معامل مجهزة بأحدث المعدات لتدريب طلاب مدرسة الجلود.. ويومان للدراسة النظرية و4 عملي

كتب: محمد سعيد الشماع

معامل مجهزة بأحدث المعدات لتدريب طلاب مدرسة الجلود.. ويومان للدراسة النظرية و4 عملي

معامل مجهزة بأحدث المعدات لتدريب طلاب مدرسة الجلود.. ويومان للدراسة النظرية و4 عملي

وسط مجموعة كبيرة من المصانع فى مدينة العاشر من رمضان، يظهر مبنى حديث، تعلوه لافتة مكتوب عليها «مدرسة مجمع الجلود الثانوية الفنية للتعليم والتدريب المزدوج»، فى إشارة إلى أول مدرسة متخصصة فى تعليم صناعة الجلود، وتحديداً تصنيع الأحذية، لتجهيز وتأهيل الطلاب للعمل فى المصانع، وتعويض أزمة نقص العمالة الماهرة فى هذه الصناعة العريقة.

الطلاب يبدأون أولى خطوات تشكيل الجلود على نماذج ورقية.. و«ماكينة خياطة» أمام كل طالب للتدريب

الطابق الأول من المدرسة مخصص للتدريس والتعليم النظرى للطلاب، الذين يجلسون داخل الفصول مرتدين زيهم الأحمر الموحد، يتلقون الدروس النظرية من معلمتهم بتركيز واهتمام شديد لفهم الأجزاء النظرية لصناعة الجلود. وداخل الممر، الرابط بين الفصول، تنتشر اللوحات الاسترشادية على الحائط، موضحة عليها صور وأنواع الماكينات المختلفة داخل المدرسة.

فى الطابق الثانى، المخصص لتعليم الطلاب الصناعة بشكل عملى، يوجد المعمل الأول، تتراص داخله ماكينات الخياطة، ويجلس كل طالب بالسنة الدراسية الأولى على ماكينة، وأمامه ورقة بيضاء عليها خطوط محددة، يُحاول الطالب السير بالخياطة على الخطوط المرسومة. ووسط هؤلاء الطلاب يجلس جلال رمضان، طالب بالصف الأول بالمدرسة، تظهر على ملامحه علامات الإصرار على تعلم الخطوات الأولى لهذه الصناعة، تحدث مع «الوطن» عن شغفه الكبير بتعلم صناعة الأحذية، قائلاً: «قررت أدخل المدرسة هنا لما عرفت إننا هنتخرج منها صنايعية، وكمان هنشتغل على طول بعد التخرج، وممكن لما أجيب مجموع كويس فى السنة الأخيرة أدخل الجامعة».

وأوضح «جلال» أن المدرسة توفر العديد من المميزات التى تشجع الطلاب على حب الدراسة، من أبرزها وسائل المواصلات، والمرتبات الشهرية، والوجبات اليومية، وأضاف: «المدرسة فيها مميزات كتير، ودى حاجات شجعتنا على إننا نحب المدرسة أكتر فى أيامنا الأولى فيها»، مشيراً إلى أنه تعلم فى أيامه الأولى بالمدرسة التعرف على تفاصيل الماكينة، والعمل على الورق كبديل عن الجلود، تمهيداً للعمل على الجلود المختلفة فى مراحل تالية، معرباً عن تمنياته أن يُصبح ماهراً فى صناعة الأحذية بعد تخرجه من المدرسة، وحصوله على مجموع يُؤهله للالتحاق بالجامعة، واختتم حديثه بقوله: «نفسى أفتح مشروع كبير يكون متخصص فى تصنيع الأحذية».

فى الجهة المقابلة من نفس الطابق، يقع المعمل الثانى، يجلس داخله طلاب السنة الدراسية الثانية، يتعلمون ويستخدمون ماكينات الخياطة الأكثر تطوراً، ينفذون تعليمات المدرس، من بينهم الطالبة بسنت مؤمن، التى أكدت أن والدها هو من شجعها على الالتحاق بمدرسة الجلود وتعلُّم صناعة الأحذية، وقالت: «أهلى بيشجعونى جداً فى البيت عشان أكمل فى المهنة دى وأكبر فيها»، مشيرةً إلى أنها بدأت التدريب على نماذج الورق فى السنة الماضية، ثم التدريب على الجلود، ثم بدأت فى تصنيع «الشباشب»، وصولاً إلى «الكوتشى» حالياً، وأضافت أنها فى البداية لم تكن لديها نية للاستمرار فى هذه المهنة والتخصص فيها، ولكنها غيرت وجهة نظرها، وأضافت: «فى الأول بصراحة كنت ناوية أدرس التلات سنين وأقعد فى البيت، لكن حبيت صناعة الأحذية جداً، ونفسى أكمل فى الحرفة دى».

وعن أسباب حبها للمهنة وتغيُّر وجهة نظرها، قالت «بسنت» إن أعداداً قليلة من السيدات يعملن فى صناعة الأحذية، لذلك يمثل هذا دافعاً لها لتعلم هذه الصنعة وإتقانها، وأضافت: «نفسى أكبر فى المجال وأبقى شاطرة فيه وأقدر أفيد الصناعة فى بلدى»، مشيرةً إلى أنها تشجع الفتيات على الالتحاق بالمدرسة، وتعلُّم صناعة الأحذية، وتابعت بقولها: «بقيت كمان بأشجع باقى البنات اللى معايا فى المدرسة، وتحديداً بنات سنة أولى، عشان يكملوا فى المهنة دى».

«خالد»: نستهدف تخريج «صنايعى شارب المهنة» مشمجرد شهادة وخلاص

فى وسط الطلاب، داخل المعمل، يقف خالد كامل، مُدرب بالمدرسة، يشرح للطلاب تفاصيل وخطوات إحدى مراحل تصنيع الأحذية، من خلال الماكينات الموجودة أمام كل طالب، موضحاً أنه يبدأ التدريب مع الطالب منذ اليوم الأول له داخل المدرسة من خلال التدريب على الورق، والسير بالماكينة على الخطوط الموجودة على الورق، قائلاً: «الطلاب بيستغربوا من ماكينات الخياطة والورق فى الأول، لكن الطريقة دى بتعلمهم كويس، وبتحقق نتائج إيجابية كبيرة».

وأضاف «خالد»، لـ«الوطن»، أنه عندما يرتفع مستوى الطلاب فى المراحل الأولى، يبدأون فى مرحلة الإنتاج التالية، وتابع: «بنشتغل مع الطالب عشان يبقى قادر على صناعة الحذاء بالكامل من الألف إلى الياء، وبجودة ومهارة عالية، بعد تخرجه من المدرسة». وأوضح أن تعليم صناعة الأحذية ينقسم إلى 3 مراحل خلال سنوات الدراسة، السنة الأولى مخصصة للتدريب على الورق والوصول مع الطالب إلى بعض المنتجات الأولية مثل «الشباشب»، وفى السنة الثانية يصل الطالب إلى مراحل الإنتاج داخل المصانع.

وفى السنة الثالثة يعملون داخل المدرسة على تخريج عامل ماهر «صنايعى» فى مجال الأحذية، يستطيع العمل فى أى مصنع بعد تخرجه من المدرسة، وأضاف أن التدريب العملى للطلاب 4 أيام فى الأسبوع، من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 3:30 عصراً، وهى أكثر من أيام النظرى «يومين فقط»، واختتم حديثه بقوله: «هدفنا تخريج صنايعى شارب المهنة بجد، مش مجرد شهادة بيحصل عليها الطالب وخلاص، وبنحاول ونشتغل علشان نخلى كل الطلاب فى مستوى واحد وبكفاءة عالية»، لافتاً إلى أن الماكينات التى يتم تدريب الطلاب عليها، هى الأحدث فى السوق خلال الفترة الحالية.

مدير المدرسة: لا نستقبل أعداداً كبيرة من الطلاب.. وأطلقنا إعلاناً لتدريب المرأة المعيلة مجاناً

وفى جولة داخل المدرسة، يمر الدكتور مؤمن حجاج، مدير مدرسة مجمع الجلود، على الفصول الدراسية ومعامل التدريب لمتابعة سير اليوم الدراسى، وأثناء وقوفه داخل أحد الفصول تحدث لـ«الوطن» مؤكداً أن المدرسة تعمل بنظام التعليم المزدوج، حيث تكون الدراسة يومين «نظرى»، و4 أيام «عملى»، تُقسم بين الورشة فى المدرسة، وبين المصنع، كما يوجد العديد من التخصصات الموجودة بالمدرسة، أبرزها صناعة الأحذية والملابس الجاهزة، وأوضح أن التخصص الذى تهتم به المدرسة فى الوقت الراهن وبدأ العمل فيه منذ 3 سنوات، هو تخصص صناعة الأحذية، مشيراً إلى أن المدرسة شهدت تخريج دفعتين حتى الآن.

وعن طبيعة دراسة الطالب داخل مدرسة الجلود، قال «مؤمن» إن الطالب يدرس الجانب النظرى داخل المدرسة، متمثلاً فى الأمور المتعلقة بالمهنة نفسها، سواء فى تكنولوجيا التصنيع، أو فى الخامات والأدوات التى يستخدمها، كما يدرس النواحى التكنولوجية للماكينات التى سيتعامل معها داخل المصانع، وخامات الجلود، وكيفية التفريق بين الأنواع الجيدة والأنواع الرديئة، ودراسة تركيب وشكل وأنسجة وخيوط الجلود، وكل ذلك يساعد فى رفع مستوى الطالب، وأضاف: «بنعلمهم إزاى يشتغلوا على الماكينات، وكمان صيانتها البسيطة، وبنّزّل الطلاب معايشات طبيعية داخل المصانع».

وأوضح مدير المدرسة أنهم لا يستقبلون أعداداً كبيرة من الطلاب فى المدرسة فى الدفعات الجديدة، من أجل الحفاظ على درجة الاهتمام الكبيرة التى يحظى بها الطلاب خلال الدروس النظرية أو أثناء التدريبات العملية، وتابع: «بنختار الطالب فى المدرسة بعناية كبيرة جداً، بحيث يتخرج من المدرسة وهو عامل فنى ماهر، قادر على التصنيع بشكل جيد»، وأشار إلى أن هناك معايير تضعها وزارة التربية والتعليم لاستقبال الطلاب، ومعايير أخرى تضعها المدرسة، خاصة بالمهنة نفسها، ومن خلالها يتم التأكد من توافر بعض السمات، عن طريق لجنة تختبر المتقدمين للمدرسة، على أساسها يتم اختيار عدد محدود للالتحاق بالمدرسة.

وكشف «مؤمن» أن الهدف من المدرسة ليس فقط تخريج دفعات من الطلاب المهرة فى صناعة الجلود، ولكن خلال الفترة الأخيرة أطلقت المدرسة إعلاناً لتدريب المرأة المعيلة مجاناً، لتقديم الاستفادة إلى أهالى المجتمع المحيط بأكمله، قائلاً: «بنعلمهم الصنعة هنا مجاناً، مع مصروف للجيب على مدار فترة التدريب، وبنوفر لهم جميع خامات التدريب مجاناً، ده غير الدورات التدريبية اللى بنقدمها للشغالين فى المصانع».

وعن التحديات التى يواجهها كمدير لمدرسة للجلود، أوضح «مؤمن» أن أبرز التحديات تتمثل فى النظرة المجتمعية تجاه مهنة صناعة الأحذية، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة، ويحاولون خلال الفترة الأخيرة تغيير الثقافة والصورة الذهنية من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، كما أن التحدى الآخر يتمثل فى بُعد مسافة المدرسة، وتحاول المدرسة التغلب عليه، من خلال توفير وسائل مواصلات للطلاب.


مواضيع متعلقة