مصابو قطارى الفيوم يروون لـ«الوطن» لحظات الحادث
لم تكتمل الرحلة، وتدخّل القدر ليغير مسارها لهؤلاء، لا يكفون عن ترديد «الحمد لله»، أو تسابيح أخرى تعكس يقينهم بأن ما لاقوه من إصابات على ضخامتها فهى أخف الضررين، خصوصاً أن هناك ثلاث حالات وفاة، وسائق عُصر جسده بين حديد القطارين.
انتقلت «الوطن» إلى مستشفى الفيوم العام، حيث يوجد عدد من المصابين فى الحادث ممن كُتبت لهم النجاة من موت محقق، عشرات الأهالى بين رجال ونساء وقفوا على أعتاب المستشفى، بعضهم تمكن من الدخول، ساد الهرج والمرج، العمل على قدم وساق، طبيب يقيس النبض، وممرضة تحقن، عامل يمسح الدم الذى سال على الأرض، ورجل أمن ينظم المشهد داخل المستشفى.
تنوعت إصابات بعضهم، قطر واحد، ومصائر مختلفة، ولكل كان حظه ونصيبه من الحادث، غرزة لواحد، وكدمات لآخر، وسحجات فى وجه ثالث، وكسور فى عظام كثيرين، العشرات منهم كانوا فى انتظار إجراء الفحوصات اللازمة والإسعافات الأولية والأشعة المقطعية على العظام.
على سرير متهالك بعنبر الجراحة رقد أشرف سعد عبدالتواب، مساعد سائق القطار رقم 153 القادم من الفيوم وأحد القطارين المتصادمين، مصاباً بكدمات وسحجات فى أنحاء متفرقة من جسده ارتدى عباءة منزلية أحضرتها له زوجته التى ترافقه، يروى مساعد سائق القطار المنكوب ما حدث وقت الحادث قائلاً «بمجرد خروجنا من محطة سيلا، صدرت لنا الإشارة رقم 7 كتصريح لنا بالمرور على القضبان وأن السكة خالية، غير أننا فوجئنا بالقطار المقابل، صرخت فى سائق القطار «انظر يا عم سيد قدامنا قطار يا عم سيد!» لم يتمكن هو من التفكير حينها ظل يقول «يا خراب بيتى.. يا خراب بيتى» عندما عرفت النهاية البديهية التى ستحدث لأن سائق القطار لم يربط الفرامل هربت من الباب الخلفى للجرار، كى لا أُعصر بين حديد القطارين الحمد لله على كل حال ويرحم الله من ماتوا، ويتولى أهاليهم ويشفى من أصيبوا، وأتمنى أن نعرف المتسبب الحقيقى فى الحادث كى يُحاسب».
الفتى إسلام صدقى صابر (18 سنة)، من أهالى قرية عزبة مرعب فى الناصرية، التى تنتمى لها العروس المتوفاة فى الحادث نفسه، كان قد أصيب بكسر مضاعف فى يده اليمنى، يقول إسلام «كنت فى طريق العودة من مدرسة الزراعة فى الفيوم أجلس بالقرب من شريهان، التى عرفت لاحقاً أنها ماتت، التقيتها صدفة فى القطار، وكان معها أغراض كثيرة، هى ورفيقاتها، جهزت لها ما كانت تحمله لأساعدها فى إنزاله فى المحطة، لكن الله أراد شيئاً آخر فلم أدر منذ ذلك الحين حتى أخبرونى أنها توفيت فى الحادث».[Quote_1]
ويروى عنتر عبدالعزيز عبدالمقصود، 36 سنة، ويعمل نجار مسلح بالجيزة، أنه كان يستقل قطار الفيوم المتجه من الفيوم إلى القاهرة متوجهاً إلى مسغونة بالجيزة «بينما كنت أجلس فى العربة الثانية خلف جرار القطار، مع أسرتى زوجتى نجلاء وابنى وابنتى، كنا فى مقاعد متجاورة بالقرب من باب القطار كى يسهل علينا النزول سريعاً عند الوصول، كان القطار يسيطر عليه الظلام الدامس تماماً ولا توجد أى كشافات للإضاءة داخل عربات القطار، وخلال رحلة القطار ومروره بمحطات كثيرة وكان القطار يسير بسرعة، وبعد عشر دقائق فقط فوجئنا باصطدام كبير فى القطار وشاهدت العربة السابقة لنا قد انشقت من شدة الاصطدام ووقع الركاب على بعضهم». وأشار إلى أنه أسرع بإنزال نجله من باب العربة وأنقذ سيدتين كبيرتين فى العمر، ثم جاءت سيارات الإسعاف بعد عشر دقائق من وقوع الحادث وتم نقلنا إلى مستشفى الفيوم العام.
ولكن حمدى محمد رجب خليفة، 35 سنة، من قرية إبجيج ويعمل رقيب شرطة بقسم قصر النيل، الذى يواظب على استقلال هذا القطار يوماً بعد يوم من أجل الوصول إلى مقر عمله فى المساء، يروى أنه استقل القطار فى هذا اليوم من الفيوم متجهاً إلى القاهرة، حيث اعتاد أن يستقل القطار فى موعد قيامه من المحافظة فى الثالثة والثلث مساء، ولكن موعد القطار تغير وأخبرونى فى المحطة أنه لا يوجد سوى قطار يقوم الساعة الخامسة والنصف فقررت استقلاله من أجل الوصول إلى عملى خوفاً من التأخير واستقللت السيارة التى تلى جرار القطار هروباً من الأتربة، وخلال وقوف القطار فى محطة سيلا وبعد قيامه بوقت قصير بدأ فى زيادة سرعته قليلاً، ثم فوجئنا باصطدام القطار فى الآخر وفقدت الوعى ثم تم نقلنا إلى مستشفى الفيوم العام بسيارات الإسعاف».
شعبان عبدالعليم محمد، (48 سنة) عامل فى مسمط، مصاب بكدمات فى رقبته وشرخ فى ساقه وظهره وكدمات فى الرأس، قال «خلال استقلالى القطار وعند قرية الناصرية توقف القطار بسبب وجود قطار آخر لمدة عشر دقائق، وبعدها بدأ القطار يسير ويزيد من سرعته، على الرغم من إطلاق كشك التحويلة صفارة كبيرة ولمدة ثم فوجئنا بالاصطدام». اختتم شعبان كلامه منتقداً «إلى متى سنظل فى ذلك العبث؟».
أخبار متعلقة:
وعاد نزيف القضبان
«الوطن» تكشف: القطار السريع حصل على «إذن شغل» بأن الطريق خالٍ
سائقو القطارات ينتقدون هيئة الطرق ويكشفون تعطل أجهزة ATC والسيمافورات
رحلة مع «عبدالبديع» سائق قطار: ننتظر السجن أو الموت
رفع آثار كارثة الفيوم والاستعانة بونش «100 طن» لفك «تعشيقة» الجرارين الملتصقين تماماً على القضبان
«شريهان»عروس القطار.. جهزت الفستان ولوازم الكعك ماتت قبل الزفاف بأيام