«الوطن» تقضى يوماً كاملاً فى مزارع المواشى: «العلف رخص واللحمة غليت»
«الوطن» تقضى يوماً كاملاً فى مزارع المواشى: «العلف رخص واللحمة غليت»
أحد مربى المواشى تحمل ملامحه الهموم
فى منطقة المنصورية، الواقعة على أطراف مدينة الجيزة، يقع عدد كبير من مزارع المواشى التى يتم فيها تربية الجِمال، والجاموس، والأبقار، والخرفان والماعز، تمهيداً لتوريدها إلى محلات الجزارة بالقاهرة والجيزة. مزارع كبيرة الحجم، شاسعة المساحة، تمتلئ بالمواشى على اختلاف أشكالها وأنواعها، كما تحتوى على مخازن للأعلاف وطعام متنوع للمواشى.
فى مساحة واسعة محاطة بسور من جميع الجهات، يقف محمود جمال، 20 عاماً، ممسكاً بعصا فى يده، يستخدمها فى تربية «الجمال»، يرتدى محمود صاحب البشرة السمراء جلباباً واسعاً، يقول إنه يهوى تربية الحيوانات منذ الصغر، منذ أن كان جده لأمه، يعمل تاجر «جمال»، فأكمل مسيرته واعتاد على تربية الجمال وبيعها فى الأسواق وإلى الجزارين، خاصة فى مناسبة عيد الأضحى، الذى تكثر فيه الذبائح.
أصحاب المزارع: أسعار العلف انخفضت عن العام الماضى 400 جنيه والأسعار ارتفعت بسبب نقص المعروض
يقول محمود بنبرة واضحة: «ارتفاع أسعار لحوم الجمال يرجع إلى استيرادها من الخارج، فمصر تستورد الجمال من السودان والصومال، فضلاً عن ارتفاع أسعار تربيتها هنا فى مصر، فأسعار الجمال الآن تبدأ من 8 آلاف جنيه حتى 15 ألف جنيه، حسب الوزن، وتكلفة تغذية الجمل الواحد بعد استيراده من الخارج حوالى 3 آلاف جنيه خلال 4 شهور فقط».
يوضح محمود: «ممنوع ذبح الجَمل قبل 5 سنوات من ولادته، لكن بعد ذلك يكون ذبحه مباحاً»، مضيفاً أن الأكل الأساسى الذى يتغذى عليه الجمل هو الذرة والفول السودانى، غير أنه يقبل أكل التّبن ويتغذى عليه طول اليوم «الجمل الواحد بياكل كل يوم وجبة واحدة من 5 كيلو درة أو فول سودانى، لكنه بياكل التبن كمان، لأن الجمل لازم يفضل ياكل طول اليوم، عشان وزنه يزيد وجسمه يبقى كويس»، مشيراً إلى أن الجمال السودانى، يطلق عليها «جمال بلدى»، فبعد دخولها إلى مصر وتغير البيئة وطريقة التغذية لمدة تتجاوز 4 شهور، تصبح فى هذه اللحظة «جمال بلدى» وتباع فى الأسواق ولدى الجزار على أنها «لحمة بلدى».
«عباس»: ماحدش بياكل المستورد غير الفقراء.. و«البلدى» أفضل.. ومنع ذبح «البتلو» أو «الإناث» هيزود الإنتاج
يقول «محمود» إن ارتفاع أسعار اللحوم جاء نتيجة ارتفاع سعر المنتج نفسه، وارتفاع الطلب وقلة المعروض، فعلى الرغم من ثبات سعر الطعام الخاص بالحيوانات، فإن ارتفاع ثمن الحيوان نفسه هو ما يؤدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم فى الأسواق، موضحاً أنه يبيع الجمل إلى الجزار بسعر 35 جنيهاً للكيلو الواحد، لكن التكلفة الحقيقية على الجزار تكون أكثر من ذلك، لأن هذا السعر قبل الذبح، وشامل كل ما يتضمنه الجمل من لحم وعظم ودهون، ويتوقف سعر الجمل على حسب التقدير، فأوزان الجمال، تتراوح بين 180 كيلو حتى تصل إلى 500 كيلو للجمل الواحد، موضحاً أن الجمل يباع على تقدير البائع والمشترى للجمل ووزنه، فلا يباع الجمل بالوزن، قائلاً «الجمل مش بيتباع بالميزان، هو الجزار ييجى يقدر وزنه ويدفع فلوسه وياخده ويمشى، ممكن يبقى التقدير ده أقل كام كيلو أو أزيد كام كيلو»، مؤكداً أن هذه هى الطريقة المتعارف عليها فى بيع الجمال تحديداً.
يوضح «محمود» أن بيع الجمال يكون فى سوق قريبة من منطقة المنصورية، يومى الأحد والجمعة من كل أسبوع، ويوجد داخل السوق مجموعة من مكاتب الشركات المستوردة للجمال من السودان والصومال، وتأتى شحنة الجمال مرتين شهرياً، بعدد 4 آلاف جمل فى الحمولة الواحدة، توزع هذه الجمال على محافظات مصر، موضحاً أن الزيادة فى الاستيراد تكون فى مثل هذا الوقت من العام، نظراً لاقتراب عيد الأضحى.
«محمود»: الإقبال على «البلدى» يرتبط بعقيدة المستهلك.. و«السبعاوى»: العيد بيرفع السعر
يؤكد «محمود» أن هناك زيادة فى أسعار الجمال واللحوم بالطبع خلال هذا الوقت من العام، فزيادة الطلب هى ما يعمل على ارتفاع السعر، خاصة إذا كان المعروض أقل من الطلب، أو استغلال هذا الوقت من العام أو ارتفاع الأسعار نظراً للزيادة الكبيرة على الطلب، قائلاً «الجزارين أكيد بتزود برضه فى الوقت ده عشان دى دخلة عيد وفيه زيادة طلب على اللحمة».
فى مزرعة أخرى مجاورة لمزرعة محمود، يجلس محمود عباس 35 سنة، الذى يمتلك مزرعة لتربية «الجاموس والبقر»، التى يعمل بها منذ سنوات، يقول «عباس»، إن تكلفة تربية «الجاموس والبقر»، مقارنة بالعام الماضى قليلة، فالعام الماضى كان سعر طن العلف 2200 جنيه، أما هذا العام فيبلغ طن العلف 1800 جنيه فقط، وعلى الرغم من ذلك فهناك ارتفاع فى أسعار اللحمة، يوضح «عباس» أن هذا الارتفاع يرجع إلى زيادة أسعار الحيوان نفسه بسبب نقص المعروض، وهو ما يزيد كل سنة على الأخرى، قائلاً: «الجاموسة أو البقرة بتتربى على الدشيشة وهى مش مكلفة، التكلفة فى إنه سعر الجاموسة نفسها غالى»، مشيراً إلى أن الجاموسة الواحدة تأكل ما يقرب من 15 كيلو علف على 3 وجبات يومياً.
يوضح «عباس» قائلاً «إن الامتناع عن ذبح «البتلو» أو الأنثى من «الجاموس والبقر»، سوف يوفر لمصر ثروة حيوانية كبيرة خلال عامين فقط، فالتوقف عن ذبح هذه الأنواع سوف يعمل على زيادة الأعداد، وإتاحة الوقت الكافى لتربيتها وزيادة أوزانها، وبالتالى يزيد المعروض منها، ولا تحتاج مصر فى هذا الوقت إلى الاستيراد من الخارج، قائلاً: «البلد لو عايزة تمنع ذبح البتلو والنتاية هتعمل كده، وبكده تزيد الثروة وما نستوردش، ويبقى فيه خير ما يخلصش من البلد، لكن هما مش عايزين يعملوا كده».
«جمال»: زيادة سعر الجمال سببها الاستيراد من السودان والصومال
يقول «عباس» إنه يبيع «العجل» القائم بما يعادل 35 جنيهاً للكيلو الواحد، ولكنه يكلف الجزار أكثر من ذلك، فبعد الذبح يخرج الجزار الصافى من اللحم، الذى تبلغ قيمته فى هذه الحالة ما يعادل 70 جنيهاً للكيلو، لذلك سعر اللحمة البقرى فى السوق مرتفع، قائلاً: «الجزار بيبيع بالسعر ده لأنه طبعاً عايز يكسب».
يوضح «عباس» أن اللحوم البلدية تختلف كثيراً عن اللحوم المستورة أو التى يتم بيعها فى المجمعات الاستهلاكية التى يقل سعرها عن الأسعار الموجودة لدى الجزارين، فطبيعة الأكل مختلفة، كما أن البيئة والتربية فى مزارعنا تختلف، قائلاً: «اللحمة المستوردة واللى موجودة فى المجمعات محدش بياكلها، زى فراخ الجمعية ولحوم وزارة الزراعة محدش بياكلها غير الفقير، مفيش واحد معاه فلوس هيروح يقف لأن ده عقيدة عند الناس.. اللحمة البلدى أفضل من بتاعة الجمعيات».
أما محمد السبعاوى، 32 سنة، الذى يعمل فى تربية «الماعز والخرفان»، فيقول إن الخروف يباع على حسب وزنه، فسعره يتراوح من 1200 جنيه إلى 1300 جنيه، وطبيعة تربية الماعز تختلف عن الخرفان، فلحم الماعز أفضل، لأنها لا تحمل دهوناً كثيرة مثل الخرفان، موضحاً أن الأكل الرئيسى خلال أول 4 أشهر من عمر الخروف أو الماعز يكون «برسيم»، وهو ما يساعد على تقوية بنية الحيوان وجودة لحومه.
يوضح «محمد» أن العمل على زيادة وزن الحيوان يزيد من سعره وارتفاع المكسب، مشيراً إلى أن الخروف أو الماعز يأكل يومياً كيلو علف من «دشيشة وقمح»، والقمح هو الأفضل للخرفان، موضحاً أن هناك جرداً شهرياً على الحيوان، حتى يتأكد من زيادة وزنه، ففى حالة عدم زيادة وزنه يحقن بعقاقير تعمل على فتح شهيته، كما يقوم بزيادة نسبة طعامه من العلف فى هذا الوقت من العام، حتى يقلل نسبة الدهون الموجودة به وزيادة نسبة اللحم، قائلاً: «ده موسم عيد وطبعاً السعر بيزيد فى السوق، عشان فيه زيادة طلب عن أى وقت تانى من السنة».