بيت الحمبولى.. نساء بلا رجال
جاء مقتل أحمد حمزة الملقب بخط الصعيد بمثابة النهاية لأسطورة «الحمبولى» فى محافظة الأقصر، خاصة أنه زوج شقيقته وذراعه اليمنى الذى كان يعتمد عليه فى رعاية أسرته وتوفير احتياجاتها، ليخلو منزل الحمبولى بوفاة صهره من الرجال، بعد وفاة ثلاثة من أزواج شقيقاته الذين كانوا يعملون معه، والحكم على زوج الرابعة بالإعدام، بالإضافة للقبض على شقيقه الأصغر «حمادة» 18 سنة، واعتقال ابنه الأكبر «حشمت» 13 سنة.
«أخويا ياسر كان فاتح بيوت كتير، وكان بيستلف علشان يخفف عن الناس المحتاجة» تصر جيهان الحمبولى على تبرئة ساحة شقيقها من كل التهم الموجهة إليه لأنه -من وجهة نظرها - كان بمثابة الفارس الذى يلجأ إليه المحتاجون، لا تنكر قيامه بقطع الطرق وأخذ سيارات محملة بالبضائع من أصحابها وممارسة بعض أعمال الشغب والبلطجة، ولكنها تعود لتؤكد أنه كان يقوم بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين دون أن يدخر شيئاً منها لمنزله «لأن بيتنا كان فيه خير كتير ومكانشى ناقصنا حاجة».
تصمت عن الحديث قليلاً، ثم تشتكى من الوحدة التى أصبحت تحيط بها وشقيقاتها الأربع وأطفالهن، بعد أن كان منزلهم الأشهر فى الوجه القبلى كله، حسب تعبيرها، «أصبحنا نغلق أنواره بمجرد غروب الشمس بعد القبض على ياسر وخلوه من الرجال، بيتنا بقى حريم من غير رجالة».
منزل قديم مبنى بالطوب اللبِن يوجد فى آخر حارة ضيقة تطل مباشرة على شارع عمومى تعيش فيه شقيقات الحمبولى الخمس وأطفالهن، بجانب بناته بعد مغادرة زوجته وذهابها للعيش لدى والدها.[Quote_1]
«ياسر طلب كوباية مية من ست عجوزة كانت تعيش فى قرية مجاورة لنا وماكنش يعرفها، ولما لقى المية سخنه راح اشترى لها تلاجة وغسالة وبوتاجاز ومروحة لله»، أساطير وحكايات كثيرة تصر شقيقته الوسطى «عزة» على ذكرها لتدلل بها على رجولة شقيقها ووقوفه بجوار المحتاجين، بالإضافة لرغبتها فى توصيلها للمسئولين الذين يعاملونه بقسوة ويمنعونه من حضور الجلسات، ومن ثم الحكم عليه بالمؤبد والإعدام من الجلسه الأولى دون الاستماع إلى دفاعه، لا تنكر تورط شقيقها فى العديد من القضايا خاصة السرقات «ولكن اللى بيجيبه كان بيوزعه على الغلابة» ثم تستشهد بحكايته مع أصحاب مستودعات الغاز، حيث كان يجبرهم على إرسال سيارة محملة بالإسطوانات المليئة، وكان يقوم بتوزيعها على الأهالى بسعرها الأصلى دون أن يتربح منها مليماً واحداً.
هدوء تام يسيطر على الأهالى الذين يجلسون بجوار المنزل، الكل يصمت ويرفض الحديث، خاصة عند سؤالهم عن حقيقة الأساطير التى تتناقلها ألسنة الكثيرين عن «الحمبولى»، ويكتفون بتوجيه ابتسامه خفيفة قبل النهوض من أماكنهم بسرعة للرحيل، بخلاف صاحب محل سوبر ماركت اكتفى بعبارة «ريحة ياسر لسه فى المكان».
«بعض رجالة ياسر خانوه ودلوقتى بيسرقوا ويقتلوا على اسمه، ونسوا وقوفه بجوارهم».. ترفض شقيقة ياسر الصغرى -التى طلبت عدم ذكر اسمها- أن تمد يدها إلى أحد لطلب المساعدة «لأننا مبسوطين ومعانا اللى يكفينا ويفيض» ولكنها تشتكى الحالة التى أصبح عليها منزلهم الذى أغلق بعد حبس شقيقها بالتهم الملفقة -على حد قولها- وعلى الرغم من الحكم على شقيقها بالمؤبد فى قضايا كثيرة، فإنها ما زالت فى انتظار خروجه من السجن والعودة ليفتح بيته مرة أخرى، «ياسر أخويا كان عاوز يسلم نفسه ولكن ضباط المباحث أخبروه إنهم هايقتلوه». تكمل «حورية» حديثها: «كان ينتظر مجىء الرئيس الجديد حتى يذهب إلى قصر الرئاسة ويسلم له نفسه دون أى شروط سوى المحاكمة العادلة وأن يتم الاعتماد على تحريات الأهالى وليس تحريات الشرطة، وعلى الرغم من كمية الأحكام بالسجن التى حصل عليها إلا أننا ما زلنا ننتظر عودته؛ لأننا أتيتمنا من بعده».