الحوار "المصرى الأمريكى".. اتفاق حول الإرهاب.. وخلاف حول حقوق الإنسان
انعقدت، أمس بمقر وزارة الخارجية، جلسات الحوار الاستراتيجى بين مصر وأمريكا، برئاسة سامح شكرى، وزير الخارجية ونظيره الأمريكى جون كيرى ووفدى البلدين، بعد توقف دام لسنوات طويلة نتيجة التوترات السياسية الأخيرة فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط. وقال «شكرى»، خلال الجلسة الافتتاحية للحوار الاستراتيجى بين البلدين، إن «تطوير العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة يتطلب فكراً جديداً فى إدارتها»، مؤكداً التزام مصر بالعلاقات الاستراتيجية مع «واشنطن»، وأن «مصر تتطلع لأن يتناول الحوار الاستراتيجى العلاقات الثنائية بين البلدين والتى تمثل الركيزة الأساسية للعلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وأن الحوار يجب أن يقوم على أساس التعاون والمصالح المشتركة بعيداً عن الشروط، وأن مصر دخلت مرحلة ترسيخ مفاهيم الحرية والديمقراطية وتشجيع دور المجتمع المدنى». وأوضح وزير الخارجية، فى كلمته، أن «مصر تأمل فى أن تقدم الولايات المتحدة الدعم للحكومة المصرية لتعزيز دورها فى تحقيق مطالب الشعب فى الديمقراطية»، وقال: «نتطلع لاستمرار التعاون الوثيق فى مجال حيوى هو التعاون العسكرى بما يسهم فى تحقيق أمن البلدين، ويسهم فى حث الجانب الأمريكى على الاستفادة من الفرص الاقتصادية الواعدة فى مصر من خلال قانون الاستثمار الجديد ومشروع قناة السويس الجديدة».[FirstQuote]
وأشار «شكرى» إلى أن «الأسلوب الأمثل لدعم العلاقات بين مصر والولايات المتحدة يتطلب إدارة العلاقة بفكر جديدة ينبع من تحقيق الاستفادة المشتركة للبلدين، وأن الحوار الاستراتيجى يؤسس لعلاقات جديدة بين البلدين بما يسمح بتحقيق المصالح المشتركة ومواجهة التحديات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط وخاصة تنامى ظاهرة الإرهاب بشكل بات يهدد الأمن والاستقرار للدولتين».
وتابع «شكرى»: «الحوار الاستراتيجى يساهم فى تقييم العلاقة بين البلدين فى مجمل مناحيها ومراجعة ما تم تحقيقه من أهداف تخدم مصالحهما والاستفادة من التقييم المشترك لما تم إنجازه من نجاحات سواء على صعيد إدارة العلاقات الثنائية أو تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وأيضاً مجالات التباين فى المواقف وفقاً للمتغيرات السياسية الراهنة»، مبدياً تطلعه إلى أن يسهم هذا الحوار فى حث الجانب الأمريكى على الاستفادة من الفرص الاقتصادية الواعدة فى مصر، على رأسها قانون الاستثمار الجديد ونظام «الشباك الواحد» وقانون «تنمية قناة السويس» ومشروعات «تنمية محور قناة السويس» وبرنامج دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير مستوى التعاون الثنائى لزيادة إنتاج الطاقة فى مصر.
من جانبه، قال جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، فى كلمته، إن «مصر تلعب دوراً رئيسياً فى منطقة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية»، لافتاً إلى «أهمية بناء عناصر العلاقات بين البلدين من خلال الحوار الاستراتيجى، وأن مصر دفعت ثمناً كبيراً فى مواجهة التطرف»، معرباً عن «إدانة بلاده لحادث استشهاد النائب العام المستشار هشام بركات، وكذا العمليات الإرهابية فى سيناء». وأشار إلى أنَّ «بلاده لديها أفكار كثيرة من أجل محاربة الإرهاب وتأمين الحدود»، مشيراً إلى أنَّ «عدد الإرهابيين الذين تم تقديمهم للعدالة قليل للغاية، وأنه لا بد من تعزيز العلاقات بينها وبين واشنطن»، قائلاً: «زرت مصر فى أكثر من مناسبة ورسالتى الثابتة هى أن الشعب الأمريكى مهتم بأمن ورفاهية الشعب المصرى». وأكد «كيرى»، خلال جلسة للحوار الاستراتيجى، دعمه لأمن مصر وتعزيز العملية الديمقراطية فيها، مشيراً إلى أن «الحوار الاستراتيجى سيبدأ من النقطة التى توقف عندها، ويحضر فعاليات الحوار ممثلون لوزارات الدفاع والتعاون الدولى والصناعة والاستثمار والتجارة والتعليم وكل ما هو معنى بالعلاقات بين البلدين». وأشار «كيرى» إلى «المساعدات التى قدمتها أمريكا إلى مصر، ومن بينها طائرات إف 16 وأباتشى وعربات مصفحة»، مضيفاً: «سوف نواصل تقديم الدعم والتدريب للعسكريين المصريين فى محاولة لدفع القدرات وتحقيق الأهداف القصوى للأمن». وأكد «كيرى» أنه «على الدولة إقناع الشباب من التحول إلى العنف والتطرف فى المقام الأول، وعلينا دعم السلطات الدينية والتعليمية لمواجهة التطرف»، حسب قوله، مشيراً إلى أن «النجاح (فى أى دولة) يبدأ من نجاح الثقة بين السلطات والشعب فى محاولة لإيجاد طريقة للتعبير عن الآراء من خلال عملية ديمقراطية حرة».[SecondQuote]
وشدد «كيرى» على دعم بلاده لمصر اقتصادياً، مرحباً بالخطوات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة المصرية وتحسين الفرص أمام رجال الأعمال، مضيفاً: «ولكن لا يزال هناك الكثير الذى يجب أن يتم»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة تحاول العمل مع مصر على خمسة مبادئ لأنها هى سبيل التقدم إلى الأمام»، وقال إن «أمريكا تود أن تعمل مع مصر من أجل جذب رؤوس الأموال.. نحن نتعاون معكم من أجل حماية الملكية الفكرية وبراءات الاختراع من أجل تدعيم المشروعات وخلق فرص عمل للجميع».
وقال «كيرى» إن «أمريكا تتعاون مع الحكومة من أجل دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص العمل»، مشيداً بالقوانين التى أصدرتها مصر مؤخراً، ومن بينها قانون الاستثمار والشباك الواحد، مضيفاً: «نود أن نتعاون مع مصر فى وضع استراتيجيات مكثفة للطاقة». وأضاف أن «مصر وأمريكا تتعاونان من أجل دعم الإصلاحات السياسية والحوكمة الجيدة». وأوضح وزير الخارجية الأمريكى، أن «مصر عانت بشكل كبير من الإرهاب فى الفترة السابقة، وتتفهم الولايات المتحدة جيداً المخاطر التى تواجهها مصر على حدودها، خاصة من ليبيا وإرهاب داعش وأيضاً من المخاطر التى تهدد أمن المنطقة». وقدم «كيرى»، التهنئة للشعب المصرى والرئيس عبدالفتاح السيسى، بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة المقرر لها 6 أغسطس الحالى، مؤكداً أن «هذا المشروع الضخم العظيم سيكون له عظيم الأثر على الاقتصاد المصرى»، مشيراً إلى أن «أمريكا تقدم الدعم والتدريب للعسكريين المصريين من أجل تحقيق الأهداف القصوى ضد الإرهاب»، مضيفاً: «الرئيس السيسى قام بجهد كبير ورائع من أجل دعم الطاقة».
وكانت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية شهدت توتراً مع تداعيات عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى فى يوليو 2013، ما دفع «واشنطن» إلى تعليق جزء من المساعدات العسكرية للقاهرة فى أكتوبر 2013.