بروفايل: الباجى السبسى.. الزيارة الثانية
بروفايل: الباجى السبسى.. الزيارة الثانية
صورة أرشيفية
شخصية ليبرالية معتدلة تؤمن بالعلمانية وبالدولة المدنية، أثار الجدل منذ اللحظة الأولى لعودته إلى دائرة الأضواء وسط اتهامات بكونه أحد رجال النظام السابق، بينما تسببت أفكاره السياسية المعتدلة القائمة على الفكر والواقعية السياسية فى تقبل أبناء شعبه لعودته مرة أخرى، فترأس الحكومة التونسية الثانية بعد ثورة 2011.
يتمتع الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى بخبرة سياسية تؤهله ليكون الشخص الأنسب لتولى مسئوليات بلاده فى ظل ما تمر به الدولة بعد ثورات الربيع العربى، فقد سبق أن عمل وزيراً للخارجية فى عهد رئيس الوزراء الأسبق، محمد مزالى، ولعب دوراً مهماً خلال توليه المنصب فى قرار إدانة مجلس الأمن للغارات الجوية الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية. ولم تكن الخبرة التى يتمتع بها «السبسى» تقتصر على مجال العلاقات الخارجية وحدها، حيث تولى رئاسة مجلس النواب التونسى فى عام 1990.
لم تكد تمر أشهر معدودة على تركه رئاسة الوزراء فى نهاية 2011، حتى عكف على تأسيس حزب «نداء تونس» عام 2012، ليحمل أفكاره التى آمن بها قطاع واسع من الشعب التونسى، وفى أول انتخابات برلمانية عقب الثورة، نجح الحزب الوليد فى الحصول على نسبة كبيرة من أصوات التونسيين، وبعدها أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية فى مواجهة الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقى، فاستطاع أن يحصل على نسبة 55.68% فى مواجهة 44.32% حصل عليها «المرزوقى»، الذى يُحسب على تيار الإخوان فى تونس.
توجهات الرئيس الرابع فى تاريخ الجمهورية التونسية تتضح من خلال قراراته التى تعتمد «البراجماتية» فى مجملها، إلى حد أن البعض يشبهه بالرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، نظراً لتأثره بأفكاره ومبادئه. ولأن «السبسى» يتبنى نهج الدبلوماسية التقليدية القائمة على التقارب من المحيط الأوروبى والغربى وتحسين العلاقات مع الدول العربية والإسلامية فى الوقت ذاته، آثر عدم التورط فى الفوضى الجارية فى ليبيا، فى وقت يسعى فيه إلى تحسين العلاقات والتعاون مع مصر، من خلال زيارته الثانية لمصر، التى تبدأ اليوم.
رسخ الرئيس المولود عام 1926، مفهوم «هيبة الدولة» لدى التونسيين، وهو مفهوم يرتكز على ضرورة الدفاع عن أركان دولة القانون والحفاظ على المؤسسات واستمرارية الهياكل، وهو ما جعل التونسيين يتغاضون عن الاتهامات التى وجهتها له التيارات المنافسة له، والتى تتركز على كونه شغل منصب وزير الداخلية فى عهد «بورقيبة»، وهو منصب ارتبط وقتها بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان والتعذيب.
الانتقادات الموجهة لـ«السبسى» لا تتوقف عند حد اتهامات كونه «رجل النظام السابق»، وإنما طالته الانتقادات أيضاً بسبب عمره المتقدم فى وقت يسعى فيه شباب الثورة التونسية إلى إبعاد كبار السن عن المناصب العليا فى الدولة، وهو ما رد عليه الرئيس المحنك بأن «الشباب هو حالة ذهنية».