"محضر غزة" أداة جديدة لكشف جرائم إسرائيل في حرب "العصف المأكول"
كشفت منظمة العفو الدولية ومؤسسة "فورنسيك أركتكتشر" المتخصصة، ببنية الأدلة الجنائية اليوم، الأربعاء، عن آداة إلكترونية للتقصي تظهر خريطة للهجمات الإسرائيلية في غزة خلال العدوان الأخير صيف العام الماضي "العصف المأكول".
وتُسجّل الخريطة التفاعلية نحو 2698 استهدافًا إسرائيليًا لمناطق امتدت من شمال القطاع وحتى جنوبه، واستمرت على مدار 51 يومًا.
وتظهر الخريطة، تعرض مدينة غزة وشمال قطاع غزة لنحو 1463 استهدافًا إسرائيليًا، بينما تعرضت محافظة وسط القطاع لنحو 537 استهدافًا، وكان نصيب جنوب القطاع (خانيونس ورفح) 698 استهدافًا.
ووفق إحصاءات سابقة أصدرتها وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا" عقب العدوان الإسرائيلي على القطاع، فإن الهجمات الإسرائيلية بلغت أكثر من 60 استهداف خلال 51 يومًا.
وتقول المنظمة، إن الخريطة تساهم في العمل على إقرار المحاسبة على جرائم الحرب، وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي.
وتمكن هذه الخريطة، التي أُطلِق عليها "محضر غزة"، المستخدم من استكشاف وتحليل المعلومات المتاحة بخصوص العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة في عام 2014.
وتكشف المعلومات الأولية الموزعة حاليًا، والتي سيتم تحديثها على مدى الأشهر القادمة، على عدد من الأنماط التي يمكن رصدها في هجمات القوات الإسرائيلية والتي تشير إلى أن انتهاكات خطيرة وممنهجة ارتُكِبَت.
وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إن "محضر غزة" هو أشمل سجل حتى الآن للهجمات التي وقعت خلال عام 2014، وهي تسمح لنا بأن نجمع معًا ما يزيد على 2500 هجوم منفرد، كاشفة عن النطاق الواسع للدمار الذي سببته العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة خلال حرب الخمسين يومًا الصيف الماضي".
وأضافت المنظمة في تقريرها :"يتيح محضر غزة إمكانية كشف الطبيعة المنهجية للانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة، عن طريق الكشف عن الأنماط بدلاً من الاكتفاء بعرض سلسلة من الهجمات المنفردة، وهدفنا هو أن يصبح محضر غزة موردًا لا نظير له لمحققي حقوق الإنسان الذين يسعون لإقرار المحاسبة على الانتهاكات المرتكبة خلال الصراع".
- كيف يعمل "محضر غزة":
يسجل "محضر غزة" توقيت كل هجوم وموقعه على خريطة تفاعلية، وتصنفه وفقًا للعديد من العوامل، مثل نوع الهجوم، والموقع الذي تعرض للهجوم، وعدد القتلى والجرحى، لإبراز الأنماط، ويتضمن السجل كذلك الصور الفوتوغرافية، وتسجيلات الفيديو، وإفادات شهود العيان، وصور الأقمار الصناعية للهجمات، في حالة توفر هذه المواد.
وبمساعدة تقنيات جديدة في مجال رسم الخرائط رقميًا وتحويل البيانات إلى تصور مرئي، يمكن للمستخدم مشاهدة هذه المعلومات والبحث فيها لرصد الأنماط في سلوك القوات الإسرائيلية خلال العدوان.
والهدف، وفق المنظمة، هو تحديد وإشهار الأنماط التي يمكن أن تساعد في تحليل ما إذا كانت هجمات بعينها تمثل انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، مثل جرائم الحرب.
عمل فريق من الباحثين في لندن وغزة على مدى عدة شهور لتصنيف البيانات التي جمعتها من أرض الواقع منظمتا حقوق الإنسان العاملتان في غزة، "الميزان" و"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، وكذلك المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية، ووضعها على المحضر.
- أنماط الانتهاكات الإسرائيلية:
ولا يزال العمل جاريًا في معالجة كمية كبيرة من معلومات الوسائط المتعددة، ومع ذلك يبين "محضر غزة" حاليًا أن ما يزيد على 270 هجومًا إسرائيليًا نُفِّذَت باستخدام نيران المدفعية، وقُتِل فيها ما يربو على 320 مدنيًا.
ويمثل الاستخدام المتكرر لنيران المدفعية، وهي سلاح متفجر يفتقر إلى الدقة، في مناطق مدنية كثيفة السكان هجمات بلا تمييز ينبغي التحقيق فيها كجرائم حرب.
ويبين محضر غزة، كذلك بوضوح نمطًا سائدًا من استهداف المساكن، حيث أسفر ما يزيد على 1200 هجوم إسرائيلي على المنازل عن مقتل ما يتجاوز 1100 مدني.
ويحظر القانون الإنساني الدولي أو "قوانين الحرب"، شن هجمات مباشرة على المدنيين غير المشاركين مباشرة في العمليات العدائية وعلى الأهداف المدنية.
وعبرت منظمة العفو الدولية، ولجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، وغيرهما من الهيئات التي تابعت النزاع عن قلقها بخصوص العدد الكبير لمثل هذه الهجمات خلال صراع عام 2014.
ويمكن للمستخدمين كذلك ملاحظة أنماط أخرى تبعث على أشد القلق، مثل الهجمات الإسرائيلية على من يسارعون لنجدة من تعرضوا للهجوم، وعلى العاملين الطبيين والمنشآت الطبية، وكذلك الاستخدام المكثف لهجمات التحذير "بالطرق على السقف" التي يُطلَق فيها صاروخ من طائرة بلا طيار تعقبه بعد قليل قنبلة أكبر.
وترى منظمة العفو الدولية أن مثل هذه الضربات لا تمثل تحذيرًا فعالًا ولا تعفي إسرائيل من الالتزام الواضح بعدم توجيه هجمات إلى المدنيين أو الممتلكات المدنية.
وقال إيال وايزمان، مدير "فورنسيك أركتكتشر" " إطلاق محضر غزة، اليوم، بعد عام على بداية الصراع خطوة مهمة في عملية توثيق النطاق الكامل للانتهاكات التي وقعت في غزة العام الماضي، وهو أيضًا دعوة للأفراد والمنظمات الأخرى إلى إرسال مزيد من الصور الفوتوغرافية، والإفادات، وغيرها من أشكال الأدلة بخصوص الهجمات التي تعرضوا لها أو التي وثقوها خلال النزاع.