الجزارون مظلومون: يا ريت نشتغل يومين بس فى الأسبوع
الجزارون مظلومون: يا ريت نشتغل يومين بس فى الأسبوع
أحد الجزارين أثناء ممارسة عمله
أمام أحد محلات الجزارة الكبيرة المنتشرة فى شارع التل بمنطقة وراق العرب، يجلس هويدى الشويخ، 58 عاماً، أمام جزارته يتابع بعينين زائغتين العاملين فى جزارته وهم يمارسون أعمالهم اليومية المعتادة من تقطيع وتنظيف وبيع يقل يوماً بعد يوم بالتوازى مع ارتفاع أسعار اللحوم ونجاح حملة مقاطعتها خلال الأيام الماضية، يرى هويدى والكثير من زملائه أن الثروة الحيوانية فى مصر تتقلص بمرور الوقت لسوء الاستخدام وطريقة الاستهلاك، مستنكراً اتهامات توجه إليهم، وأوصافاً يلصقها بهم المستهلكون «إزاى الناس بتقول علينا جشعين وفيه جزارين بيخسروا وبيقفلوا؟ احنا متضررين من ارتفاع الأسعار أكتر من المواطن لأننا بنخسر وساعات بنحط فلوس من معانا علشان نفضل فاتحين محلاتنا وما نقفلهاش»، مشيراً إلى أنه يتعرض للخسائر فى كثير من الأحيان بسبب ارتفاع سعر المواشى والطريقة التى يتبعها الفلاحون وتجار المواشى فى البيع، موضحاً أن هناك ألاعيب يقوم بها بعض تجار المواشى فى الأرياف بتعطيش المواشى قبل يومين من بيعها وقبل البيع مباشرة يقدم لها المياه فتشرب ويزداد وزنها إلى أكثر من 20 كيلو، متابعاً: «ناخد البهيمة من سوق المواشى أو من المزرعة وعلى بال ما نجيبها هنا علشان ندبحها فى السلخانة تكون خسرت على الأقل الـ20 كيلو اللى شربتهم، ده مبدئياً 700 جنيه طايرين فى الهوا».
«عبدالسلام»: لو منعنا ذبح «البتلو» ممكن نصدر لحوم خلال عامين.. و«الشويخ»: فيه منهم بيقفلوا محلاتهم بسبب الديون
ويضيف «الشويخ»، أنه إذا تم احتساب الهوالك وما يفقده الجزار فى المواشى سيتم التأكد من أن الجزار ضحية ارتفاع أسعار المواشى مثل المستهلك، لافتاً إلى أن المياه التى يشربها البقر قبل وزنه مباشرة ليست ما يفقده الجزار من الوزن الكلى للمواشى، ولكن هناك قرابة 40 كيلو من العظام و10 أو 15 كيلو تنظيف و20 كيلو من الدهون و10 كيلو «بياعة» موضحاً أن الجرامات القليلة التى تزيد على الوزن أثناء المكيال والبيع إذا تم جمعها ستصل إلى 8 أو 10 كيلو، وأن ارتفاع الأسعار تسببت فيه أزمات متكررة منها ارتفاع أسعار الأعلاف إلى جانب كارثة أخرى هى ذبح «البتلو»، مما يقضى على الأجيال المنتظرة من الأبقار والعجول التى من المفترض أن يتم ذبحها بعد عام أو عام ونصف، وبدلاً من أن يتم الاستفادة من 50 أو 60 كيلو من لحمها عندما تذبح وهى صغيرة، سيتم الاستفادة من 400 كيلو عندما تذبح وهى كبيرة، إلى جانب ما ستنجبه من عجول وأبقار صغار تضاعف حجم الثروة الحيوانية فى مصر.
ويتابع: «أنا عندى 3 محلات جزارة فى الوراق والشيخ زايد وأكتوبر، مش ببيع لحم بتلو أبداً، لأن هو السبب فى ارتفاع الأسعار وشح اللحم، بخلاف وجود أزمة فى سعر الأعلاف»، موضحاً أن كثيراً من الجزارين يقومون بذبح البقر والعجول الصغيرة التى لا يبلغ عمرها شهراً واحداً، وأن الفلاحين يقومون ببيع البقر الصغير بأسعار مختلفة، بينما سعر العجول الكبيرة فى السلخانة يبلغ 55 جنيهاً، مطالباً بتخفيض أسعار الأعلاف ودعمها للفلاحين مثلما كان يتم قبل عقدين ماضيين، مطالباً بإصدار قرار بغلق محال الجزارة طوال الأسبوع عدا يومين أو ثلاثة فقط للاقتصاد فى استهلاك اللحوم، وهذا لن يعود بالضرر على الجزارين، طالما أن الأسعار ستنخفض وسيحقق الجزارون ربحاً حتى لو باعوا يومين فقط فى الأسبوع، مرحباً بحملات مقاطعة اللحوم التى دشنها عدد من النشطاء والأهالى، قائلاً: «دى حاجة تفرحنا مش تزعلنا، لأنها هتنزل سعر اللحمة وهنعرف نكسب، ولو سألت الجزارين هيقولوا لك يا مرحب بالمقاطعة».
«إبراهيم»: ارتفاع السعر سببه زيادة أسعار الأعلاف وتوجه الفلاحين لبيع صغار العجول
ويضيف طارق عبدالسلام إبراهيم، صاحب «جزارة مسعد» أحد أشهر محال الجزارة فى الوراق، أن الأسعار ستستمر فى الارتفاع والأزمة ستستمر طالما لم يتحرك أى طرف لحل الأزمة، سواء كان التجار أو الفلاحين أو الجزارين، مشيراً إلى ضرورة تنظيم عمليات البيع فى الأسواق والذبح فى السلخانة، مندداً بالتجارة فى لحوم البتلو التى تسببت فى نقص الثروة الحيوانية فى مصر وتقلصها إلى حد كبير استدعى الاستيراد من الخارج، فى ظل قدرة مصر على الاكتفاء الذاتى والتصدير إلى الخارج أيضاً، موضحاً أن ذبح أطفال الحيوانات يقلل من فرصة تضاعف الرؤوس من الأبقار كل عام، فى حين أنه لم تم إصدار قرار بمنع ذبح الأبقار الصغيرة سيتسبب هذا القرار فى زيادة أعداد الرؤوس فى خلال عام ونصف، إضافة إلى زيادة كميات اللحوم فى كل رأس ماشية لقرابة 5 أضعاف الوزن الذى كانت عليه وهى صغيرة، متابعاً: «أول سنة ونص ممكن نحقق اكتفاء ذاتى وتخفيض الأسعار، وبعد 3 سنين نصدر للخارج، لأن هيبقى عندنا فائض، بس الموضوع محتاج نظام وإشراف ومراقبة».
ويشير «عبدالسلام» إلى أن القرار إذا تضمن ضوابط على ذبح الإناث سيعزز من الثروة الحيوانية، لأن الإناث هى مصدر إنتاج رؤوس الماشية، وأن ضبط عملية البيع والذبح فى الأسواق والسلخانة سيؤثر بالإيجاب على الجزارين والمواطنين، لافتاً إلى وجود طرف مهم آخر يحتاج إلى الالتفات إليه وتلبية مطالبه ورعايته لتأمين الثروة الحيوانية فى مصر وهو الفلاح، موضحاً أنه يعانى هو الآخر من التجاهل وزيادة أسعار الأعلاف باستمرار دون وجود حل جذرى لأزمته، مطالباً بأن توفر له الدولة الأعلاف اللازمة له وعدم تركه فريسة لتجار الأعلاف، قائلاً: «والفلاح نفسه مش لاقى العلف اللى يأكل بيه البهايم بتاعته وبيضطر يشتريه من السوق السودا، فهو كمان بيضطر إنه يعلى السعر على التجار والجزارين لأنه عايز يغطى مصاريفه اللى صرفها على البهيمة».
ويقول عبدالمنعم إبراهيم، أحد تجار المواشى بالمناشى، إنه يعمل فى هذه المهنة منذ صغره، ويقوم بشراء الأبقار وبيعها للجزارين، وإن الأزمة تكون فى الأعلاف التى يشتريها الفلاح من السوق السوداء بـ150 جنيهاً للشيكارة الواحدة، ما يشكل عبئاً كبيراً عليه، مندداً بذبح العجول الصغيرة «البتلو» لكونها السبب فى نقص أعداد رؤوس الماشية الموجودة فى الأسواق، موضحاً أن الفلاحين يقومون ببيع العجول والأبقار الصغيرة للاستفادة من لبن الأم وبيعه، وأن سعر العجل البتلو يتراوح ما بين 2000 إلى 3500 جنيه والعجول الكبيرة ما بين 10 آلاف إلى 15 ألفاً.