أحمد راسم النفيس: الفكر الوهابى أكبر تهديد لثوابت الإسلام
قال الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادى الشيعى المصرى، إن دعوات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى نابعة من علمه بأن هناك تياراً وفكراً معيناً وراء كوارث المجتمعات العربية، موضحاً أن الدعوة السلفية تطرح أفكاراً هدامة ومغلوطة، والإخوان وداعش يحاربون المسلمين ولا يستطيعون محاربة الإسرائيليين.
وأكد فى حواره لـ«الوطن»، ضرورة تصحيح الخطاب الدينى والمفاهيم التى فرضت على المسلمين من داخل تلك الجماعات، مشيراً إلى أن الفكر الوهابى أكبر تهديد لثوابت الإسلام، وأن الشيعة لا ينكرون المصادر السنية، ووصف أغلب من يتصدرون الساحة بأنهم ظواهر إعلامية صوتية دون عقل، وأنه يؤمن بالحرية الدينية والعلمانية، ويرفض كل دعوات التكفير.
■ ما رأيك فى دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى؟
- الرئيس مواطن لديه القدرة على استشعار الأخطار الناتجة عن الفوضى التى نعيش فيها من الخطاب الحالى، وبعض الأفكار التى تسبب كوارث مثل الفكر الوهابى، فأراد أن يعالج الأمور ويزيل الاحتقان والدم السائل بسبب تلك الأفكار المدمرة لدى البعض من المسلمين السنة.[FirstQuote]
■ ما دليلك على ذلك؟
- رأينا الكثير ممن يتكلمون فى الدين يفرضون مواقفهم بالقوة، منهم المعزول محمد مرسى، وبعض قيادات الدعوة السلفية مثل ياسر برهامى ومحمد عبدالمقصود، وهؤلاء يطرحون أفكاراً هدامة ومغلوطة، ما جعلنا أمام مجموعة من المفاهيم المدمرة التى تتحدث عن حروب الردة والحاجة إلى إيجاد شرعية الخليفة، وأصبحنا أمام فتوى شرعية تبيح قتل الناس وإجبارهم على الدخول فيما يسمونه النظام العام وهو «دين الملك»، وهذا منهج سيد قطب وداعش وغيرها من الأفكار الإرهابية، فالإخوان وداعش، متمسكون بآراء فقهية مغلوطة، ويحاربون المسلمين ولا يستطيعون محاربة الإسرائيليين، كما أن الدولة موقفها غير واضح، ففى بعض المواقف تقول ليس لدينا كهنوت، ثم تعود وتقول إن الأزهر هو المسئول عن أمور معينة، لكن المولى عز وجل لم يقل الأزهر ولا غيره هو المسئول عن الدين، ولكنه قال «إنما يخشى الله من عباده العلماء»، فإذا لم نقتنع بهؤلاء العلماء وبمرجعياتهم، فلا أحد يستطيع أن يجبرنا على اتباع آرائهم.
■ هل أنت مع تجديد الخطاب الدينى؟
- تجديد الخطاب الدينى لا يكفى، بل هناك ضرورة لتصحيح الخطاب والمفاهيم التى فرضت على المسلمين من داخل الجماعات التى تقاتل بعضها البعض وتؤدى إلى تراجع المجتمعات من الداخل، لأننا إذا لم نعالج الأمور من جذورها سنبقى فى نفس الدائرة، وهذا لا يتأتى إلا بحراك فكرى شامل، ففى أوائل القرن العشرين كانت هناك مجموعة من المفكرين قدموا أطروحات فكرية مختلفة عن السائد وعملوا بها ولكن رجعت الأمور مرة أخرى لما كانت عليها.
■ وكيف يحدث التصحيح من وجهة نظرك؟
- هناك خطابات مغلوطة 100%، وليس لها أى أساس من الصحة ونتعامل بها، وهناك نموذج يوضح ذلك، فمثلاً نحن تربينا على الرواية التى تقول «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله»، وما يجرى فى الساحة العربية والإسلامية مبنى على تفسير الآيات الأولى من سورة التوبة، وهذه التفسيرات نتج عنها فكر سيد قطب وابن القيم، والأصل فى القضية أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان محاصراً طوال حياته فى الفترة التى قضاها فى مكة وبعدها فى المدينة عندما هاجر مع القلة القليلة من المؤمنين الذين انتقلوا معه وحدثت الغزوات فى المدينة، والمسلمون فى الغالب الأعم حتى وفاة الرسول كانوا يقاتلون دفاعاً عن النفس.
■ ما النقاط التى يريد الشيعة أخذها فى الاعتبار عند تجديد الخطاب الدينى؟
- لا يجوز أن نفرق بين الشيعة والسنة، فكل منا له عقل يفكر به، ولا يوجد عقل شيعى وآخر سنى، فالفرق يكون بين عقل يتصرف بطريقة صحيحة وآخر يتصرف بطريقة خاطئة، والقرآن هو المرجعية عند المسلمين بشقيهم، فأهل السنة يقولون إن المرجعية هى كتاب الله وسنة رسوله، والشيعة يقولون كتاب الله وعترة آل البيت، لذلك لا بد من العودة إلى الأصل وهو كتاب الله، ولا نقول شيعة أو سنة، لأن الله خلق الناس تعمل بكل العقليات، فلا بد من ترك كل العقول تتصرف بالطريقة الصحيحة التى تراها، كما أن الشيعة والسنة لا ينكرون المصادر السنية، ولا بد من أن تتحاكم الآراء حتى تصل إلى نقطة تلاقٍ من خلال حوار، لكننا نرفض فى نفس الوقت ما يتهموننا به أننا كفرة وزنادقة وخلافه.
■ ما تحليلك للخطاب الدينى الحالى وتناوله للفكر الشيعى؟
- أقول دائماً جادلت العالم فغالبته، وجادلت الجاهل فغلبنى، نحن الآن لا نناقش الأمور من أدلتها، أغلب الذين يتصدرون الساحة ظواهر إعلامية صوتية، لا عقلية، فلا يوجد نموذج لإعمال العقل فى قراءة النص، هناك من يفكر بأسلوب أعوج وكأنه يعقد نظام محاكمات فى مجتمعات مصابة بالتخلف العقلى والذهنى، وكل من يفكر بمنطق «عنزة وإن طارت»، ونحن نرفض كل من يكفرنا ويقول إننا نسب الصحابة والسيدة عائشة.
■ ماذا عن الصراع الدائر بين السنة والشيعة بسبب الخطاب الدينى المتطرف من الجانبين؟
- التنصل من المسئولية لا يفيد بشىء، فداعش والإخوان والسلفيون والإرهابيون ليسوا شيعة، ولا بد أن نحتكم إلى ما هو متفق عليه، فالشيعة لا ينكرون المصادر السنية، ولا بد من إجراء المناقشات، الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، مع احترام آداب الحوار، والله قال «لاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن»، ولكل منا حرية الاقتناع، نحن نؤمن بالحرية الدينية والعلمانية ولا يحق لأحد فرض رأيه على أحد، لا إسلام أو مسيحية ولا غيره.[SecondQuote]
■ طالب بعض علماء الأزهر بإنشاء هيئة قومية لتجديد الخطاب الدينى، فما رأيك فى ذلك؟
- أنا ضد إنشاء أى هيئة، لأننا ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولن يستعبدنا أحد، سواء كان أزهر أو أى مرجعية، فكل إنسان حر فى تأييده لمرجع معين، وأقول لهم متى استعبدتم الناس وقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً.
■ هل من الممكن أن ينضم الشيعة إلى هذه الهيئة لتوحيد الصف؟
- توحد الناس لا يتوقف على توحد المفاهيم الدينية، لأنه حتى إذا افترضنا توحيد المسلمين فماذا سنفعل فى غير المسلمين؟ ومن تجارب الأمم السابقة كان عندما يسعى النظام لتوحيد المسلمين لا ينتج عنه سوى المزيد من الانقسام والفرقة.
■ ما اقتراحاتك لتجديد الخطاب الدينى؟
- الحكومات الفاسدة، والفكر الوهابى هما أكبر تهديد لثوابت الدين الإسلامى، وعلى الأزهر وغيره أن يتوقفوا عن ملاحقة المفكرين، فلو كان الأمر متعلقاً بالأزهر فقط لباتت المشكلة هينة، لكننا أصبحنا الآن أمام سلفيين يتحكمون فى الأمور ويكفرون من هو مخالف لآرائهم، فنحن لا نرد على هذه العقليات، والمطلوب أن يعالج الأزهر الخطاب الدينى وأن تكون لدينا مؤسسات تتحدث بالعلم ولا تكون لدينا مؤسسات هيكلية فقط، وحينها يمكننا الحديث عن اقتراحات لتجديد وتصحيح الخطاب الدينى.