الفضائيات تطرد المشاهد بـ«فوضى الإعلانات»
رغم إنفاق وكالات الإعلان ملايين الجنيهات على الدعاية لمسلسلات رمضان والقنوات التى تعرضها، فإن زيادة الجرعة الإعلانية التى تزيد مساحتها أحياناً على مساحة العمل الدرامى المعروضة بداخله، دفعت المشاهد لهجر القنوات الكبيرة والأكثر ثراءً بالإعلانات، ليوجه بوصلته نحو القنوات الفقيرة إعلانياً، لمتابعة ما تيسر من الأعمال الدرامية غير الحصرية، بعيداً عن إزعاج الفواصل الإعلانية التى طالت بشكل مبالغ فيه، وهو ما طرحته «الوطن» للمناقشة لتتباين الآراء، فيرى عدد من المنتجين أن ما يحدث فوضى، لن يحكمها إلا قانون أو بروتوكول يوقع مع المعلنين للاتفاق على طريقة العرض، فى الوقت نفسه طالب النقاد بتطبيق نظرية «ساعة المادة الإعلامية» التى تمنح العمل 52 دقيقة و8 دقائق فقط للمادة الإعلانية، وهو ما يطبقه كثير من دول العالم.
ويرى المنتج جمال العدل أن الحل الوحيد للزحام الإعلانى، هو تقليل عدد الإعلانات وزيادة أسعارها للاحتفاظ بالمشاهد، وقال «العدل»: «إن كثرة الإعلانات أدت إلى هروب المشاهد للقنوات الفقيرة إعلانياً أو «اليوتيوب»، فكل المعلنين لجأوا لتلك الطريقة، من أجل تحقيق مكسب قريب، قد يعود عليهم بالخسارة خلال السنوات المقبلة، ولا بد من مراعاة ذلك، وكثرة الإعلانات تضر العمل الدرامى إن كان جيداً، وتقلل من نسبة مشاهدته، نظراً لكثرة الفواصل التى جعلت المشاهد ينسى أحداث المسلسل».
وأكد المنتج صادق الصباح أن كثرة الإعلانات فى مصر تسببت فى فوضى كبرى، مشيراً إلى أنها أحدثت تخبطا وإرباكاً بالسوق الإعلانية والسبب فيها المنافسة بين المعلنين، وقال «الصباح»: «إن الإعلانات لها علاقة باقتصاديات المهنة وحجمها وأهميتها كبيرة، إضافة إلى أن «التفلسف» عليها ليس دورنا كمنتجين، لكن هذا لا يمنع أن كثرتها أو حتى قلتها يؤثر علينا».
وأضاف: «الحل لهذه الظاهرة يتمثل فى عقد برتوكول تعاون بين كل المعلنين، للاتفاق على السعر وعدد مرات عرض الإعلان، فما يحدث الآن منافسة أدت إلى فوضى لضرب الأسعار، كما أن هذه الفوضى تسببت للمشاهد المصرى فى الإرباك أثناء متابعة الأعمال، وكثرة الإعلانات أو قلتها لا يؤثر على أجور الممثلين، لأنها تخضع لقانون العرض والطلب، وما يتم الاتفاق عليه».
وقالت الناقدة حنان أبوالضياء: «شريحة كبيرة من الجمهور اتجهت إلى القنوات الفقيرة إعلانياً، ورتبت نفسها على أن تشاهد الأعمال فى هذه القنوات، كما أن البعض اتجه لـ«اليوتيوب» لمشاهدة الحلقات كاملة دون فواصل، بعد انتهاء عرضها على القنوات».
وأضافت: «رغم غزارة الإعلانات فإن أغلب الجمهور لا يشاهدها، ويتنقل عبر القنوات لمتابعة عمل آخر، لحين انتهاء الفقرة الإعلانية، التى كلما طالت على المشاهد لجأ لمتابعة أكثر من مسلسلين فى وقت واحد، والمادة المعلن عنها لا يراها الجمهور».
وأكد الناقد طارق الشناوى أن المشاهد قد يرتبط سيكولوجياً بقناة بعينها، حتى وإن كانت بها كثافة إعلانية ضخمة، وبالتالى حين يريد تغيير نظام اجتماعى يحتاج إلى وقت، وشهر واحد لا يكفى للتغيير، كما أن ارتباط المشاهد بالقناة نوع من التعود، ومن الممكن مع كثرة الإعلانات، ووجود قنوات تفتقر للإعلانات يلعب ذلك دوراً فى تغيير توجهات الجمهور، ولكن لا أعتقد أنه دور حيوى أو كبير.
وأضاف «الشناوى»: «نحن نعيش فى فوضى الإعلانات، وليس هناك قانون يطبق، بعكس باقى العالم الذى يعتمد على نظرية أن ساعة المادة الإعلامية تقسم إلى 52 دقيقة للمادة الإعلامية، و8 دقائق للإعلانات، ولكننا غيرنا المنظومة من أجل الربح، والكل متواطئ، لأن الكل صاحب مصلحة، لأن من يتقاضى الملايين يدرك أن سببها الإعلانات التى تضخ أموالاً، فالكل يعمل فى صمت والذى يدفع الثمن هو الجمهور».
وتابع: «هناك إعلانات سخيفة تصبح عبئاً على المتلقى، وحين ينوى المشاهد الهروب إلى قناة بدون إعلانات، يحتاج إلى وقت لتغيير عادة اجتماعية، وشهر غير كاف للتغيير فهو يحتاج لتراكم زمنى أكثر، والقاعدة الإعلامية تخترق ولا أحد يتكلم، لأن سطوة رأس المال أقوى من أى قانون، وإن كان هناك مكسب فعلى الآخرين أن يصمتوا، والكل يتحمل ما دامت هناك أموال للمنتج وصاحب القناة والممثلين، كلهم مستفيدون، وكان أسامة أنور عكاشة يطلق على الإعلانات «البقرة المقدسة»، لا أحد يقترب منها، وكان «عكاشة» دائماً يدخل فى معارك، وأوقات يهدد بعدم عرض المسلسل إن تخللته إعلانات، ولم ينجح فى معركته، رغم أنه ناضل 10 سنوات ولكنه نال شرف المحاولة، وكل عام الأمر يزداد شراسة».