضاء اتحاد الصناعات المصرية الذى تحول وقتها لمظاهرة تأييد لـ«السيسى»، واكتفى الرئيس أثناء اللقاء بالحديث عن الأخلاقيات العامة والسلوكيات غير المقبولة، مثل التهرب الضريبى، الذى وصفه بالمحرمات، دون طرح مشكلات الصناعة الحقيقية مثل نقص الطاقة والأراضى المرفّقة والاتفاقيات التجارية بين مصر والدول الأخرى، وعجز الموازنة، وكيفية تمويلها، وعندما أسدل الستار على ماراثون الانتخابات الرئاسية وفاز السيسى بمنصب الرئيس، وبدأ الترتيب لإعادة هيكلة البيت من الداخل كما وعد خلال حملته الانتخابية، جمع الرئيس رجال الأعمال فى حفل إفطار وزارة الدفاع بفندق «الماسة» التابع للقوات المسلحة، مطلع يوليو الماضى، وحضر اللقاء عدد من أبرز رجال الأعمال المعروفين، وشهد تبادل الرؤى حول معوقات الاستثمار فى مصر، وطالب الرئيس، رجال الأعمال بالتبرع لصندوق «تحيا مصر» الذى أطلقه فور فوزه بمنصب الرئيس، وتطرق لشقين أساسيين، هما المعوقات التى تواجه رجال الأعمال، والمساهمات التى بوسعهم تقديمها لمصر فى هذه المرحلة، ولا أحد ينكر أن الرئيس كان ودوداً للغاية معهم، وطمأنهم غير مرة على مناخ الاستثمار وعدم صحة ما يساق من شائعات حول الترصد برجال الأعمال ومضايقتهم بقوانين وفرض ضرائب جديدة.
■ إذن، فأين الخلاف من وجهة نظرك؟
- فى البداية يجب أن نعترف بأن الحديث عن التبرعات جاء بشكل غير مباشر، حين قال لهم الرئيس: «أقسم بالله لو معايا 100 مليار جنيه كنت اتبرعت بيها لمصر»، وقال الرئيس نصاً: «أى مشروع هيفيد البلد هامضى عليه على طول، ومش هاستنى لا وزير ولا رئيس وزرا، أنا هامضى على طول»، وقال يومها أيضاً مداعباً رجال الأعمال: «المرة الجاية كل واحد ييجى ومعاه الفلوس اللى هيتبرع بيها»، من هنا استشعر رجال الأعمال أن الرئيس ليس بالرجل السهل.
■ وكيف تفسر مباركة رجال الأعمال للقرارات التى اتخذها الرئيس وقتها؟
- رجال الأعمال باركوا كل قرارات الرئيس، وأبدوا موافقتهم على القرارات الخاصة بزيادة أسعار الوقود وفرض الضرائب على البورصة، إلا أنهم تقدموا بعدد من المقترحات على رأسها ضرورة توجيه الحصيلة الضريبية الإضافية لتطوير العشوائيات، لأنهم أول من تأذى منها وهاجموها بعد ذلك ظناً منهم أن الرئيس سيكون فى جيبهم كغيره من الرؤساء السابقين.
■ وما تفسيرك للموقف بشكل عام؟
- هذه العلاقة من الأمور التى تثبت فى بداية الأمر أن الرئيس لم يرد تغيير السياسات، فرجال الأعمال فى العالم يؤدون ما عليهم من خلال الضرائب التصاعدية التى تصل فى بعض دول أوروبا وأمريكا إلى 65%، وهذا الأمر المتعلق بضرورة تبرع رجال الأعمال غير منطقى، فلا يجوز أن تحل «الحسنة وأعمال الخير» محل السياسة، هذا سيعيد دولة رجال الأعمال من جديد، وهو ما يجعل التصادم بين الطرفين يطل على استحياء، وهو أيضاً ما دفع «بعض رجال الأعمال» إلى رفض مسألة التبرعات وتفسيره بأن الموضوع حرية شخصية.
عداء أو خصومة
لا يمكن تصور وجود عداء أو خصومة بين رجال الأعمال والرئيس، فكلاهما يحتاج الآخر، والدولة بقوة القانون هى الطرف الأقوى فى أى علاقة، و«السيسى» لا يسعى لمنازلة رجال الأعمال ولا غيرهم، بل يسعى لخلق مزيد من فرص الاستثمار بما يخدم مصالح المستثمرين الساعين إلى مزيد من الأرباح ويحقق مصلحة البلد فى القضاء على البطالة، لكن مع نجاح المؤتمر الاقتصادى الذى تم إسناد ترتيبه إلى القطاع الخاص، استطاع الرئيس أن يرسل رسالة واضحة لرجال الأعمال المصريين، وهى «إن بديلكم موجود»، حتى لا يستطيعوا لى ذراعه عبر وقف الاستثمارات الجديدة. وأرى أن العلاقة بينهم هى لعبة تبادل سلمية بين قوتين تعرفان بعضهما البعض جيداً، وإذا كنا أمام قوانين فبديهى ورغم التوترات بين الرئيس وجماعات الضغط من رجال الأعمال فإن الرئيس امتص مراوغة أصحاب الأعمال، وأصدر قرارات كانت مفاجئة لهم ورغم مباركتهم للقرارات وقت الغزل هم أنفسهم من أعلنوا رفضها، فالرئيس يرى المواطن لكن رجال الأعمال لا يرون سوى الأرباح.