"ميشيل" الذى أشهر إسلامه واتهم بـ"اليهودية"
فى إحدى الكنائس الكاثوليكية فى ضاحية إسكندرية، كانت أكواب الماء تنهال على جسد الطفل فيشهق، ويلمع جلده تحت الماء المصبوب، فيما يتمتم الكاهن آيات التعميد الكنسية، بعد سنوات ستنقطع علاقة «ميشيل ديمترى شلهوب» بكنيسته والقس، قبل أن يغير اسمه إلى عمر الشريف ويسلم.
ولد عمر الشريف عام 1932 فى مدينة الإسكندرية، فى أسرة مسيحية كاثوليكية، لأب لبنانى ثرى يعمل فى تجارة الأخشاب، وأم مصرية، لكن أسرته لم تكن متشددة دينياً، أو ثقافياً، إذ سمحت للابن الذى تخرج فى مدرسة «فكتوريا كوليدج» بأن يشق طريقاً فى التمثيل، رغم ابتعاد ذلك المجال عن دراسته للفيزياء. أمام «باشكاتب» المحكمة الشرعية فى مصر، نطق الشاب ذو الثمانى عشر عاماً الشهادتين عام 1954، ليتمكن من الزواج من الممثلة المسلمة فاتن حمامة، التى نجح فى الظهور معها فى أول أفلامه «صراع فى الوادى»، حيث نجح الشاب الوسيم فى خطف الأضواء، وخطف «قبلة» من شفتى فاتن حمامة، التى عُرفت سابقاً بعدم قبولها القيام بمشاهد القبلات فى أفلامها، ما أكد شائعات ارتباطهما، التى وضع زواجهما حداً لها. قبل زواج النجمين فاتن حمامة وعمر الشريف، روى موسى صبرى فى مذكراته «50 عاماً فى قطار الصحافة» قائلاً: «وخلال رياستى لتحرير الجيل.. ثارت قصة زواج فاتن حمامة من عمر الشريف! لم أكن أعرف شيئاً عن الإشاعات التى راجت فى الوسط السينمائى، عن حب فاتن حمامة للنجم الجديد عمر الشريف، بعد طلاقها من المخرج عز الدين ذو الفقار». فوجئ «صبرى» بمكالمة هاتفية من المنتج رمسيس نجيب، الذى كان شريكاً لفاتن حمامة فى شركة إنتاج سينمائى، حيث دارت المكالمة حول العلاقة التى تجمع بين فاتن حمامة، وعمر الشريف، اللذين اعتزما الزواج، فيقول: «اتصل بى المنتج رمسيس نجيب، وقال لى إن فاتن حمامة فى خطر وإننى الوحيد الذى أستطيع إنقاذها! وكيف يا رمسيس.. قال لى إنها أحبت الممثل الجديد عمر الشريف، وأنها قررت الزواج منه ومعنى ذلك انهيار صورة فاتن حمامة، أمام الرأى العام الذى يحب فيها الفتاة الطيبة المثالية فى كل أدوارها.. وخاصة أن عمر الشريف مسيحى الديانة».
توقع الجميع ألا يقبل جمهور فاتن حمامة من زواجها بعمر الشريف «الكاثوليكى»، لا سيما المسلمون من المشاهدين، الأمر الذى دفع «رمسيس»، لأن يطلب من «صبرى» أن يتصل بفاتن حمامة، ويحاول إثناءها عن ارتباطها بعمر الشريف، فيذكر: «يرجونى أن أتصل بها، وأقابلها، لإقناعها بخطورة هذا الزواج على مستقبلها الفنى، وخاصة أن ماجدة ستستغل هذه القصة فى الدعاية ضد فاتن.. وقد بدأ ذلك، بالترويج لأن عمر الشريف يهودى». بعد زواج فاتن حمامة من عمر الشريف عام 1955، أنجبا ابنهما «طارق»، الذى درس فى مدرسة إنجليزية داخلية فى لندن، لكن والده حرص فى ذلك الوقت على أن يتعاقد مع مدرس فلسطينى كى يعلم ابنه «اللغة العربية والقرآن الكريم» وفقاً لما قاله عمر فى لقاء تليفزيونى لاحق.
فى فترة الستينات، كان عمر الشريف على موعد مع العالمية، حيث لعب أدوار البطولة فى أفلام درامية، مثل: «دكتور زيفاجو»، و«فتاة مرحة»، وهو الفيلم الذى شحن الجمهور المصرى ضد عمر الشريف، الذى لعب دور شاب يهودى يحب فتاة يهودية فى إحدى ضواحى باريس، وكان ذلك عام 1968 بعد عام من الهزيمة العسكرية من إسرائيل، فُمنعت أفلام لعمر الشريف العالمية من العرض فى مصر، وكان الخلاف بينه وبين الرئيس جمال عبدالناصر، كما اتهم فى ذلك الوقت بـ«اعتناقه الدين اليهودى».
تشكك كثيرون فى ديانة عمر الشريف، رغم تصريحاته المتكررة بأنه مسلم، وأنه حرص على أن يكون كل أبنائه وأحفاده مسلمين، سواء أحفاده من نجله طارق، أو أحفاده من سيدة أجنبية كان التقاها لليلة واحدة وأنجبت له طفلاً لم يعترف به فى البداية.
فى السنوات الأخيرة من حياة عمر الشريف، ذكر ضمن حوار متلفز أنه صار متردداً بشأن الأديان، ومع ذلك أكد أنه مؤمن بوجود إله، وكذلك مؤمن بالإسلام، لكنه يرى أن «ما يحدث فى العالم بين الأديان المختلفة، وكيف يقتل معتنقوها بعضهم، أمر مقزز، وقال: «أنا أؤمن بوجود إله، كما أؤمن بالدين، لكن علىّ أن أحتفظ بذلك المعتقد لنفسى، الشىء الغريب أن اليهود يرون أن اليهود فقط بإمكانهم أن يدخلوا الجنة، وكذلك المسيحيون يرون أنهم وحدهم من يمكنهم دخول الجنة، وكذلك المسلمون، لكن؛ لماذا الله وهو بهذا العدل العظيم يجعل طفلاً يولد على دين لا يمكنه دخول الجنة».