بروفايل| مجلس الشيوخ الفرنسي.. قبة العدالة
منذ بناءه، لم يكن قصرًا عاديًا، فاختارت ماري دو ميديسيس والدة الملك لويس الثالث عشر، تشيده بدقة في قلب العاصمة الفرنسية، عام 1620، وطعمته بأجمل المشاهد من فن العمارة بأسطحه المائلة المميزة، وحديقته الوحيدة المصممة على طراز عصر النهضة الباقية في باريس، فضلًا عن المنحوتات الأثرية التي أبدعها المعماري الفرنسي سالومون دي بروس، حتى الثورة الفرنسية، التي حولت قصر لوكسمبورغ إلى مقرًا لمجلس الشيوخ في 1879.
وفي ثاني أيام زيارته لفرنسا، يلتقي رئيس الوزراء إبراهيم محلب، اليوم، أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بمجلس الشيوخ الفرنسي، في أول زيارة له، الذي يتألف من غرفتين، المجلس الوطني ومجلس الشيوخ، حيث يفحص المجلسين نصوص القانون فيحسن ذلك جودته وتيسر خبرة أعضاء مجلس الشيوخ إثراء نصوص القانون.
يعمل في المجلس 1000 شخص، من بينهم 331 عضوًا، يساعدهم موظفين عموميين ومساعدين برلمانيين، ومجلس الشيوخ هو مجلس برلماني مستقل بذاته، ينتخب على القانون الصادر عن الحكومة أو عن مبادرة برلمانية، من خلال الإجراء التشريعي، فكل نص يودع لدي المجلس يُفحص من طرف إحدى اللجان الدائمة الـ6، أو من طرف لجنة استثنائية، قبل أن يدرس أثناء جلسة علنية، ويبدي المجلس رأيه تجاه كل تعديل دستوري ويراقب عمل الحكومة، ويلعب دورًا بارزًا في البرلمان كممثل للجماعات المحلية "بلديات، ولايات، جهات".
يُنتخب أعضاء مجلس الشيوخ، وعددهم 348، عن طريق الاقتراع العام غير المباشر لمدة 6 سنوات، ويُنتخب رئيس مجلس الشيوخ لمدة ثلاث سنوات عقب كل تجديد للمجلس، يمثل الرئيس مجلسه ويوجه المناقشة، والرئيس الحالي له هو "جيرارد لارشيه"، البالغ من العمر 65 عامًا، وكان مرشح الحزب اليميني "الاتحاد من أجل حركة شعبية" في أكتوبر 2014، وفاز بأغلبية الأصوات في الدورة الثانية من الاقتراع، ويترأس المكتب التنظيمي بالمجلس جهاز جماعي مؤلف من 25 عضو يتخذون كل القرارات المهمة الخاصة بتسيير مجلس الشيوخ.
لم يقتصر اهتمام مجلس الشيوخ الفرنسي على الشؤون الداخلية للبلاد فقط، بل امتدت لمختلف دول العالم، حيث حظيت القضية الفلسطينية لديه باهتمام شديد خاصة بعد أن صوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، واعتبره عضو المجلس جيلبير روجيه هو الخطوة الأولى لعلاقة متساوية بين القدس، وتل أبيب، وهو ما دفع الخارجية الإسرائيلية إلى استنكار هذا التصويت قائلة: إنه "يتعارض مع إمكانية التقدم باتجاه السلام ويبعث رسالة سيئة للفلسطينيين الذين لا يرغبون في التفاوض" العام الماضي.
تجريم إنكار تركيا "لإبادة الأرمن" خلال الحرب العالمية الأولى في عام 1915، كان أحد أهم المواقف المشهود لها في مجلس الشيوخ الفرنسي، بيناير 2012، ما أغضب أنقرة ودفعها إلى سحب سفيرها في باريس للتشاور وتعليق التعاون السياسي والعسكري بين البلدين.
يُعد قبلة للرؤساء والوزراء والشخصيات المهمة خاصة العرب، حيث ليست زيارة المهندس إبراهيم محلب هي الأولى من نوعها، فسبقه رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي، عقب توليه الحكم، مستعرضًا الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، لافتًا إلى أن المكاسب التي حققتها تونس لا يجب أن تحجب حجم المخاطر القائمة والتي يمكن أن تعرقل مسار انتقالها الديمقراطي.
كما زراه باحث العلاقات الدولية الأمير سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان آل سعود، احتفالًا بمتانة العلاقات بين البلدين في عام 2013، في لقاءً هو الأول من نوعه في تاريخ البلدين ويعقد داخل أروقة مجلس الشيوخ، متناولًا العلاقات السعودية الفرنسية.