هدى بدران: 3 إلى 4 حالات اغتصاب للأطفال يومياً بالمدارس
قالت الدكتورة هدى بدران، رئيس الاتحاد النوعى لنساء مصر، إن 1000 حالة اغتصاب للأطفال ذكوراً وإناثاً، تم تسجيلها فى الفترة ما بين يناير وأكتوبر من عام 2014، مشيرة إلى أن الحالات غير المسجلة تصل إلى أكثر من 3000 حالة سنوياً، مؤكدة أن تراجع دور المدرسة فى التربية مؤشر خطير، لأن دورها كان فى الماضى مكملاً لدور الأسرة، وطالبت بضرورة الكشف النفسى والاجتماعى على العاملين بالمدارس، خاصة الابتدائية منها، لردع هذه الانتهاكات الجسدية والمعنوية التى يتعرض لها الأطفال.
■ هل صحيح أن حالات التحرش سجلت ارتفاعاً ملحوظاً بعد ثورة 25 يناير؟
- نعم، وقد تم استغلال النساء جنسياً من قبل الجماعات الدينية أثناء المظاهرات، وظهر ما يعرف «بجهاد النكاح» ما أدى لزيادة حالات التحرش والعنف الجنسى ضد المرأة.
■ ولماذا يختار المتحرش الفتيات صغيرات السن لتنفيذ جريمته؟
- المتحرش يختار المرأة فى أضعف حالاتها وهى «الطفلة» أو «الفتاة صغيرة السن»، لأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها، كما أن الاعتداء على الفتيات الصغيرات هو إجرام وعدوانية، لأن الطفلة لا يمكنها رد الاعتداء عن نفسها، والمصيبة أن الضرر يقع على هذه الطفلة وليس الشخص المسئول عنها.
■ وما العوامل التى أدت لهذه الزيادة المطردة فى عدد الحالات المعرضة للتحرش؟
- هناك ثقافة سائدة تركز على جسد الأنثى، وأنه مصدر لغواية الرجل، وأن الرجل ضعيف لا يتحمل هذه الغواية، بالإضافة إلى فتاوى بعض المشايخ غير المسئولين بأن الفتاة يمكن أن تتزوج فى سن مبكرة وهى طفلة، وتستطيع الزواج والجماع قبل المحيض، كما أن الإعلام يركز على الانحرافات الجنسية للمرأة، ويظهرها أنها امرأة لعوب فى معظم الأفلام، ولا يقدم النماذج الناجحة من النساء، والدليل أن إحدى القنوات نظمت مسابقة للرقص الشرقى، فهل هذه هى قضايا المرأة التى يجب التركيز عليها من الإعلام؟
■ برأيك ما طرق علاج هذه الظاهرة؟
- بدأنا بالإعلان عن تنظيم حملة «متخافيش» لتوعية الفتيات بضرورة الإبلاغ عن تعرضها للتحرش، لأن عدم الإبلاغ يؤدى إلى إفلات الجانى من العقاب، كما أن الفتاة يجب أن تعى أن «لمس» أى شخص غريب لجسمها هو جريمة، و«المتحرش بيقول للبنت متقوليش واحنا بنقولها متخافيش واصرخى عشان نكتشف الجانى، حتى لو قلتى للمشرفة لازم تقولى لماما ولازم تقولى للأسرة».
وهناك قوافل فى كل المحافظات والأقاليم بتتكلم عن التحرش الجنسى الذى تتعرض له الفتيات وكيفية حدوثه من خلال أفلام وثائقية لتوعيتهن.
■ لماذا طالبتِ بعمل اختبارات نفسية للمعلمين؟
- طالبت وزارة التربية والتعليم بعمل اختبارات لأى شخص يريد أن يعمل مدرساً للأطفال، فيجب أن يملأ استمارة نفسية قبل أن يدخل إلى المدرسة، ومن خلال ردوده على أسئلة هذه الاستمارة يمكن معرفة ما إذا كان هذا الشخص لديه استعداد للانحراف أم لا، ومن الممكن إجراء مقابلة من خلال إخصائى اجتماعى ونفسى، ولا بد أن يتم اختبار للمتقدم للوظيفة قبل أن يقبل، ويطبق ذلك على الفراش والناظر والمفتش والمدير، لأن أى شخص يتعامل مع الطفل يجب أن يكون سوياً 100%.[FirstQuote]
■ هل الأرقام التى ذكرتها صادرة عن الاتحاد النوعى لنساء مصر؟
- لا مش احنا اللى حصرنا العدد بل هذه إحصائيات رسمية صادرة عن المركز القومى للطفولة والأمومة، وهو جهة رسمية قامت بالحصر من خلال الشكاوى من خلال الخط الساخن بعد اغتصاب الفتيات وتعرضهن للموت أو القتل كى يتخلص الجانى من جريمته، كما حدث مع الطفلة «زينة».
■ ما رأيك فى تخفيف الحكم على المتحرش؟
- هناك مساحة للقاضى لتخفيف الحكم واستخدام روح القانون، لكننا نرجو تغليظ العقوبة على المعتدى لكن الحكم بإعدامه ليس الحل، فالقانون وحده لا يكفى لحل المشكلة، فلا بد أن نفهم من أين يأتى السلوك الإجرامى الذى يدفع بشخص بالغ لاغتصاب طفل، فالمسألة لا تتعلق بالاحتياج الجنسى وإنما بالعدوانية والرغبة فى الانتقام من مجتمع، فحينما يقع الاغتصاب داخل مدرسة فذلك أمر صادم.
■ هل هناك علامات مموهة يختفى وراءها المعتدى؟
- أحياناً يكون الشخص الذى يعتدى على الطفل أو الطفلة سلوكه لا ينبئ بارتكابه لهذا الجرم، فهو يتودد للأطفال ويظهر أنه شخص مؤدب حتى لا ينفروا منه.
■ برأيك هل هناك اهتمام من وزارة الداخلية للحد من التحرش؟
- فى فترة ما بعد ثورة يناير حصل اهتمام من وزارة الداخلية بمكافحة العنف ضد المرأة، وأنشأت الوزارة وحدة خاصة لمكافحة العنف ضد المرأة، بالإضافة لتوفير خط ساخن لتلقى الشكاوى.
■ لماذا رفعتِ شعار أن الأطفال «ميعرفوش يكدبوا» فى حملتك؟
- للرد على المجتمع الذكورى الذى يتنصل من هذه المشكلة بأن يلقى اللوم على الأطفال بأنهم يكذبون، والبعض يردد أن ذلك «خيال أطفال» لكنى أرد عليهم بحسم بأن الأطفال ميعرفوش يكدبوا، وأن خيال الأطفال يأتى من المشاهد التى اختزلها عقلهم الباطن، والطفل لما بيحكى اللى حصل له يكون ذلك نتيجة للمعاناة النفسية والصدمة التى تعرض لها.
■ هل توجد علامات تكشف للأم تعرض ابنتها للتحرش؟
- هناك علامات تظهر على البنت بأن تكون مضطربة وغير عادية، ويحدث تغيير فى سلوكها وشعورها بأنها مهددة، بالإضافة إلى العلامات المادية فى جسدها مثل الألم والنزيف، لذلك يجب الكشف السريع والمبكر على أجزاء جسدها، ومن الضرورى أن تكون الأم على علاقة جيدة مع ابنتها لأن الاكتشاف السريع لهذه الجريمة مهم جداً.
■ ما رأيك فى عرض الطفلة التى تعرضت للتحرش على الطب الشرعى؟
- أرفض ذلك، لأنها ستظل تعانى من ملاحقة الثقافة المجتمعية السلبية لها، وأطالب بوجود مؤسسة حكومية كالعيادة النفسية تراعى نفسية الطفلة المتحرش بها وأسرتها، وهذه العيادات النفسية اختفت من المدارس، كما أن عرض الطفلة على الطب الشرعى يحتاج لتغيير فى الثقافة المجتمعية التى تلقى باللوم على الطفلة لحد لما تكبر.
■ وما رأيك فى الدعوات الأخيرة بترخيص الدعارة وتقنين الحشيش والإلحاد؟
- هذه أحد العوامل التى ساعدت على زيادة التحرش والعنف ضد المرأة، وكان زمان فيه حرية وكانت الفتاة ترتدى ما يحلو لها، لكن عندما بدأ التركيز على جسدها «وقولنا غطيه» حدثت جرائم التحرش.
وأعتقد أننا نحتاج إلى اجتهاد حقيقى فى الدين يهتم بعلاقة الذكر بالأنثى، لأنها ليست علاقة عدوانية بل علاقة تكاملية، ولا يمكن النظر للأنثى على أنها مصدر للشهوة والإنجاب فقط، بل هى إنسانة وكتلة من المشاعر، كما أن الثقافة المصرية تعانى الآن من حالة من الفصام والـ«شيزوفرينيا» فالطفل يأتى من الرجل والمرأة، واستمرار البشرية جزء كبير منه هو جسد المرأة. وعندما كانت مسالك الثقافة فى الماضى محترمة، كانوا «يؤلهون» جسد المرأة، ويعتبرونها «إله الحياة».[SecondQuote]
■ وما السبب برأيك فى حدوث هذا الفصام؟
- السبب هو الثقافة الوهابية الوافدة من شبه الجزيرة العربية التى تعانى من الازدواجية فى نظرتها للمرأة وعدوانيتها تجاهها، وهى ثقافة تخلط فى تعاملها مع المرأة على المستوى اللفظى برومانسية شديدة، ويردد أنصارها أن المرأة نصف المجتمع، والجنة تحت أقدام الأمهات، فى الوقت الذى يتعاملون هم أنفسهم مع المرأة على المستوى الفعلى بعدوانية وتشويه لجسدها بختانها وهى صغيرة، ويرددون مقولة أن النساء ناقصات عقل ودين، وهذه الثقافة أعادتنا لعصور الجاهلية.
■ ما رأيك فى دعوة شريف الشوباشى لخلع الحجاب؟
- صحوة سياسية للمرأة المصرية، و«صفعة» على وجه الإخوان والسلفيين، خاصة أن هؤلاء يركزون على تغيير الثقافة من خلال «اللغة والزى»، وهذا ما قاله عصام العريان أحد قياديى الإخوان: «أن بداية حكمنا لمصر بالحجاب» فأهداف هذه الحركات ليس دينياً أو دعوياً بل سياسى.
كما أن هؤلاء يحاولون تغيير مفاهيم الهوية الثقافية للمجتمع المصرى كى يتلاءم مع حلم «دولة الخلافة»، الذى بدأوه بفرض الحجاب وانتشار بعض الشعارات، مثل «أختى المسلمة» و«الحجاب فريضة»، وساعدتهم على ذلك نسبة الأمية المرتفعة بين صفوف النساء التى تعدت 50%، وتمادى البعض فى ادعاء أن الحجاب فرض دينى، وحجة الفتيات اللاتى خلعن الحجاب فى الفترة الأخيرة هى رفض مفهوم التعامل مع المرأة على أنها جسد يجب تغطيته، وبعض الفتيات خلعن الحجاب قبل دعوة «الشوباشى»، كى يثبتوا أنهم ليسوا «إخوان»، وهى صحوة مضادة للفكر الوهابى.
■ هل تؤمنين بأن ارتداء الحجاب أمر يخضع للحرية الشخصية؟
- نعم، فالحجاب حرية شخصية وليس فرضاً دينياً كما ادعى البعض، وبعض المشايخ اتخذوا من الدين الجانب الشكلى فقط، دون التطرق إلى الحديث عن السلوكيات، وكان يجدر بنا أن نركز على القضايا التى تهم المرأة كالفقر والعمل والزواج وليس ملبسها وجسدها فقط.
■ ما رأيك فى حجاب الطفلة؟
- دليل على حالة الانفصام والفوضى الخلاقة والخلل الفكرى والأخلاقى، فالحجاب ليس هو القضية الرئيسية للمرأة، فيجب الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية السليمة وتعليم الفتاة وتوفير الجو المناسب لتكون ناضجة والتركيز على الدين المعاملة والسلوك والتصرفات والأخلاق للفتيات، لأنهن أمهات المستقبل وهناك أشكال مستفزة للحجاب.
■ ما رأيك فى دور وزارة التربية والتعليم؟
- صمت وزير التربية والتعليم عن حوادث الاغتصاب داخل المدارس كارثة، أين رد فعل الوزير والأطفال يتعرضون للتحرش والاغتصاب داخل الفصول كل يوم؟ فبدلاً من اهتمام الوزير بالمناهج والكتب والمدارس والفصول، كان حرياً به أن يهتم بالبشر وببناء الإنسان لأنه الأهم، وذلك سيظهر الخلل فى منظومة التعليم المصرية كلها، بدءاً من المعلمين وخريجى كليات التربية والإدارات التعليمية التى تتقاعس عن دورها فى الإشراف على المدارس.
■ ولماذا يبدع المصريون خلال عملهم فى الخارج؟
- لأن الكفاءات المصرية تهرب إلى الخارج، ومعظم العلماء المصريين والباحثين يعملون فى أكبر جامعات على مستوى العالم وفى أكبر مراكز بحثية فى أمريكا وأوروبا والدول العربية والأفريقية، ونحن فى مصر لا نستغل هذه القدرات الهائلة من البشر ولا نعطيهم الفرصة، ما يؤدى إلى هجرتهم. ولأن مصر فى أشد الحاجة إلى المتخصصين فى جميع المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، ويمكن الاستعانة بتجربة السلطان قابوس سلطان عمان فى التواصل مع الكفاءات وتقديم الدعم لهم.
■ وما رأيك فى آراء الباحث إسلام بحيرى؟
- يجب أن نسمح له بالإدلاء بآرائه ونرد عليه بالحجة والمنطق وليس بالتكفير، «خلّوا الناس تفكر فى الكلام اللى بيقوله».[ThirdQuote]
■ وماذا عن تجديد الخطاب الدينى من جانب الأزهر الشريف؟
- أطالب مؤسسة الأزهر بتقديم «خطاب دينى بديل» يصحح مفهوم علاقة الذكر بالأنثى على أساس أنهم متكاملان، والقضاء على فيروس التعصب وثقافة العدوانية، والتركيز على ثقافة الصدق والأمانة من خلال تشجيع الاجتهاد فى الدين وإرسال بعثات إلى الخارج، لأن الدين مصدر مهم من مصادر الثقافة.
■ وما رأيك فى مطالبة بعض الفتيات بالتجنيد من خلال حملة «مجندة مصرية»؟
- لا يوجد اعتراض حقيقى على فكرة تجنيد الفتيات، ولكن لا بد من دراسته بشكل متعمق، وما إذا كان سيتم بشكل إجبارى أم لا، كما يجب التأكد من أسباب ذلك وهل عدد الجيش لا يكفى كى ندفع بالفتيات للتجنيد، فالحرب الحالية لا تعتمد على حجم الجيش بقدر ما تعتمد على استخدام الأسلحة المتطورة.
■ سبق أن قلتِ إن الفتيات إذا أردن العمل كمتطوعات لماذا لا يتطوعن كممرضات؟
- بالفعل فإذا كانت هناك رغبة من بعض الفتيات لخدمة الوطن لماذا لا يشاركن ويتطوعن «كممرضات»، خاصة أن وزارة الصحة تعانى من نقص شديد فى عدد الممرضات، إلى جانب أن هناك بعض المنظمات الاجتماعية تطلب متطوعين من الفتيات ولا تجد.
■ ما رأيك فى استغلال تنظيم «داعش» الإرهابى للنساء؟
- هذا التنظيم يقوم بعمليات غسيل لعقول النساء لأنهن يحملن الثقافة، ويركز على الفقيرات منهن، ويستغل حاجتهن المادية، كما فعلت تيارات الإسلام السياسى فى مصر مؤخراً، ما أدى إلى تزعم الفتيات للمظاهرات فى جامعة الأزهر واندلاع أحداث إرهابية وفوضى بينهن وبين أجهزة الأمن.
■ برأيك لماذا تُستبعد النساء من مواقع صنع القرار؟
- لأن الثقافة الذكورية تحرم المرأة من التعليم وتستبعدها لأنها تراها فى المرتبة الثانية بعد الرجل، وأنها ناقصة عقل ودين.
■ وما دور الاتحاد فى مساعدة النساء للوصول إلى المناصب القيادية؟
- وضعنا توصيات محددة بشأن زيادة التنسيق بين الجمعيات الأهلية والمجلس القومى للمرأة، بهدف رفع معدل وصول المرأة إلى المناصب القيادية، ونشر ثقافة مجتمعية تؤمن بالمساواة بين الجنسين، وتنقية القوانين من التحيز ضد المرأة، وبخاصة قوانين الأسرة والأحوال الشخصية.
■ هل أنتِ قلقة على مستقبل المرأة خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- ما يقلقنى محاولة الفلول العودة للعمل السياسى، والدخول فى الاستحقاق الانتخابى المقبل، وخاصة الأغنياء الذين يتعدى إنفاقهم على حملتهم الانتخابية «5 ملايين جنيه»، وهل ستستطيع النساء الصمود أمام هذا الإنفاق الهائل من الملايين؟
■ ما دور الاتحاد النوعى لنساء مصر فى الانتخابات المقبلة؟
- سنقدم المساعدات للنائبات المختارات ليقمن بدورهنّ على أعلى مستوى من الكفاءة، بعد نجاحهن فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسيساعد فى إعداد مسودات القانون، ودعمهن بالمعلومات الحقيقية المبنية على الدراسات لتمكينهن سياسياً.