مخاوف في السعودية جراء انتشار ظاهرة التحرش الجنسي
تعرف على إحصاءات ظاهرة التحرش الجنسي في السعودية
صورة أرشيفية
في تسجيل مصور مدته دقيقة واحدة رفع على موقع "يوتيوب" الشهر الماضي، فيديو يظهر امرأتان سعوديتان تسيران على طول الممشى الساحلي بمدينة جدة السعودية الواقعة على البحر الأحمر، بينما يسخر منهما مجموعة من الشباب ويتبعانهما حتى أصبحتا ثائرتين بشكل واضح.
وانتشر التسجيل المصور بسرعة وأدى إلى جدل شعبي نادر حول حقوق المرأة في بلد يصنف نفسه كدولة إسلامية تتمسك بأقسى فصل بين الجنسين في العالم.
النشطاء الحقوقيون والمعلقون انتقدوا الرجال الظاهرين في التسجيل المصور لتحرشهم جنسيا بالسيدتين، اللتان كانتا ترتديان الجلباب الأسود التقليدي المعروف باسم "العباءة"، إلى جانب النقاب.
الغضب الشعبي، الذي تم التعبير عنه في وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنت، حض على إجراء تحقيق شرطي، وذكرت وسائل الإعلام المرتبطة بالدولة إن "الشبان الستة الضالعون في الأمر اعتقلوا وجرى استجوابهم".
وبعد أيام، ظهر تسجيل مصور آخر، يظهر فيه نفس الشابتين، وجرت مشاركته على المواقع الإخبارية شبه الرسمية وتم تحميله على المواقع الإلكترونية التابعة للقنوات المملوكة للقطاع الخاص مثل تليفزيون "روتانا"، الذي أشار إلى أنه جرى تسجيله قبل الاقتراب من السيدتين ومخاطبتهما بطريقة وقحة.
وفي هذا التسجيل المصور، كانت السيدتان تركبان دراجة رباعية على الممشى الساحلي بينما كان الشباب يشاهدهما، وقامت احداهما بقذف "عقال"، وهو حبل أسود يرتديه الرجال السعوديين فوق رؤوسهم كجزء من زيهم التقليدي، باتجاه الرجال، وانفجر الرجال في الضحك وصاحوا على اللفتة التي قامت بها المرأة.
فجأة، لم يعد ينظر إلى المرأتين على أنهما ضحيتين من قبل المشاهدين الذين اتهموهما بأنهما "غير محتشمتين" وأنهما من أثار الرجال.
وعلى الرغم من أن الرجال والنساء في السعودية يعملون إلى جانب بعضهما البعض في الأماكن مثل المصارف والمستشفيات، فأنه من المحظور اجتماعيا اختلاط الرجال والنساء غير المتزوجين - سواء في الأماكن العامة أو الأماكن الخاصة - وتلتزم النساء بالزي المحافظ الذي غالبا ما يتضمن تغطية الوجه بالكامل.
ومن غير المسموح للنساء السعوديات بقيادة السيارات وركوب الدراجات الرباعية في المناطق الأكثر تحفظا، لكن في جدة، التي تعد محورا بحريا وبوابة ملايين الحجاج المسلمين القادمين إلى المملكة، لا تقوم بعض النساء بتغطية وجههن والعباءات لا تكون دائما سوداء، وهناك ممرات للمشي، حيث يمكن للرجال والسيدات، المرتديات عباءات سوداء رياضية، أن يقوموا بنزهة إلى جانب بعضهم البعض - وهي مساحات عامة ليست موجودة للمواطنين السعوديين العاديين في العاصمة الرياض.
وقال المستشار القضائي يحيى الشهراني لموقع "سبق" الإخباري، شبه الحكومي، إنه يعتقد أن السيدتين تصرفتا بطريقة "مثيرة ومغرية".
وأضاف أنه سيكون من الظلم التحقيق وربما إحالة الرجال إلى المحاكمة "بدون اتخاذ نفس الإجراء حيال من قام بالإثارة والإغواء، وهما الفتاتان".
وألقى الشهراني باللائمة أيضا على أولياء أمور السيدتين الذين سمحوا لبناتهم بالتواجد في مكان عام وحولهما شباب.
ويعد الجدل الذي انبثق عن التسجلين المصورين هاما، حيث جلب هذه القضية إلى دائرة الضوء وفضح المعاناة التي تواجهها المرأة السعودية في الأماكن العامة.
وتقول وزارة العدل إنه جرى تسجيل 3982 حالة تحرش جنسي على مدار العامين الماضيين، غير أن ذلك الرقم يتضمن أيضا حالات الاعتداء الجنسي والاغتصاب حيث لا يوجد تعريف قانوني لماهية التحرش الجنسي في السعودية.
ويزعم النشطاء في مجال حقوق المرأة السعودية والنقاد الليبراليون أن التحرش الجنسي شائع جدا في المملكة ودعوا إلى سن قانون يجرم مثل هذا السلوك.
وقالت الناشطة تماضر اليامي لـ"أسوشيتد برس" إنه بغض النظر عن ما إذا كانت المرأة السعودية تظهر وجهها أم لا فإنه ينظر إليها على أنها "مجرد جسد حي للتحرش به".
وأضافت "التحرش شيء تراه بشكل يومي، إنه متوقع ومسلم به، هذه هي الطريقة التي يشيع بها، إنه يثير الجدل فقط عندما تلتقطه الكاميرا".
وتوجد بمواقع التواصل الاجتماعي وموقع "يوتيوب" تسجيلات مصورة من كافة أرجاء المملكة تظهر على ما يبدو سيدات يتم التحرش بهن.