"لائحة ديليسبس" حفرت القناة بالسخرة.. والتشجيع حفر القناة الجديدة
"لائحة استخدام العمال الوطنيين المصريين في أشغال قناة السويس".. اسمٌ أطلق على اللائحة التي وضعها "ديليسبس" منفردًا، مُنذ ما يقرب من 160 عامًا، والتي وضعت بعد أن أتاحت المادة الثانية من الامتياز الثاني الذي حصل عليه "ديليسبس" من سعيد باشا في 5 يناير 1856، حيث نصت على أنه "للشركة الحق فى تنفيذ الأعمال المنوط بها وبمعرفتها أو بواسطة مقاولين وتعطى لهم بالمناقصة العامة والممارسة وفى جميع الحالات يكون على الأقل أربعة أخماس العمال الذين يستخدمون فى هذه الأعمال من المصريين".
أسست اللائحة لاستخدام العمال بنظام السخرة في حفر القناة، حيث تفنن "ديليسبس" في صياغة مواد اللائحة لتسخر الشعب المصري لحفر القناة، حيث أكرهت تلك اللائحة ما يقرب من مليون مصري من إجمالي تعداد الشعب المصري وقتها والذي بلغ نحو 4.8 مليون نسمة، على أعمال الحفر.
اشترطت اللائحة أن يكون أربعة أخماس عمال حفر القناة من المصريين، وأنه على الحكومة المصرية تزويد موقع الحفر بالعمال، وهنا اتجهت الحكومة إلى القسر في جمع الفلاحين وتهجير أراضيهم ليكرهوا على حفر القناة، ويذهبوا إلى أجواء حفر مليئة بالأوبئة والأمراض.
15 مليمًا في اليوم، كان ذلك أجر العامل كما نصت المادة الثانية من لائحة تشغيل العمال، كما أن الطفل دون الثانية عشر من عمره يحصل على قرش واحد فقط أي 10 مليمات، لكن تلك المنظومة المُتبعة للأجور لم تدم طويلًا وتغيرت لتكون بحسب كل متر مكعب يحفره العامل وعلى حسب صلابة الأرض.
ويري المؤرخ والخبير العمالي، صلاح الأنصاري، أن لائحة العمال المصريين التي وضعها ديليسبس كانت تستعبد العمال، وقائمة على نظام السخرة، حيث إن عمال مصر أكرهوا على حفر القناة ومات منهم أكثر من 120 ألف عامل أثناء عمليات الحفر، مشيرًا إلى أن العمال قديمًا حفروا القناة دون أجور، كما عانوا من الأوبئة وانتشار الأمراض ولم يكن هناك مياه صالحة للشرب.
وأكد الأنصاري لـ"الوطن"، أن إنجاز مشروع حفر القناة الجديدة في سنة واحدة يدل على أن العمال كانوا في حالة جيدة، وعن وجود تشجيع لهم بشكل دائم وبذل المزيد من الجهد في العمل، موضحًا أن علاقة العامل بصاحب العمل لم تكن بشكلها المجحف، حيث إننا لم نسمع عن أي عمليات فصل لأي عامل من عمال القناة الجديدة.
وأضاف المؤرخ والخبير العمالي، أن نظام العمل في حفر القناة الجديدة قائم على التعاقد مع عدد من الشركات لتقوم بأعمال الحفر والتكريك وبمجرد انتهاء التعاقدات وإتمام العمل ينتهي عمل الشركات بعمالها في موقع الحفر.