د. حامد أبوطالب: "داعش" ينشر أفكاره بـ"وسائل متطورة"
قال الدكتور حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إن تجديد الخطاب الدينى ليس مهمة المؤسسة الدينية وحدها، بل هى مسئولية مشتركة بين جميع الجهات وفى مقدمتها وسائل الإعلام، ووزارات التعليم والثقافة والشباب، مؤكداً ضرورة تنظيم ورش عمل بمشاركة علماء الدين والخبراء من مختلف التخصصات، والتركيز على القضايا والمشكلات التى تمس واقع الناس والقيم والأخلاق. وأضاف فى حواره لـ«الوطن» أن هناك ضرورة لتصحيح المفاهيم المغلوطة فى مسألة تناول غير المسلمين فى الخطاب الدينى، وأن يركز الخطاب على نزع الكراهية والحقد بين المواطنين، لأن الإسلام لا يفرق بين المسلم وغيره، بل يطلب من المسلم أن يصادق ويحب ويتعاون مع جميع البشر ويحسن معاملتهم بغض النظر عن انتماءاتهم، موضحاً أن الإسلام يدعو للتسامح والرحمة مع الجميع بغض النظر عن ديانتهم. وقال «ليس من سلطة أى إنسان أن يُنصب نفسه حكماً بين الناس ويُدخل هذا الجنة أو ذاك النار» موضحاً «لا توجد صكوك فى الإسلام».
■ هل تجديد الخطاب الدينى مهمة المؤسسة الدينية وحدها؟
- تجديد الخطاب الدينى مسئولية مشتركة بين جميع الجهات، وفى مقدمتها وسائل الإعلام، ووزارات التعليم والثقافة والشباب، والمؤسسة الدينية لا تحتكر تلك المهمة، ولا مانع من فتح حوار مجتمعى شامل وتنظيم ورش عمل بمشاركة علماء الدين والخبراء من مختلف التخصصات، لأن تجديد الخطاب الدينى يتطلب الحوار مع جميع فئات المجتمع، ويتم التركيز على القضايا والمشكلات التى تمس واقع الناس والقيم والأخلاق.
■ هل الأساليب التقليدية مجدية فى تجديد الخطاب الدينى؟
- للأسف ما زال يتم الاعتماد على الأساليب التقليدية فى تجديد الخطاب وهى غير مجدية على الإطلاق، ولابد من اتباع التقنيات الحديثة لتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر سماحة واعتدال الدين، والغريب أن تنظيم «داعش» متطور فى وسائل الاتصال عن دول كثيرة، واستطاع تجنيد آلاف الشباب الأوروبى والغربى فى فترة وجيزة، بعدما تمكن من توجيه خطاب مناسب لهم عبر وسائل الإعلام، حيث ركزوا على المسائل التى تشغل الشباب وغرسوا فيهم حب المغامرة، وفى الوقت نفسه يستغلون الشباب ليكونوا وقوداً للحرب فى منطقة الشرق الأوسط وهذا نوع من الانتصار يحققه داعش عن طريق وسائل الإعلام.
■ كيف ترى مسألة تناول الآخر فى الخطاب الدينى؟
- موضوع الآخر لم يأخذ حقه فى الخطاب الدينى، والبعض يتجاهل الحديث عنه تماماً إلى أن ظهرت نزعات الظلم واحتقار الآخر، ولا يوجد ما يبرر ذلك، إلا أن هذا يعد نوعاً من التسلط والتعالى يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه والرجوع عنه.[FirstQuote]
■ لماذا تم تجاهل الآخر فى الخطاب؟
- كانت هناك أخطاء فى السلوك وتراكمات خلال العقود الماضية، وعدم فهم دقيق لسماحة الدين واعتداله وقبوله للآخر من جانب البعض.
■ ما المطلوب خلال تجديد الخطاب لتأصيل فكرة قبول الآخر؟
- لا بد من تصحيح المفاهيم المغلوطة فى مسألة تناول الآخر فى الخطاب الدينى، وأن يركز الخطاب على نزع الكراهية من نفوس بعض الأشخاص الكارهين لغيرهم ووضعهم على الطريق الصحيح، فالإسلام لا يفرق بين الناس أو بين المسلم وغيره، بل يطلب من المسلم أن يصادق ويحب ويتعاون مع جميع البشر ويحسن معاملتهم بغض النظر عن انتماءاتهم، حيث قال الله تعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً»، إذن الاختلاف سنة إلهية، والاختلاف لا يكون سبباً فى كراهية أو نبذ أو اعتزال الآخر، ويجب تركيز الخطاب الدعوى على محاولة نزع الحقد وقبول الآخر، فديننا يدعو للتسامح والرحمة مع الجميع بغض النظر عن ديانتهم.
■ هل التيارات الدينية ساهمت فى الإساءة لغير المسلمين فى الخطاب الدعوى؟
- لا شك أن التيارات الدينية المتطرفة تبث أفكاراً متطرفة وتثير الكراهية والتعصب تجاه الآخر، وتحديداً المسيحيين، وهذه الثقافة تمت تغذيتها عبر القنوات الدينية التابعة لتلك التيارات المتشددة التى لا تعترف بالآخر بل وصل بها الأمر إلى احتقار غير المسلم.[SecondQuote]
■ كيف ترى صورة غير المسلمين فى الخطاب الدينى؟
- صورة الآخر كانت مهملة ومشوهة ومسيئة للإسلام، فالدين لا يقبل ظلم الآخر أو إهانته أو توجيه التهم والتطاول عليه لمجرد أنه على دين المسيحية، فالإسلام يحثنا على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقد ورد عن الرسول قوله: «من آذى ذمياً فأنا خصيمه يوم القيامة» إذن لا بد من إعادة النظر فى الموروثات والعادات والأفكار البالية التى ترسخت فى أذهان الكثيرين تجاه الآخر، فالجميع بشر، والله وحده يحاسب عباده، وليس من سلطة أى إنسان أن يُنصب نفسه حكماً بين الناس ويدخل هذا الجنة أو ذاك النار، فلا توجد صكوك فى الإسلام.
■ هل هناك صور أخرى مغلوطة؟
- نعم، يتعالى الرجل على المرأة فى أحيان كثيرة وينظر لها نظرة دونية، ويصل الأمر لحد ظلمها والاعتداء على حقها، ويدعى أن ذلك من الدين، وهذا ليس من العدل والدين، فهذا ظلم بيِّن والإسلام ينهى عن ذلك، فالرجل والمرأة لهما حقوق وعليهما واجبات، ومن ثم لا يليق أن يتعالى الرجل على المرأة.[ThirdQuote]
■ ما دور الأزهر والكنيسة فى تحسين تلك الصورة المغلوطة؟
- لابد من مشاركة علماء الدين من الأزهر ورجال الكنيسة فى تحسين الصورة المغلوطة عن الآخر، وإذابة الفجوة بين المسلم والمسيحى، وفى هذا الصدد أثمن دور بيت العائلة بمشاركة الأزهر والكنيسة فى التصدى لأى أحداث فتنة طائفية، أو خلافات اجتماعية يتم لصقها بالمسيحية أو الإسلام، ولابد من تضمين المناهج الدراسية علاقة المسلم بالآخر والعكس، وترسيخ ثقافة التعايش والاحترام المتبادل وحب الآخر، فالجميع فى سفينة واحدة والأديان جاءت لترسيخ السلام وإعمار الكون والبناء وضد الصراعات والفتن بسبب جنس أو لون أو دين.