"بيزنس سماسرة التنسيق" يزدهر على أبواب الجامعة
«عايز تسجل رغبات يا باشا.. عايزة تسجلى رغبات يا آنسة».. لا يتوقف «عمرو» عن توجيه هذا السؤال لكل طالب أو طالبة بمجرد دخولهم من الباب الرئيسى للمدينة الجامعية التابعة لجامعة القاهرة، فى طريقهم لمعمل الحاسب الآلى المفتوح مجاناً لتسجيل الرغبات فى المرحلة الأولى لتنسيق الثانوية. ويبتسم كل فترة قصيرة وهو يصطحب الطالب أو الطالبة لـ«معمل حاسب» نصبه ورفاقه على سور المدينة، لتسجيل الرغبات له مقابل 30 جنيهاً، بعد نجاحه فى إقناع الطلاب بضرورة الاستعانة بهم لتسجيل الرغبات حرصاً على مستقبلهم، الذى قد يضيعه موظفو التنسيق من حملة «الدبلومات» بجهلهم.
12 جهاز حاسب آلى، مرصوصة على خمس طاولات عريضة مع طابعة كبيرة.. هذه هى كل مكونات الحاسب الآلى الذى نصبه «عمرو» ورفاقه من أهالى بين السرايات بجوار سور المدينة الجامعية بطريقة «على عينك يا تاجر».. ويبدأ «معمل الحاسب الخاص»، منذ السادسة صباحاً، أى قبل أن يفتح مكتب التنسيق بابه لتلقى استفسارات طلبة المرحلة الأولى فى شهادة الثانوية العامة.
وداخل سور الجامعة، يقف «عمرو» أسفل شجرة مستنداً إلى سيارة يحاول لفت أنظار الطلبة وأولياء الأمور الذين حضروا إلى المدينة الجامعية لتسجيل الرغبات، ويتحدث بصوت عالٍ مع كل طالب يسأله عن شىء ما فى التنسيق ليتحول إلى خطيب أمام مجموعة من الطلبة وأولياء الأمور يجيبهم عن أسئلتهم ويزيدهم نصحاً بشأن اختيار الجامعات المناسبة للطلاب كل وفق درجته، وقبل أن يرحل الجمع وبعد أن يكسب ثقتهم بما له من خبرة فى شئون التنسيق والجامعات، يعرض عليهم «أنا هسجلكوا الرغبات يا جماعة هاتولى الشهادة ورقم الجلوس والرقم السرى هطبعلكم ورقة بالتسجيل كمان علشان تبقى معاكم».
وفور موافقة الطلاب، يصطحبهم «عمرو» إلى الخارج ويسلمهم إلى أحد رفاقه أو حراس المعمل ويقوم بتوزيعهم على المعمل الخاص المطل على عرض الطريق والمنصوب أسفل سور المدينة بجوار الباب.
بجوار كل حاسوب يوجد مقعدان أحدهما لأحد العاملين فى المعمل والآخر للطالب أو ولى أمره، ليتابع معه تسجيل الرغبات الـ48، وبعد أن ينتهى، يطالبه بدفع 30 جنيهاً نظير التسجيل.
يقول «عمرو» لـ«الوطن»: المعمل الذى أعمل به أفضل من موظفى مكاتب التنسيق، «موظفين الحكومة دبلومات وما يفهموش حاجة، إنما أنا بكالوريوس تجارة وكل اللى بره بيسجلولك خريجين جامعات متعلمين أكتر من موظفى الحكومة وهايفيدوك»، مضيفاً: «الشباب اللى بره، يعملون فى تسجيل الرغبات منذ 10 سنوات، ويضعون الرغبات المناسبة لكل طالب وفق درجته»، لافتاً إلى أنه وأغلب العاملين من منطقة «بين السرايات» ويستقبلون الطالب منذ أن يسجل رغباته حتى يلتحق بالجامعة إلى أن يتخرج، وأنهم يوفرون له جميع الخدمات التعليمية.
ويضيف المندوب، أن الخبرة التى اكتسبها العاملون فى المعمل الخاص لم يكتسبها الموظفون الحكوميون، قبل أن يتابع متهكماً: «دول دبلومات هيسوحوك وبيبقوا عايزين يخلصوا ميعادهم ويمضوا ويروحوا ويقبضوا آخر الشهر، إنما إحنا بنبص لقدام»، مشيراً إلى أنهم يعملون أمام أعين الناس ولم تتجرأ الشرطة على طردهم وأنهم يعملون فى منطقتهم.
وفى الوقت الذى يحث فيه موظفو مكتب التنسيق الطلبة وأولياء الأمور على عدم اللجوء إلى سماسرة التنسيق خارج المدينة، ويعلقون لافتات تحذرهم من التعامل معهم، تطالبهم بضرورة الحفاظ على الرقم السرى وعدم إفشائه للغير، يتهم «عمرو» وزملاؤه من السماسرة الموظفين بالجهل وعدم الدراية، معلقاً بقوله: «هم علقوا لافتات وهنقطعها لأن فى طلبة ممكن تتسوح من استهتار الموظفين، واسأل عننا الطلبة اللى فى الجامعة إحنا بنخدمهم إزاى».
ويضيف «خالد» أحد العاملين بالمعمل، أنه يسجل رغبات الطلبة منذ 4 سنوات، وعلى دراية بالقوانين والقرارات التى تصدرها الوزارة فيما يخص الشأن التعليمى، مشيراً إلى أن التسجيل لديه على «ميه بيضا»، لافتاً إلى أنه لا يخشى من الشرطة لأنهم «يخدمون الطلبة»، ولم تقم الشرطة بطردهم من قبل.