«عمارات قولنجيل» فى المنصورة.. «سمعتها بطَّالة»
«عمارات قولنجيل» فى المنصورة.. «سمعتها بطَّالة»
«حسن» يشير إلى مدخل إحدى الشقق المهجورة
فى الصباح الباكر، صعد «حسن» إلى العمارة غير المأهولة بالسكان المجاورة لبيته، فوجد باب الشقة فى الدور الرابع وقد فُتح عن آخره، رغم أنه أوصد نفس الباب فى الليلة الماضية، لتتأكد شكوكه من أن رجلاً وسيدة قد صعدا إلى تلك الشقة ليلاً لممارسة الجنس، مستغلين خلو تلك العمارة بالكامل من السكان منذ إنشائها، حيث أحجم سكانها عنها لغياب المرافق.
«الدور الأخير ده سبيل» يقول أحد السكان ساخراً، وهو يشير إلى «مرتبة سرير» موجودة فى أحد الغرف المطلة على النوافذ الخلفية فى واحدة من 4 عمارات تم إنشاؤها قبيل ثورة الخامس والعشرين من يناير، فى قرية قولنجيل على الطريق السريع المؤدى إلى مدينة المنصورة فى محافظة الدقهلية.
80 وحدة سكنية بنتها وزارة الإسكان، قبل أكثر من خمسة أعوام، موزعة على أربع عمارات، تقع فى مدخل مدينة المنصورة الشمالى الشرقى، قريباً من شياخة تُدعى «قولنجيل»، حيث اشتهرت باسم «عمارات قولنجيل»، وبين تلك الوحدات الثمانين، لم تُشغل سوى خمس وحدات، من بينها شقة سكنية يسكنها دسوقى فتوح، العجوز الستينى وزوجته وأولاده.
يقول «دسوقى» إن العمارات التى انتهى بناؤها قبل ثورة يناير، لم تلتزم الحكومة بإدخال المرافق لها، فأحجم السكان عن استلامها «لدرجة إن وقت الثورة بلطجية سكنوا فيها بالقوة والجيش خرجهم منها بعدها بسنتين، قام البلطجية انتقموا وسرقوا أبواب وشبابيك الشقق»، الأمر الذى أفقد تلك العقارات ميزة الأمان، فازداد مع ذلك إحجام السكان عن الانتقال لها.
«حسن»: الوحدات تحولت إلى أوكار لممارسة الأعمال المنافية للآداب.. و«أحمد»: البلطجية سرقوا الأبواب والأسلاك الكهربائية ومواسير المياه
لشهور متتالية، ظل «دسوقى» وزوجته العجوز يحملان «جرادل» المياه فوق رؤوسهم وأكتافهم إلى شقتهم فى الدور الرابع فى إحدى العمارات التى أحجم عنها سكّانها، لعدم وصول خدمة مياه الشرب لتلك الشقق، ويردف «دسوقى» أنه عندما تواصل مع الجهات المعنية بتوصيل خدمات المياه والكهرباء فى المنطقة التى تقع عمارته فى نطاقها أجابوه بأن تلك العقارات لا تتبعهم.
«لجأنا لمديرية الإسكان فين وفين على ما عملوا لنا عقود ممارسة كهرباء ودخلوا الميه بعد شهرين من تاريخ التعاقد عليها، وكنا لمدة 8 شهور بنروح نملا الميه اللى بنحتاجها من سبيل قريب من العمارات ونطلع شايلينها لحد شققنا» يتابع الساكن العجوز، الذى يقول إن نحو 5 وحدات فقط مسكونة.
على الرغم من السمعة السيئة التى التصقت بـ«عمارات قولنجيل» فإن المحامى أحمد مرشد أصر على شراء وحدة سكنية من أحد المواطنين الذين خصصت وزارة الإسكان له شقة فى العمارة الرابعة، لكن «مرشد» فوجئ بعد ذلك أن الشقق تعرضت للسرقة عدة مرات منذ بنائها، فاضطر هو وجيرانه الأربعة لشراء باب حديدى بدلاً من الباب الذى سُرق فى السابق لمنع اللصوص من اقتحام منازلهم بسهولة.
«تم سرقة كل شىء فى العمارات لعدم وجود خدمة أمنية» يفسر «أحمد» سبب عزوف أصحاب الشقق عن استلام وحداتهم، ملقياً باللوم على الجهات المعنية فى مدينة المنصورة، ويتابع الساكن الجديد فى «عمارات قولنجيل»: «حتى أسلاك الكهرباء ومواسير المياه والصرف الصحى وحلوق الأبواب اتسرقت».
لم يترك اللصوص شيئاً قابلاً للتفكيك إلا وسرقوه، حتى لوحات عدادات الكهرباء، وأبواب العمارات الحديدية، وأبواب الشقق الخشبية، وبعض الحلوق (الأطر الخارجية للأبواب)، لكن الأسوأ بحسب «مرشد» هو «السمعة السيئة اللى اكتسبتها العمارات، وأنها مكان فاضى الرجالة والستات بيمارسوا فيه أعمال منافية للآداب، خصوصاً إن العمارات فى طريق مظلم بدون أعمدة إنارة ومفيش عليه عمارات تانى».
فى محاولة لمنع اللصوص من سرقة محتويات الشقق أو أبوابها، ومنع الرجال والسيدات من «ممارسة أعمال منافية للآداب» قرر أحد السكان الخمسة الموجودين فى «عمارات قولنجيل» بيع الحلوى على باب عمارته لمراقبة المارة ومنع من يحاول الاقتراب من العمارات المهجورة لحين إدخال المرافق لها، ومن ثم تسليمها لأصحابها.