شهداء حفر القناة الجديدة.. قصص من "البطولة الصامتة"
فى نفس المنطقة التى مات فيها أجدادهم من عمال حفر قناة السويس القديمة قبل 150 عاماً، قَضوا هم أيضاً، اختلف الزمان، والحكام، وشكل المعدات لكن الإنجاز والهدف واحد. أجدادهم ماتوا بسبب السخرة والأوبئة والمعاملة السيئة والعمل دون مقابل، لكن ضحايا حفر قناة السويس الجديدة توفوا أثناء عملهم الذى ذهبوا إليه بإرادتهم الكاملة، ليوفروا نفقات العيش الكريم لأسرهم، فضلاً عن تنفيذ وتمويل المشروع بالكامل من قبَل المصريين، فهو إنجاز مصرى خالص.
ما بين سقوط صخور عليهم، وسقوطهم من فوق المعدات قضوا نحبهم. وتوفى فى عمليات حفر قناة السويس الجديدة حوالى 11 عاملاً من فئات عمرية ومحافظات مختلفة. ونظمت القوات المسلحة زيارة خاصة لأهالى شهداء الحفر إلى موقع قناة السويس الجديدة وكرمتهم، وهو ما أثنى عليه أهالى الشهداء. «ربيع ربيع سليم»، 47 عاماً، أول العمال الذين لقوا مصرعهم فى مشروعات حفر قناة السويس، توفى فى 9 سبتمبر الماضى، بعد بداية الحفر بشهرين، فى أول يوم عمل له بالمشروع، وتم نقله للمستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة هناك. وتبرعت الشركات العاملة بالمشروع لأسرة العامل، فضلاً عن تبرع شركة التأمين التى قامت بعمل وثيقة تأمين مجانية لعمال القناة، بالإضافة إلى أن شركة التأمين تحملت وحدها 10 آلاف جنيه للعامل الضحية، فضلاً عن مساهمة القوات المسلحة وشركات المقاولات وعمال المشروع الجديد.
تقول زوجة «ربيع»: «جوزى استشهد فى أول يوم عمل له فى القناة، والدولة قامت باللازم الحمد لله معانا، ربنا يصلح لها الحال، أنا عندى 4 أطفال صغيرين، بنتين وولدين، ولو كان عندى عيل كبير كنت هخليه يكمل مكان أبوه لأن مشروع قناة السويس الجديدة عمل وطنى». ويقول عياد يوسف، والد بطرس، أحد ضحايا حفر القناة الذى توفى 17 أكتوبر 2014: «مصر بخير والحمد لله، ولو كان عندى ابن تانى كنت جبته يشتغل هنا تانى، وباشكر الرئيس السيسى على اللى عمله معانا، الدولة قامت بالواجب وماقصرتش، مصر بخير والحمد لله وربنا يبارك فى مشروع القناة الجديدة».
أما ثانى العمال الذين توفوا فى الحادث فهو «محمود محمد كمال»، 22 سنة، لقى مصرعه متأثراً بجراحه بعد أن دهسته سيارة خلال قيامه بأعمال صيانة، فيما كان الثالث «باسل محمد محمود»، 30 سنة، الذى لقى مصرعه بمشروع حفر قناة السويس الجديدة، أثناء حفر قناة اتصال بين القناة والمجرى الملاحى، حيث أصيب نتيجة سقوط حجر على رأسه، حين كان يقف على حافة مسار الحفر، وسقط من أعلى حافة تلة صغيرة فى انهيار رملى، ما أدى لوفاته قبل الوصول إلى مستشفى الإسماعيلية العام.
وتوفى أيضاً «محمد فايز سالم» 29 سنة، إثر سقوط سيارة نصف نقل عليه، أما العامل الخامس فهو «حمدى ثروت سالم»، 30 سنة، من محافظة الشرقية، صدمته سيارة نقل، ما أدى إلى إصابته بكسور ونزيف داخلى وخارجى فارق على أثره الحياة. كما توفى «منتصر عاطف عبدالحميد»، 27 سنة، ولقى مصرعه بمشروع حفر قناة السويس الجديدة، عقب إصابته بنزيف داخلى نتج عن دهسه بسيارة عن طريق الخطأ، ووصل إلى المستشفى فى حالة حرجة، وحاول الأطباء وتوفى شخصان فى فترة زمنية لا تزيد على أسبوع، بعد مرور 5 أشهر فقط من بداية المشروع القومى العملاق، الذى بدأ فى 6 أغسطس الماضى، وتوفى العامل محمد السيد، 38 سنة، مقيم فى مركز الحسينية، محافظة الشرقية، إثر سقوطه أثناء قيادة «جريدر»، ولحق به فى موقع الحفر أيضاً فايز محمد صفوت، 41 عاماً، مقيم بالمطرية بالقاهرة، إثر أزمة قلبية، 25 ديسمبر الماضى.