«تمر هندى» و«عرقسوس» الشارع.. سموم على الإفطار
تقف أم سلامة بائعة العصير بمشروباتها التى لا يدرك أحد من حولها مدى خطورتها على صحته لينتهى بها الحال بيومية تزيد على 250 جنيهاً، هى واحدة من عشرات الذين اختاروا بيع المثلجات والعصائر للمواطنين على عربات جائلة مجهولة المصدر.
تتظاهر «أم سلامة» أنها تغسل الزجاجة التى تناول فيها الزبون مشروبه المفضل من العرقسوس، داخل جردل أمامها يعج بزجاجات وأكواب البلاستيك التى طالتها الأتربة والأوساخ.
تقول «أم سلامة»: «لو الواحد من دول نفسه مسامحة، وبيسمى الله فى سره، ربنا هيكرمه وعمره ما يصيبه لا وجع بطن ولا سم»، تذكر السيدة الثلاثينية أن داهم عربتها ذات ليلة، أحد الزبائن، يشكو إصابته بالتسمم من المشروب الذى تناوله على عربتها، لكنها لم تهتم. فيما قدم «جمال شوقى» من الصعيد مصطحباً فى جعبته، 3 آلاف جنيه، كفيلة أن تنفق على أسرته فى البرد حين يبيع عليها الترمس والسودانى، وحين يحل الصيف بحرارته الحارقة، تصبح العربة محلاً لتناول المشربات المثلجة التى لا يلاحق على كثرة زبائنها، يقف بالقرب من شارع التحرير بالدقى، ينصح الناس بالفوائد الصحية لتلك المشروبات.
«بعمل حاجة مفيدة» هكذا يؤكد عم «جمال» أن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض، وهو سعيد بأنه يسقى العطشان بمبالغ زهيدة لا تساوى أبداً مجهوده فيه، «العرق سوس كويس للسكر لأنه كله أعشاب، والتمر مفيد بس معظمه ألوان صناعية»، فبحسبه مكونات المشروبات يتحصل عليها من محلات العطارة، ملح لمون ولون صحى وحاجة اسمها أسانس بتعمل ريحة للتمر هندى وبتفور أول ما الزبون يشربها».
يؤكد دوماً عم «جمال» أن مهنته التى عمل بها منذ 6 أعوام، يراعى ضميره فيها إلى أقصى درجة، «بشترى مواد ملونة وأعشاب من العطارين، وبعملها بإيدى بعد ما أتأكد من نضافتها»، اللون الصناعى أكثر ما يقلق «عم جمال»، «ساعات بخلط سكر كتير مع التمر علشان يختفى اللون الصناعى، والزبون يحب يشرب أكتر».
يستغرق 10 دقائق على الأكثر فى إعداد جردل مياه مثلجة للعرق سوس أو السوبيا أو التمر هندى، «أيام رمضان بخلص الحاجات دى فى وقت أقل يمكن 5 دقايق».
ورغم كونه قرر أن يبيع منتجه فى الدقى، أحد الأحياء الراقية، إلا أن الإقبال عليه مضاعف، ولا يختلف عن باقى الأحياء الشعبية، لأسباب يذكرها» فيه عمال تراحيل وعمال نقاشة وسواقين ميكروباص وناس كتير على قدها بتحب تشرب العرق سوس والتمر هندى فى الصيف بسعر قليل».
تختلف «مها إبراهيم» إحدى ربات المنزل، عن غيرها من الزبائن الذين التفوا حول بائع العصير، فهى تخشى على أولادها من تناول مشروبات الشارع، وتستنكر عدم وجود رقابة على تلك المشروبات، «معرفش تكوينها منين ولا جايبها من أى حتة، واحد واقف فى الشارع يبيع أى حاجة لناس كل همهم إنهم يشربوا ويبلوا ريقهم»، «مها» حريصة على صناعة المشروبات داخل منزلها.
فيما اعتبر الدكتور «حسام عرفة» رئيس قسم السموم بالجامعة الحديثة أن تلك المشروبات الموجودة على العربات والأرصفة أحد أهم أسباب الإصابة بالسرطان وتليف الكبد والعقم والحساسية وتأخر وظائف القلب والتهاب الأمعاء، «لأنها مغشوشة ومضاف عليها ألوان ومكسبات طعم كما أنها غير مقننة فى ظل غياب الرقابة»، لافتاً إلى أن أولى مراحل الصناعة أساس الغش، «الأعشاب نفسها غير مضمونة، وغير معروف مصدرها، وتباع أرخص لأن بها مكسبات رائحة وطعم بكميات أكبر».
الدكتور «حسام» لفت أيضاً إلى وجود ألوان معينة مصرح بها، «لون الفراولة أو الألوان الغامقة لها ترقيم صحى، واللون الأصفر بطعم العنب والليمون والموز، هناك قواعد معينة لاستخدام هذه المواد، «لها رقم وغير مسموح للأفراد دون الشركات العاملة فى المجال الطبى أو المواد الغذائية الحصول عليها».
الدكتورة «سامية الجندى» مساعد جمعية حماية المستهلك شددت على ضرورة الكشف عن المثلجات وعربات المشروبات غير المرخصة، «لأنها غير مراقبة صحياً، كما أن مصادر المياه مجهولة والشخص اللى بيبيع لا يجرى له فحص طبى ممكن يكون عنده أمراض معدية تنقل للمستهلك دون علمه».