من الفوضى إلى الاستقرار.. 11 عاما تغير فيها وجه مصر
أعمال الجماعة الإرهابية
شهدت الدولة المصرية خلال السنوات الـ11 الأخيرة تحولا جذريا من حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي عمت البلاد إلى بناء دولة قوية قادرة على مواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات وتحقيق الإنجازات، تلك الفترة الحاسمة من تاريخ البلاد تُعد قصة نجاح لشعب قرر أن يستعيد دولته من أيدي الفوضى ويعيد بناءها على أسس قوية ومستدامة بعد أن كانت البلاد متجهة إلى السقوط في وحل الظلام ومستنقع الصراعات.
الأوضاع تحت حكم الجماعة الإرهابية
قال منير أديب، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، إنه منذ وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى حكم البلاد في 2012، دخلت مصر مرحلة صعبة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أسهمت بشكل كبير في تدهور الأوضاع، وسادت الفوضى في المدن والشوارع، وتعرضت مؤسسات الدولة لضعف شديد، ما أثر على الحياة اليومية للمواطنين نتيجة تزايد حوادث العنف والإرهاب، وتراجعت مؤشرات البورصة وأسهم الاقتصاد بشكل حاد نتيجة ما تمر به البلاد من حالة عدم الاستقرار، حيث انخفضت الاستثمارات الخارجية وعزف المستثمرون الأجانب عن الاستثمار في بلد مليئة بالصراعات الداخلية والتناحرات الطائفية، وارتفعت معدلات البطالة وزادت نسبة الفقر بين أبناء المجتمع.
فترة حكم الإخوان
وأوضح خبير الشئون الإسلامية أن الإخوان استغلوا تلك السيولة وصعدوا لكرسي الحكم ليحكموا البلاد لمدة عام واحد لا غير، أثبتوا خلاله للشعب المصري أنهم غير مؤهلين تمامًا لتولي زمام الأمور والسيطرة على البلاد.
الإطاحة بحكم الجماعة
تابع: في يونيو 2013، شهدت البلاد تغيرا كبيرا مع الإطاحة بحكم الإخوان بعد ثورة شعبية جديدة، قامت بهدف تغيير السياسات والإطاحة بحكم الجماعة الإرهابية، أعقب ذلك تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014، وبدأت الدولة مرحلة جديدة من البناء والإصلاح على يد القيادة السياسية الجديدة التي بدأت أولى خطواتها بإعادة الاستقرار الأمني للبلاد ومواجهة التنظيمات الإرهابية واستعادة الأمن في سيناء.
الإصلاحات الاقتصادية
ومن جهته، أوضح الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أنه بعد الإجراءات الحثيثة من القيادة السياسية على انتشار الأمن والسلام في أنحاء البلاد والقضاء على الخلايا الإرهابية والكيانات العدائية، عملت على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي كانت شديدة الضرورة، رغم صعوبتها، ولكن كان لابد منها لإنقاذ الاقتصاد الوطني أو محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والنهوض بالدولة بعد سنوات من التدهور الاقتصادي والاستثماري نتيجة محاربة الإرهاب، ما جعل الدولة تتجه لبعض الإصلاحات والتي كان أبرزها تحرير سعر الصرف في عام 2016، وإعادة هيكلة الدعم الحكومي، وتطبيق برامج للحماية الاجتماعية لمواجهة تأثيرات الإصلاحات على الفئات الأكثر فقرًا واحتياجاً.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن الدولة شهدت في السنوات الأخيرة تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى، مثل مشروع قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وشبكة الطرق والمواصلات التي أحدثت نقلة نوعية في البنية التحتية للبلاد، وشهدت مصر على إثرها نهضة اقتصادية واضحة أدت لارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وجذب المزيد من الاستثمارات.
الصحة والتعليم أساس بناء الأمم
وأشار فهمي إلى أنه فيما يخص الناحية الاجتماعية، عملت الدولة على تحسين مستوى الخدمات العامة والارتقاء بمستوى حياة المواطن المصري، على كافة الجوانب أبرزها الصحة والتعليم والبنية التحتية وإصلاح الطرق وتشييد المباني، وإطلاق مبادرات اجتماعية ضخمة مثل مبادرة "حياة كريمة" والتحالف الوطني بهدف تحسين مستوى المعيشة في الريف المصري وتقليل نسبة الأمية والفقر في المجتمع، مما يزيد من الوعى المجتمعي والثقافي لدى المواطن.
مضيفًا: رغم الجهود المكثفة والمتتالية للحكومة المصرية على المستوى الداخلي إلا أنها لم تجهل أهمية تعزيز الدور الإقليمي في المنطقة بما يعزز دورها في الساحة الخارجية، واستطاعت مصر بعد بذل المزيد من الجهد وعقد المباحثات استعادة دورها الإقليمي والدولي كلاعب رئيسي في المنطقة، من خلال دبلوماسية متوازنة وتحركات استراتيجية مدروسة، حافظت على مصالحها القومية وساهمت في حل الأزمات الإقليمية.
وختامًا ونحن الآن على بعد 11 عاما من الثورة السالفة، التي أعقبها العديد من التحديات والصعوبات، التي فرضت على الدولة ضرورة التعامل معها بحكمة وذكاء، نستطيع أن نقول أن الدولة المصرية نجحت في التحول من حالة الفوضى وعدم الاستقرار إلى دولة مستقرة تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل يحمل في طياته العديد من الآمال والتطلعات لشعب صبر كثيرًا على صعوبة الأيام وتحمل مرارة الأحداث.