خريف «البرادعي».. «البوب» يعود من حيث جاء قبل 4 أعوام
خريف «البرادعي».. «البوب» يعود من حيث جاء قبل 4 أعوام
البرادعي
4 محطات فى 4 أعوام، مرت بها قافلة «البوب» ورفاقه، بمعدل محطة فى كل عام، لكل محطة معركة وخصم وهدف ونتيجة بمكسب وخسارة أو بكليهما معاً. المعركة الأولى كانت فى مواجهة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واستمرت من مطار القاهرة 2010 إلى ميدان التحرير 2011 الذى شهد اندلاع ثورة 25 يناير وصولاً لإعلان التنحى فى 11 فبراير، انتقادات عديدة وجّهها رئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية إلى نظام «مبارك» خلال العام الأول من الرحلة، النظام الذى وصفه بأنه «غير قابل للاستمرار»، واتهمه بـ«الفساد والاستبداد»، ودعا الأحزاب والقوى السياسية لعدم المشاركة فى آخر انتخابات برلمانية فى عهده التى أسفرت عما عُرف بـ«برلمان أحمد عز»، وعقب الانتخابات ومع زيادة الغضب وشعور الجميع بالخسارة، تحول «البرادعى» من «مؤذن فى مالطة» إلى «أيقونة التغيير» ورأس حربة لكل الذين يريدون الضغط على النظام أو إزاحته تماماً. جرت كرة الثلج بأسرع مما تصور أكثر المتفائلين، وانطلق القطار الذى لم يعد أحد قادراً على إيقافه، ومن منزله تأسست الجمعية الوطنية التى ترأسها وانطلقت حملة «مطالب التغيير» التى تضمنت 7 مطالب أبرزها مطلب تعديل الدستور، الحملة التى جمعت نحو مليون توقيع فى شهور قليلة دون أن يكترث بها النظام أو يستجيب لمطالبها تحت شعار «خليهم يتسلوا»، حتى انقلبت التسلية إلى «جد موجع»، واندلعت ثورة 25 يناير التى كتب «البرادعى» قبلها بيوم واحد، عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»: «الشباب هم الأمل والنظام إلى زوال.. سننتصر».
مرحلة جديدة ورابعة بدأها أستاذ القانون الدولى من داخل «عباءة الدولة» هذه المرة، العباءة التى عاد إليها بعد قرابة 35 عاماً، منذ أن استقال من عمله فى وزارة الخارجية أواخر السبعينات تزامناً مع استقالة إسماعيل فهمى، وزير الخارجية آنذاك، اعتراضاً على اتفاقية كامب ديفيد، ثلاثة عقود ونصف عمل خلالها «البرادعى» فى عدة مراكز وهيئات دولية أبرزها هيئة الطاقة الذرية، حتى عاد مجدداً بعد 3 معارك خاضها فى أعوام التغيير، لأداء مهمة مشابهة لمهمته السابقة بعد أن تخطى الـ70 عاماً من خلال القصر الرئاسى بعد 30 يونيو، لكنه لم يدم طويلاً فى منصبه الجديد، فترة قصيرة قضاها بين 14 يوليو 2013، يوم إلقاء اليمين الدستورية نائباً لرئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور، حتى اليوم نفسه من الشهر التالى، 14 أغسطس، حين قرر أن يستقل الطائرة ليعود من حيث جاء قبل 4 أعوام، بعد فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة على خلاف رغبته فى إيجاد حل سلمى: «لقد أصبح من الصعب علىّ أن أستمر فى حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها ولا أستطيع تحمل مسئولية قطرة واحدة من الدماء»، كلمات جاءت فى ذيل استقالته التى كتبها بعد ساعات قليلة من الفض، وغادر بعدها البلاد بتذكرة ذهاب دون عودة.
«البرادعى أجرى اتصالات مع أطراف عديدة داخلية وخارجية للوصول لاتفاق مع الإخوان بدلاً من استخدام العنف، وتحدث معى فى هذا الأمر، لكن كان هناك صعوبة فى ذلك، التنظيم لم يكن مستعداً على الإطلاق لأى مبادرة على أساس ثورة 30 يونيو وخارطة الطريق التى تم إعلانها فى 3 يوليو»، روى الدكتور كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى المنشق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى شهادته حول تلك الفترة، مؤكداً أن «صدام القوة» كان أمراً لا مفر منه، ليس لرغبة السلطة الجديدة فى ذلك، بل لرغبة قيادات الإخوان فى استغلال الورقة الأخيرة بين أيديهم لإشاعة الفوضى والخوف وتحريض المجتمع الدولى ضد مصر، لأنهم تعاملوا بمنطق «إحنا أو الطوفان»، على حسب وصفه، الأمر نفسه أكده الكاتب الصحفى عمار على حسن، الخبير بمركز الأهرام: «الدكتور البرادعى اتصل بى، وسألنى عن رأيى فى المفاوضات مع الإخوان حول فض الاعتصام بطريقة سلمية والوصول لتوافق، قلت له إن هذا المسار صعب تحققه، والإخوان يناورون ليس أكثر، والقرار النهائى فى يد المرشد والشاطر، ولن يقررا أبداً فض الاعتصام سلمياً، لأنهم يريدون الضغط به على النظام سواء فى حال السماح باستمراره، أو فى حال اللجوء لفضه بالقوة»، مضيفاً: «البرادعى كان حسن النية، لكن مثل هذه المعارك لا تقاد بحسن نية، وهو على كل الأحوال ليس شيطاناً وليس نبياً، إنسان يصيب ويخطئ».
انتهت المحطة الرابعة قبل عامين، ومعها انتهت رحلة «الرجل الغريب» الذى جاء غريباً، وعارض غريباً، ورحل غريباً، الرجل الذى خرج من كل المعارك خاسراً، حتى ولو انتصرت قضيته.. دعا لـ«25 يناير» واندلعت الثورة وسقط رأس النظام، بينما ظل هو محلاً لاتهامات «التخوين والعمالة» من فريق، و«الضعف والتخاذل» من فريق آخر، وظل بعيداً عن دائرة السلطة التى ضمت عشرات غيره. ثم هاجم الإخوان ووقّع على استمارة تمرد وشارك فى «30 يونيو» وترتيبات «3 يوليو» وكان أحد الذين ألقوا بيان خارطة الطريق، لكنه بعد شهر يتيم من العمل بالرئاسة عاد وحيداً وعادت إليه الاتهامات نفسها تلاحقه من الفريقين.. «حليف الإخوان»، «حليف العسكر»، «عميل أمريكا»، «المتخاذل»، «الساذج»، «المناضل السائح»، «تويتر مان»، سلسلة لا تنتهى من الاتهامات يسوقها كثيرون من بينهم بعض هؤلاء الذين شاركوه الرحلة، لا يكترث هو، لا يهتم، ربما لعدم وجود الحجة، أو لعدم جدواها فى رأيه، يكفيه أن يسجل موقفاً بتغريدة أو استقالة أو تصريح فى ندوة تستضيفها إحدى جامعات أوروبا أو المراكز الدولية، يعود بعدها إلى منزله ليقضى وقتاً سعيداً بين أحفاده، أو فى قراءة كتاب جديد، أو فى الاستمتاع بموسيقى الجاز التى يفضلها عن سواها.
مرحلة جديدة ورابعة بدأها أستاذ القانون الدولى من داخل «عباءة الدولة» هذه المرة، العباءة التى عاد إليها بعد قرابة 35 عاماً، منذ أن استقال من عمله فى وزارة الخارجية أواخر السبعينات تزامناً مع استقالة إسماعيل فهمى، وزير الخارجية آنذاك، اعتراضاً على اتفاقية كامب ديفيد، ثلاثة عقود ونصف عمل خلالها «البرادعى» فى عدة مراكز وهيئات دولية أبرزها هيئة الطاقة الذرية، حتى عاد مجدداً بعد 3 معارك خاضها فى أعوام التغيير، لأداء مهمة مشابهة لمهمته السابقة بعد أن تخطى الـ70 عاماً من خلال القصر الرئاسى بعد 30 يونيو، لكنه لم يدم طويلاً فى منصبه الجديد، فترة قصيرة قضاها بين 14 يوليو 2013، يوم إلقاء اليمين الدستورية نائباً لرئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور، حتى اليوم نفسه من الشهر التالى، 14 أغسطس، حين قرر أن يستقل الطائرة ليعود من حيث جاء قبل 4 أعوام، بعد فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة على خلاف رغبته فى إيجاد حل سلمى: «لقد أصبح من الصعب علىّ أن أستمر فى حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها ولا أستطيع تحمل مسئولية قطرة واحدة من الدماء»، كلمات جاءت فى ذيل استقالته التى كتبها بعد ساعات قليلة من الفض، وغادر بعدها البلاد بتذكرة ذهاب دون عودة.
«البرادعى أجرى اتصالات مع أطراف عديدة داخلية وخارجية للوصول لاتفاق مع الإخوان بدلاً من استخدام العنف، وتحدث معى فى هذا الأمر، لكن كان هناك صعوبة فى ذلك، التنظيم لم يكن مستعداً على الإطلاق لأى مبادرة على أساس ثورة 30 يونيو وخارطة الطريق التى تم إعلانها فى 3 يوليو»، روى الدكتور كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى المنشق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى شهادته حول تلك الفترة، مؤكداً أن «صدام القوة» كان أمراً لا مفر منه، ليس لرغبة السلطة الجديدة فى ذلك، بل لرغبة قيادات الإخوان فى استغلال الورقة الأخيرة بين أيديهم لإشاعة الفوضى والخوف وتحريض المجتمع الدولى ضد مصر، لأنهم تعاملوا بمنطق «إحنا أو الطوفان»، على حسب وصفه، الأمر نفسه أكده الكاتب الصحفى عمار على حسن، الخبير بمركز الأهرام: «الدكتور البرادعى اتصل بى، وسألنى عن رأيى فى المفاوضات مع الإخوان حول فض الاعتصام بطريقة سلمية والوصول لتوافق، قلت له إن هذا المسار صعب تحققه، والإخوان يناورون ليس أكثر، والقرار النهائى فى يد المرشد والشاطر، ولن يقررا أبداً فض الاعتصام سلمياً، لأنهم يريدون الضغط به على النظام سواء فى حال السماح باستمراره، أو فى حال اللجوء لفضه بالقوة»، مضيفاً: «البرادعى كان حسن النية، لكن مثل هذه المعارك لا تقاد بحسن نية، وهو على كل الأحوال ليس شيطاناً وليس نبياً، إنسان يصيب ويخطئ».
انتهت المحطة الرابعة قبل عامين، ومعها انتهت رحلة «الرجل الغريب» الذى جاء غريباً، وعارض غريباً، ورحل غريباً، الرجل الذى خرج من كل المعارك خاسراً، حتى ولو انتصرت قضيته.. دعا لـ«25 يناير» واندلعت الثورة وسقط رأس النظام، بينما ظل هو محلاً لاتهامات «التخوين والعمالة» من فريق، و«الضعف والتخاذل» من فريق آخر، وظل بعيداً عن دائرة السلطة التى ضمت عشرات غيره. ثم هاجم الإخوان ووقّع على استمارة تمرد وشارك فى «30 يونيو» وترتيبات «3 يوليو» وكان أحد الذين ألقوا بيان خارطة الطريق، لكنه بعد شهر يتيم من العمل بالرئاسة عاد وحيداً وعادت إليه الاتهامات نفسها تلاحقه من الفريقين.. «حليف الإخوان»، «حليف العسكر»، «عميل أمريكا»، «المتخاذل»، «الساذج»، «المناضل السائح»، «تويتر مان»، سلسلة لا تنتهى من الاتهامات يسوقها كثيرون من بينهم بعض هؤلاء الذين شاركوه الرحلة، لا يكترث هو، لا يهتم، ربما لعدم وجود الحجة، أو لعدم جدواها فى رأيه، يكفيه أن يسجل موقفاً بتغريدة أو استقالة أو تصريح فى ندوة تستضيفها إحدى جامعات أوروبا أو المراكز الدولية، يعود بعدها إلى منزله ليقضى وقتاً سعيداً بين أحفاده، أو فى قراءة كتاب جديد، أو فى الاستمتاع بموسيقى الجاز التى يفضلها عن سواها.