قصة آية: "وفاء المؤمنين"
تشير هذه الآية إلى صدق المؤمنين والتزامهم بعهود وأوامر الله وتنفيذ طاعته وأوامره ونواهيه، والخوف من الله تعالى وتعظيم قدر ثوابه وعقابه على المؤمنين والكافرين العاصين.
قال الله تعالى: "مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا"، الأحزاب : 23.
المشهورُ في سببِ نزولِ هذه الآيةِ الكريمةِ أنها نزلتْ في أنس بن النَّضْرِ، وغيره من أصحابه رضي الله عنهم جميعا، فرَوَى الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس قَالَ: "قالَ عَمِّي أَنَس بْن النَّضْر: سُمِّيت بِهِ، وَلَمْ يَشْهَد بَدْرًا مَعَ رَسُول اللَّه (صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَكَبُرَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَوَّل مَشْهَد شَهِدَهُ رَسُول اللَّه غِبْت عَنْهُ، أَمَا وَاَللَّه لَئِنْ أَرَانِي اللَّه مَشْهَدًا مَعَ رَسُول اللَّه، فِيمَا بَعْد لَيَرَيَنَّ اللَّه مَا أَصْنَعُ، قَالَ: فَهَابَ أَنْ يَقُول غَيْرهَا، فَشَهِدَ مَعَ رَسُول اللَّه (صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَوْم أُحُد مِنْ الْعَام الْقَابِل، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْد بْن مَالِك فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرو أَيْنَ؟ قَالَ: وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّة! أَجِدهَا دُون أُحُد، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَوُجِدَ فِي جَسَده بِضْع وَثَمَانُونَ مَا بَيْن ضَرْبَة وَطَعْنَة وَرَمْيَة، فَقَالَتْ عَمَّتِي الرُّبَيِّع بِنْت النَّضْر: فَمَا عَرَفْت أَخِي إِلا بِبَنَانِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة".
معنى الآية:
أَيْ مِنْهُمْ مَنْ بَذَلَ جُهْده عَلَى الْوَفَاء بِعَهْدِهِ حَتَّى قُتِلَ، مِثْل حَمْزَة، وَسَعْد بْن مُعَاذ، وَأَنَس بْن النَّضْر وَغَيْرهمْ رضي الله عنهم، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر الشَّهَادَة، وَمَا بَدَّلُوا عَهْدهمْ وَنَذْرهمْ، وَمَا غَيَّرُوا عَهْد اللَّه وَلا نَقَضُوهُ وَلا بَدَّلُوهُ، وهذا شأن المؤمنين الخُلّص في كل مكان وزمان، يصبرون على الشدائد، ويثبتون عند الفتن.