تركيا توسع حربها ضد الأكراد..و"العمال الكردستاني" يرد بعمليات انتقامية
تصاعدت حدة العمليات الكردية الانتقامية، في عدد من المدن التركية، عقب إعلان منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية المحظورة في تركيا، إلغاء قرار وقف إطلاق النار، بعد أن وسعت الطائرات الحربية التركية عملياتها ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، لتشمل عدد من معسكرات منظمتهم في منطقة شمال العراق.
وقالت عدة محطات إخبارية، اليوم، إن انفجارا كبيرا وقع أثناء مرور عربة عسكرية مدرعة في ضواحي بلدة ليجه على الطريق البري، الذي يربط مدينتي دياربكر وبينجول، جراء انفجار سيارة مفخخة متروكة على جانب الطريق بالتحكم عن بعد، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين من قوات الدرك وتم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وعلى إثر الهجوم، شنت القوات المرابطة في المنطقة عملية بحث وتمشيط بدعم من طائرتين مروحيتين، في محاولة لإلقاء القبض على مرتكبي الحادث من أعضاء المنظمة الانفصالية.
وتعرضت قوات مكافحة الشغب لهجوم مسلح من قبل مجهولين في حي "أوك ميداني" وسط مدينة إسطنبول، أثناء تأديتها مهامها في فض تظاهرة، ما تسبب في إصابة 4 أشخاص بجروح، منهم 3 رجال شرطة، وإصابتان منهم في حالة خطيرة، وتم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وقالت محطة "إن. تي. في"، اليوم، إن "هناك مزاعم عن قيام مسلحين بإطلاق النيران أثناء إقلاع الطائرات الحربية إف - 16 قبل تحليقها من قاعدة ديار بكر لقصف مواقع "داعش" في سوريا ومعسكرات الانفصاليين في شمال العراق.
وأضافت المحطة، أن قوات الأمن المسؤولة عن حماية القاعدة الجوية، شنت عملية بحث وتمشيط وبدعم طائرة مروحية، في محاولة لإلقاء القبض على المسلحين الذين فروا من موقع الحادث.
وقبل ساعات من تفجير "ليجه"، أعلنت قوات الدفاع الشعبي الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، في بيان عبر موقعها على الإنترنت، أن تركيا "أنهت من جانب واحد" وقف إطلاق النار المطبق منذ 2013، وقالت إنه "وسط هذا القصف الجوي (التركي) الكثيف، لم يعد للهدنة أي معنى".
ومنذ مساء الجمعة، شنت مقاتلات "إف - 16" التركية عدة غارات على منشآت ومعسكرات ومستودعات للذخيرة لحزب العمال الكردستاني في جبل قنديل أقصى شمال العراق، وقال المتمردون الأكراد، إن العمليات أسفرت عن سقوط قتيل و3 جرحى.
وأكد حزب العمال الكردستاني بعد ذلك في بيان عبر موقعه الإلكتروني، أن القصف التركي لمواقعه في شمال العراق "اعتداء"، مضيفًا "شروط الإبقاء على وقف إطلاق النار انتهكت، وأمام هذه الاعتداءات يحق لنا الدفاع عن أنفسنا".
وأحرق المتمردون الأكراد، مساء أمس، 4 معدات مخصصة لبناء أحد سدود الري في قضاء "صاري قامش"، بولاية قارص شرق تركيا، ثم لاذوا بالفرار، في وقت توجهت فيه قوات الأمن إلى موقع الاعتداء وبدأت عملية أمنية لإلقاء القبض على الجناة، وتعرضت حافلتان للنقل العام، إلى هجومِ في قضاء "نارلي دره" بولاية إزمير غرب البلاد، حيث أحرق مجهولون إحداها بإلقاء زجاجات حارقة "مولوتوف" عليها، فيما هشموا زجاج الأخرى.
وأطلقت الشرطة التركية، مدافع المياه والغاز المسيل للدموع، مساء أمس، لتفريق متظاهرين تجمعوا في العاصمة أنقرة، للاحتجاج على الضربات العسكرية في سوريا وشمال العراق، وفق ما نقلته وسائل إعلام تركية.
وأظهرت صور اعتقال عدة متظاهرين، بينهم نساء وسط مواجهات مع عناصر الشرطة.
واتخذت رئاسة البرلمان التركي، قرارا بعقد جلسة طارئة الأربعاء المقبل، لمناقشة وتقييم التطورات الأخيرة الناجمة عن الإرهاب الداخلي والخارجي من قبل المنظمتين "الإرهابيتين" حزب العمال الكردستاني و"داعش" والتي شهدتها عدة مدن في الآونة الأخيرة.
وقالت محطة "سي. إن. إن. تورك"، أمس، إن "حزب الشعب الجمهوري قدم في بداية الأسبوع الماضي، مذكرة لرئاسة البرلمان لعقد جلسة طارئة، لأن الأوضاع التي تشهدها البلاد تستوجب ذلك، على الرغم من أن عطلة البرلمان الصيفية مستمرة حتى الأول من أكتوبر المقبل".
وأعرب حزب "الشعوب الديمقراطية" الكردي، عن دعمه طلب الحزب المعارض الرئيسي في تركيا، ما اضطر رئيس البرلمان لأن يوجه دعوة رسمية إلى كافة نواب البرلمان لحضور الجلسة الطارئة.
ورحب "البيت الأبيض"، اليوم، بتزايد تركيز وجهود تركيا للتصدي لتنظيم "داعش"، ووصف حزب العمال الكردستاني بأنه منظمة "إرهابية".
من جهتها، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، اليوم، إن تركيا نفذت ليلة ثانية من الضربات الجوية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق والشام وشمال سوريا، وأيضا ضد مواقع لحزب العمال الكردستاني شمال العراق.
وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، إن "الهجمات تهدف إلى إقامة منطقة خالية من (داعش) في شمال سوريا"، لكنه لم يعط تفاصيل عن مدى هذه المنطقة الآمنة في سوريا وكيف سيتم الحفاظ عليها.
وأضاف جاويش، أن القوات التركية نفذت هذه الضربات بعلم الإدارة الأمريكية، لكن دون تدخل من جانب الولايات المتحدة، هذه القرارات اتخذت مع الولايات المتحدة في إطار اتفاقنا، لكن قواتنا تنفذ كل العمليات حتى الآن بمواردها الخاصة.
وكانت تركيا والولايات المتحدة، توصلتا في وقت متأخر الخميس الماضي، إلى اتفاق بشأن السماح لقواتهما بتنفيذ عمليات مشتركة ضد "داعش"، انطلاقا من الأراضي التركية، والسماح للولايات المتحدة بإطلاق عمليات جوية عسكرية من قاعدتها الجوية في "إينجرليك".
وأوضحت الصحيفة، أن القرار جاء بعد أيام من زيادة التوترات في تركيا، بعد مقتل 32 ناشطا تركيا في هجوم انتحاري أثناء نقل مساعدات إلى بلدة كوباني الكردية شمال سوريا يوم 20 يوليو الماضي، إضافة إلى مقتل 3 من رجال الشرطة، في هجوم أعلن حزب العمال الكردستاني المسؤولية عنه انتقاما لمقتل 32 ناشطا.
وفي اتصال لـ"الوطن"، قال المحلل السياسي التركي ياووز آجار، إن "التصعيد الأخير الذي تشهده تركيا بين الدولة والأكراد تحت لافتة الحرب على الإرهاب، كلها محاولات من حزب العدالة والتنمية لتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، أملا في استعادة الأغلبية التي فقدها الحزب، والتي حرمته من قدرته على تشكيل حكومة منفردة".
وأضاف آجار: "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تبنى من قبل خطة للسلام مع الأكراد في تركيا لتحقيق السلام الداخلي، لكن لما جاءت مبادرته في غير صالحه، بأن ذهبت أصوات المحافظين الأكراد من حزب العدالة والتنمية إلى حزب الشعوب الديمقراطية، بعد إعلان حزب العمال الكردستاني وقف أعمال القتال وفق مفاوضات السلام، يريد الآن الرئيس التركي من خلال الحرب على الإرهاب واستفزاز الأكراد جذب أصوات المحافظين الأكراد مرة أخرى".
وقال المحلل التركي، إن "تصريحات رئيس حزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرتاش، التي قالها عقب الانتخابات البرلمانية، من أن "العدالة والتنمية" يخطط لإشعال الفتن والاضطرابات في المدن التركية، عقابا لهم على تصويتهم لحزب الشعوب، يبدو أنها صحيحة الآن".
وتابع آجار: "كل المؤشرات تؤكد أن تركيا تتجه لانتخابات مبكرة، وإعلان الحكومة الحرب على الإرهاب فقط لتهيئة الأجواء، ومحاولة الحزب الحاكم جذب مزيد من الأصوات لصالحه".
كان حزب "العدالة والتنمية"، فقد الأغلبية البرلمانية في الانتخابات العامة التي أجريت مؤخرا، بحصوله على نحو 41%، بعد أن استطاع حزب الشعوب الديمقراطية الكردي تجاوز نسبة الـ10% لدخول البرلمان للمرة الاولى ما حرم الحزب الحاكم من أصوات الأكراد.