محمد عبد المجيد يكتب: الحوار الوطني والمعادلة الأصعب لرضا المواطن
محمد عبد المجيد نائب رئيس كتلة الحوار
في ظل التحديات المتفاقمة التي تواجهها الدولة المصرية والتي يواجهها المواطن جراء الصراعات سواء الداخلية أو الخارجية ومعركتها التنموية، نحو بناء جمهورية جديدة تؤمن بالحوار وتتخذه سلاحها في معركتها للعبور نحو مرحلة جديدة، تسطر لعهد تنموي بناء قائم على الاستماع للجميع، لا يفرض رأيا ولا يطوي صفحة من كتابه، الجميع فيه متساوون ومشاركون في صناعة القرار.
وبين التحولات الكبيرة التي شهدها المشهد السياسي في مصر خرج الحوار الوطني من رحم تلك التحولات، مدونا فكرة جديدة قابلها الجميع بترحاب آملين بأن يكون طوق النجاه لفتح حوار جديد ولغة تسمعها القيادة السياسية بصوت المعارضة قبل المؤيدين، لنخلق سويا حالة تواصل جديدة تنمو بداخلها مفردات ومعاني تعكس مبادئ الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة التي لن تحيد عن الإنصات لصوت الرأي والرأي الآخر والتشارك معا لمواجهة التحديات الراهنة وبحث الأزمات التي تلاحق الدولة الحديثة، وتعزيز سبل الاستقرار الوطني وتوحيد الصفوف السياسية نحو طريق واحد يصل في نهايته إلى الجمهورية الجديدة والتوصل إلى حلول للمشكلات التي يواجهها المواطن البسيط.
وهنا.. يأخذنا الحديث لأصل الموضوع وهو المواطن البسيط الذي جاء الحوار الوطني معبأ عن مشكلاته وهمومه وأبرز القضايا الملحة التي ترتبط بمصيره، ولعل الحوار الوطني طيلة الشهور الماضية نجح في اختراق العديد من الملفات التي تهم الشارع المصري وناقش ملفات حيوية في مختلف المجالات وكانت لتوصياته مفعول الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بفضل مشاركة الجميع على طاولة المناقشات وتم الاستماع لجميع الآراء والمقترحات ولن يتم إقصاء لرأي أحد أو تمييز بين مؤيد ومعارض، فالجميع جلس على طاولة بناء الجمهورية الجديدة.
ورغم الخطوات المتسارعة التي نجح الحوار الوطني في اتخاذها والوصول للعديد من المقترحات والتوصيات والمخرجات، إلا أنّه مسؤولا مسؤولية كاملة عن تنفيذها بالتعاون مع الحكومة في ثوبها الجديد، ليكون لهذا الحوار دورا فاعلا وليس زخما سياسيا عابرا.
الحوار الوطني ما زال ملقى على عاتقه مسؤوليات عدة، أهمها بحث ملفات في غاية الحساسية بالنسبة للمواطن المصري، كملف الدعم وغيرها من الملفات الاقتصادية التي تعتبر خط أحمر بالنسبة للبسطاء وما عليه الآن إلا التأني والتدقيق في مناقشته، وأن تتسع قماشة المناقشات لتشمل الخبرات والتخصصات العلمية والعملية لتحديد إلى أي مدى قابل هذا الملف للتحول من العيني للنقدي.
إنها المعادلة الصعبة التي يحاول الحوار الوطني تحقيقها الآن بين تحقيق تطلعات المواطن البسيط وتيسير حياته، وما بين أن يتحمل مسؤوليات جديدة تضعها الحكومة على عاتقه بتحويل عدد من الملفات لوضعها على طاولة المناقشات بالحوار الوطني.
ويساهم الحوار الوطني في بناء الثقة بين الدولة والمواطنين، من خلال إشراكهم في عملية صنع القرار ومناقشة القضايا التي تهمهم، وذلك عندما يشعر المواطنون بأنّهم جزءا من هذه العملية، يزداد دعمهم للقرارات والسياسات المتخذة، ما يعزز من استقرار الدولة ويقوي من علاقتها بالمواطنين.
وعلى كل حال فإنّ القائمين كافة على إدارة وتنظيم الحوار الوطني حريصون على الخروج بمظهر حضاري يليق بالجمهورية الجديدة، ويتسع للجميع ويستمع لجميع الآراء وأن يلغي عصور التفكير النمطي السياسي العقيم، في ظل قيادة سياسية حكيمة آمنت بأنّ لغة الحوار أصوب السبل لبناء مجتمع ديمقراطي تنموي متحضر.
فالحوار نجح في تحقيق أهم الأهداف التي جاء من أجلها وهي بناء توافق وطني بين مختلف القوى السياسية والحزبية والمجتمعية حول قضايا الدولة الأساسية، وإشراك جميع الأطراف في هذا الحوار يعكس الرغبة في خلق بيئة سياسية قائمة على التعاون والتفاهم المشترك، ما يسهم في تقليل الاحتقان السياسي وتجنب الصراعات الداخلية، ووضع خارطة طريق نحو مستقبل مشرق.
يسعى الحوار إلى تحديد الأولويات الوطنية والتوافق على الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لضمان تحقيق أهداف الدولة في جميع المجالات، خالقا في ذلك فرصة المشاركة السياسية لجميع الفئات في المجتمع، وتمكينها من التعبير عن آرائها ومطالبها بحرية مطلقة.
كما أن من خلال الحديث عن الحوار الوطني وأهميته فى المرحلة الحالية، ألفت نظر حضراتكم إلى أنّ كيان كتلة الحوار خرجت من رحم الحوار الوطني، وتضم قامات وخبرات سياسية بمختلف الرؤى والأفكار، وتسعي جاهده لتقديم الرؤي حول الموضوعات كافة بصورة منطقية تقبل التنفيذ، وعلى سبيل المثال، استخدامها القوى الناعمة من خلال إنتاج مسرحية للتعبير عن أهمية وجود مجالس محلية، وكذلك تدشين مدرسة المحليات لتدريب الشباب على أهمية المحليات والحكم المحلي وتلعب كتلة الحوار دورا مهما في الحياة السياسية الحديثة التي عانت من ركود خلال السنوات السابقة، بحيث تحمل رؤياها رؤى إصلاحية موضوعية تبني ولا تهدم، تعارض بفكر بناء غير هادم، وهذه من وجهة نظري إحدى أهم مخرجات الحوار الوطني ميلاد هذا الكيان الذي يحظى بتأييد لدى الشارع المصري لما يقدمه من رؤي موضوعية إصلاحية بناءة.