بروفايل| عمر البشير الرئيس مطارداً
وضع الرئيس الأسمر «عويناته» الطبية.. ربط عمامته البيضاء التى تخفى معها نصف وجهه، وخرج إلى طائرته منطلقاً فى طريقه إلى «جوهانسبرج» عاصمة جنوب أفريقيا. لم يكن يتوقع الرجل، الذى عرف دوماً بكونه «المنقلب» كونه جاء إلى رأس السلطة بانقلاب عسكرى وانقلب على حلفائه وأصدقائه، أن يصبح «مطارداً» فى دولة كان يفترض أنه يزورها بعد أن نجح فى الانتخابات الرئاسية فى ولايته الخامسة لينجح فى الحفاظ على عرشه. «البشير» عُرف دوماً بكونه «مطارداً»؛ شعبه يطارده، يرغب فى التخلص من حكمه الذى تسبب فى تدهور أوضاع البلاد، والعالم يطارده لمحاكمته على ارتكاب جرائم حرب خلال السنوات الأولى من حكمه، والتى وُصفت بأنها حرب أهلية.
يحكم بلاده بقبضة حديدية، حين خرج الشعب عليه منذ قرابة العام يطالب برحيله، خرج هو متبجحاً يؤكد أن الشعب السودانى فى حاجة إليه، وأن مصلحة السودان تكمن فى وجوده هو، وأنه لا وجود لـ«ربيع عربى» فى السودان، وإنما «صيف حارق» يشوى أعداء بلاده. جاء صاحب أطول فترة حكم فى تاريخ السودان الحديث إلى الحياة مع فجر اليوم الأول من عام 1944، فضل أن يسلك السبيل العسكرية، فتخرج فى الكلية الحربية السودانية، وواصل مسيرته فنال ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان عام 1981.
مع انتصاف عام 2008، أصدر المدعى العام لدى المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه، لتصبح تلك هى المرة الأولى التى تصدر فيها المذكرة بحق رئيس حالى، ورغم أن السودان لم يوقع على ميثاق المحكمة، فإن «المطاردة الكبرى» بدأت مع صدور المذكرة، ليصبح «مطارداً» أينما ذهب، لا يستطيع حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يستطيع زيارة أى دولة وقّعت على ميثاق المحكمة. قبل عام تقريباً، توجه البشير إلى نيجيريا لحضور قمة الاتحاد الأفريقى، لكنه اختفى فجأة بعد أن طالبت جماعات حقوق الإنسان باعتقاله بناءً على أمر الاعتقال الدولى.
من جديد، ورغم تجميد المحكمة الجنائية الدولية الاتهامات ضده، عادت الاتهامات تطارد «البشير» مجدداً بعد أن توجه إلى «جوهانسبرج» التى طلبت منها المحكمة الدولية اعتقال «البشير»، ولأن جنوب أفريقيا عضو بالاتفاقية المؤسسة للمحكمة، فإنها لم يكن فى وسعها التهرب من القضية، واضطرت إلى إصدار قرار قضائى يمنع مغادرته البلاد إلى أن تنظر محكمة جنوب أفريقيا فى مسألة الاتهامات الموجهة إليه وما إذا كان سيتم اعتقاله، أملاً فى حفظ ماء وجهها أمام العالم.
انفصل «البشير» عن جماعة الإخوان بالسودان ليؤسس الجبهة الإسلامية، التى تحول اسمها إلى «حزب المؤتمر الوطنى». يرى المحللون أنه الوحيد الذى نجح فيما لم ينجح فيه رفاقه من الإخوان فى الدول الأخرى، فأعمال العنف التى استمرت لسنوات نجحت فى تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب.