معهد كندى يكشف: تنظيم داعش الإرهابى صنيعة أمريكية
نشر معهد «جلوبال ريسيرش» الكندى للأبحاث، أمس، تقريراً أكد فيه أن قوات التحالف الدولى تحاول أن تظهر حالياً كما لو أنها تقاتل تنظيم «داعش»، مضيفاً: «هذا يحدث رغم وضوح مساهمة دول التحالف فى صعود التنظيم بهدف عزل الرئيس السورى بشار الأسد، ومحاولة الحد من زيادة النفوذ الإيرانى». وتابع المركز الكندى، فى تقرير له، أنه «منذ أغسطس 2012 فإن قوات التحالف عرفت تماماً أن (تنظيم القاعدة فى العراق) و(داعش) مع بعض الجماعات التابعة لهما، سيطروا على المعارضة السورية».
وأشار التقرير إلى أن «الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا على علم أن تنظيم القاعدة فى العراق يعانى تراجعاً بين عامى 2009 و2010، ومع هذا تم إحياؤه من جديد بسبب الثورة فى سوريا، وواصلت الولايات المتحدة وحلفاؤها تقديم المساعدات والأسلحة والتدريب لتلك الجماعات المتطرفة، رغم تفاقم جرائمها البشعة ضد الإنسانية، باعتبارها أصولاً استراتيجية ترتكز عليها أهداف جيوسياسية فى المنطقة».
وتابع المعهد: «لم يكن تزايد نفوذ (داعش) متوقعاً فحسب، بل كان هدفاً للقوى التى تدعم المعارضة السورية الطائفية بهدف مواجهة (الأسد) واحتواء إيران، وعلى الرغم من حقيقة أن صعود (داعش) ستكون له عواقب وخيمة بالنسبة للعراق، بما فى ذلك سقوط الموصل والرمادى، استمر الدعم من قبل الولايات المتحدة للمعارضة السورية، ما يجعلنا نستنتج أن سقوط الموصل والرمادى كان إما هدفاً مباشراً، أو نتيجة غير مباشرة لتلك القرارات السياسية».[FirstQuote]
وعرض التقرير وثيقة لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA)، تتكون من 7 صفحات، يعود تاريخها إلى أغسطس 2012، نشرت مؤخراً بسبب قانون حرية المعلومات، تنص على أن «المعارضة السورية كانت فى ذلك الوقت تتخذ اتجاهاً طائفياً واضحاً، وأن السلفيين والإخوان والقاعدة هم القوى الرئيسية الدافعة للتمرد فى سوريا». وتوقعت الوثيقة أن يشكل العنف ذلك جواً مثالياً لعودة تنظيم القاعدة فى العراق إلى سابق عهده وإلى مراكزه فى الموصل والرمادى، وربما يعلن قيام «الدولة الإسلامية» من خلال اتحاده مع منظمات إرهابية أخرى فى العراق وسوريا، وربما يوحد المسلمين السنة فى العراق وسوريا وربما فى باقى الدول العربية لقتال من يعتبرونهم عدواً مشتركاً أو منشقين، وهذا سوف يشكل خطراً كبيراً على وحدة أراضى العراق.
وأضاف التقرير أن «داعش العراق دعم المعارضة السورية من البداية، وكان يعانى من انحدار خلال سنوات 2009 و2010، ومع ذلك، وبعد زيادة الاضطرابات فى سوريا، بدأت القوى الدينية والعشائرية تتعاطف مع الانتفاضة الطائفية. وعلى الرغم من هذه الحقائق، كان الغرب ودول الخليج وتركيا هم الذين دعموا المعارضة، فى حين دعمت روسيا والصين وإيران النظام السورى».
وتابعت: «هناك إمكانية لإقامة إمارة سلفية معلنة أو غير معلنة فى شرق سوريا»، وهذا بالضبط ما حدث فى السنوات التى تلت 2012 مع إعلان «الدولة الإسلامية». وتابع المعهد: «مع ذلك لم يكن هذا احتمالاً، بل هو بالضبط ما أرادته القوى التى تدعم المعارضة السورية من أجل عزل النظام السورى، الذى يعتبر العمق الاستراتيجى للتوسع الشيعى فى إيران والعراق بوصفهما جزءًا لا يتجزأ لهذا التوسع، ويقال إن القوى الداعمة للمعارضة هى الغرب ودول الخليج وتركيا. وتابع التقرير أن الافتراضات المستقبلية للأزمة هى أن النظام السورى لن يسقط، وأن الأحداث الحالية تشير إلى حدوث حرب بالوكالة بين إيران وروسيا والصين من جهة، والغرب والخليج وتركيا من جهة أخرى، وعلاوة على ذلك، فإن التقرير يتوقع بدقة سقوط الموصل والرمادى.
وقد صنفت هذه الوثيقة بأنها «سرية» وتم توزيعها على وزارة الأمن الداخلى ووزارة الخارجية ووكالة استخبارات الدفاع والمباحث الفيدرالية والمخابرات المركزية ووزير الدفاع ووزير الخارجية والقيادة المركزية ووكالات أخرى، ومع أن التقرير هو تقرير معلومات مخابراتى، وليس تقييماً للتقرير نفسه، فقد تمت الموافقة عليه قبل التوزيع. وأوضح تقرير المعهد الكندى أن التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، قد دعم باستمرار قوات معارضة عُرف أن المتطرفين الطائفيين يهيمنان عليها، وكذب فى وصفها بأنها معارضة «معتدلة» والتحالف كان يعرف أن هذا الدعم من شأنه أن يؤدى إلى إقامة «الدولة الإسلامية»، لكنه استمر فى تقديم الدعم من أجل إضعاف الأسد والحد من النفوذ الإيرانى، وأشار إلى أنه حتى فى حالة غياب وثائق خاصة بالتواطؤ، فإن تصاعد نفوذ «داعش» يعتبر نتيجة طبيعية ومتوقعة للمساعدات المستمرة للمعارضة الطائفية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وينبغى أن نستنتج أن غرضهم هو دعم «داعش».
وعلاوة على ذلك، فإن الوثيقة تحدد العراق كمركز للشيعة وللتوسع الإيرانى، فى حين تتنبأ بدقة بسقوط كل من الموصل والرمادى على أيدى المتطرفين، وبالتالى الحد من هذا التوسع، وكل ذلك يؤدى إلى استنتاج مفاده أن مكاسب «داعش» الأخيرة فى كل من هاتين المدينتين لا تعارضه الولايات المتحدة وحلفاؤها فقط، بل يتمنونه، وبالنظر إلى أن سقوط الموصل والرمادى كان نتيجة طبيعية ومتوقعة، ونظراً كذلك إلى الشكوك الكبيرة المحيطة بسقوط المدينتين، لذلك يجب أن يفهم أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد أرادوا بشكل مباشر أو غير مباشر سقوط المدينتين.
ونقل التقرير عن المحلل السياسى الشهير، نعوم تشومسكى، قوله إن «الجيش العراقى هو جيش قوى حارب الإيرانيين وانتصر عليهم بدعم أمريكى وكذلك كان هناك 350 ألف عسكرى عراقى تم تدريبهم على يد الأمريكيين لمدة 10 سنوات، واجه بضعة آلاف من الجهاديين المسلحين تسليحاً خفيفاً فى الموصل، لكن الشىء الأول كان هروب جميع القادة، ثم هروب جميع القوات، تاركين أسلحتهم وراءهم. ودخل الجهاديون إلى الموصل ثم انتشروا فى أماكن متعددة فى العراق، واعتبر «تشومسكى» ما حدث ظاهرة مدهشة تعنى الكثير».
وتابع التقرير: «علاوة على ذلك تفككت القوات المسلحة العراقية التى هربت بإمرة قياداتها على حد وصف أحد الجنود، الذى أشار إلى أنه قبل سقوط الموصل أمر الضابط العراقى جنوده بوقف إطلاق النار، وتسليم أسلحتهم للجهاديين، وخلع زيهم العسكرى، والخروج من المدينة». كما أوضح التقرير أنه تم ببساطة تسليم الموصل من قبل جيش ذى قتالية عالية مكون من 350 ألف فرد إلى لواء مسلح تسليحاً خفيفاً يقترب عدده من 1300 من الإسلاميين، وأمر ضابط الجيش مرؤوسيه بترك أسلحتهم إلى «الجهاديين» والفرار، وهذا يطرح سؤالاً: هل كانت الولايات المتحدة والتحالف يرغبان فى سقوط الموصل من أجل عزل العمق الاستراتيجى للتوسع الشيعى فى العراق؟ وهل صدرت تعليمات من قبل مستشارين عسكريين غربيين لكبار القادة العراقيين لتسليم المدينة لإرهابيى داعش؟ وهل تعاون القادة مع «داعش»؟.