مساعد «رئيس الأركان» الأسبق: وجبات ساخنة أنقذت دفاعاتنا من العدو
مساعد «رئيس الأركان» الأسبق: وجبات ساخنة أنقذت دفاعاتنا من العدو
اللواء دكتور عبداللطيف غنيم
خرج اللواء دكتور عبداللطيف غنيم، مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق وقائد كتيبة صواريخ وقت حرب أكتوبر، عن صمته، ليروى شهادته عن حرب أكتوبر للمرة الأولى بعد 42 عاماً على مرورها، حيث كشف «غنيم» عن فشل القوات الإسرائيلية فى تدمير حائط الصواريخ الذى شيّدته قوات الدفاع الجوى قبل الحرب بواسطة «الصواريخ الحرارية» التى توجه بالحرارة بسبب وجبة إفطار أعدّها أحد الضباط الإداريين للجنود ليتناولوها فى ختام اليوم الأول للقتال ليتشتت الصاروخ بين حرارة «الوجبة الساخنة» وحرارة الصواريخ، ليأخذ محصلة منهما جعلته ينفجر بجوار الكتيبة، لتفشل بعدها الجهود الإسرائيلية فى تدمير أسلحة قوات الدفاع الجوى بتلك الصواريخ، بعد اتخاذ إجراءات من قبل قيادة القوات، وإلى نص الحوار.
اللواء عبداللطيف غنيم: استخدام العدو تكتيكاته فى «الاستنزاف» ساعدنا على النصر
■ كيف طوّرت قوات الدفاع الجوى قدراتها على القتال بعد «النكسة» حتى نصر أكتوبر العظيم؟
- قبل عام 1967، كانت هناك بعض نقاط الضعف التى استفدنا منها لنغيرها تدريجياً مع تطورنا لتقوية قوات الدفاع الجوى؛ فمثلاً قبل عام 1967 كانت لدينا صواريخ «سام 2»، وكان أقل ارتفاع لها لتُضرب على الطائرات المعادية 2 كيلومتر، وكانت تأتى الطائرات الإسرائيلية على ارتفاع أقل، وهو ما واجهنا، كما كانت بعض أسلحتنا مكشوفة وغير محصّنة، وبالتالى كان السلاح الذى يجابه «الذراع الطويلة لإسرائيل» لم يكن فعالاً.
■ شيدت قوات الدفاع الجوى «حائط الصواريخ» ليكون حائط صد أمام الأطماع الإسرائيلية حال تفكيرهم فى عبور طائراتهم سماء مصر.. كيف كان هذا الأمر؟
- بدأنا فى هذا بوضع عدة كتائب على جبهة القتال؛ فبدأنا بـ6 كتائب، وكان يأتى الطيران الإسرائيلى على ارتفاع منخفض ليستطيع الهجوم علينا، وكان ذلك أحد الأخطاء الرئيسية الإسرائيلية، لأنها أظهرت فى حرب الاستنزاف أسلوبها وتكتيكها العسكرى المتفوقة فيه، وبالتالى استفدنا من هجماتهم فى معرفتنا بكيفية التصدى له، وتحقيق النصر، ثم أخذت أشكال الصواريخ فى التطور، لنقلل المسافة بين الكتيبة والأخرى، ونزيد من أعدادها، ثم لنجعلها كتيبتين بشكل صفين، ثم تطور الأمر لنعمل بـ«نظرية رجل الغراب» بحيث تؤمّن كل كتيبة الأخرى، بحيث يوجد كتيبتان فى الأمام والأخرى بالخلف، وأصبح هناك أكثر من 100 كتيبة على جبهة القتال، فى ما يُعرف بـ«حائط الصواريخ».
مطمئن إلى قوات الدفاع الجوى حالياً.. وقادتها لديهم الأسلحة المتنوعة لمواجهة أى عدوان
■ وهل استفدنا من تجارب أخرى؟
- أجهزة الرادار كانت تُوضع على «تبة عالية»، وكانت إسرائيل تضربها بالصواريخ، ولكى نستفيد ونتخذ إجراءات لإخفائها، عملنا على وجود شبكة مراقبة جوية بالنظر، لكشف أى طائرات تأتى على ارتفاع منخفض لا تراها أجهزتنا، وكان لها دور فعال.
ثم تطورنا وأصبح لدينا صواريخ «سام 3»، لنصبح قادرين على التعامل مع الطائرات ذات المستوى المنخفض أو المتوسط أو العالى، ليأتى بعدها أسبوع تساقط الطائرات بواسطة سلاحنا، لتأتى مبادرة وقف إطلاق النار.
■ وما مدى التعاون بينكم وبين القوات الجوية فى الحرب؟
- هى الذراع الطويلة لنا؛ فنحن لنا مدى نحو 20 أو 30 كيلومتراً، لكنهم يشكلون مظلة تحمى سماء مصر معنا؛ لذا يجب أن يكون التعاون بيننا على أعلى درجة من الكفاءة.
أجهزة الرادار كانت توضع على تبة عالية وإسرائيل تضربها بالصواريخ
■ وماذا حدث بعد وقف إطلاق النار؟
- استغلت القيادة هذا الأمر، واستمر تطوير قواتنا المسلحة، وبالنسبة لنا جئنا بصواريخ «سام 6» التى كانت خير تدعيم لنا.
■ وما كانت أوامرك وقت الحرب؟
- ألقيت أوامر التلقين للجنود والضباط، ثم قيل لى إن هناك 12 طائرة ستعبر من النطاق المسئول عنه، ستكون «بطونها» لها دهان بلون معين، بحيث نعدّها أثناء ذهابها ورجوعها، ويكون لنا حرية التعامل مع أى طائرات تظهر بعد عودتها.
■ وهل هناك موقف يعلق بذاكرتك من الحرب؟
- نعم؛ فكنا صائمين، وكان لدى ضابط احتياط بالكتيبة يعمل بالشئون الإدارية ويُدعى «عبدالمقصود»، وجاء لى ليطلب تجهيز وجبات إفطار ساخنة للجنود، فجاء بما يشبه المقطورات مثل «حلل البرستو»، ليضعها على حدود الكتيبة على بُعد من 20 إلى 30 متراً من صواريخنا، وكان أول صاروخ حرارى يتم ضربه من إسرائيل على كتيبتى، وهو يتحرك لدرجة الحرارة، وكانت هناك درجتان، الأولى من صواريخنا والثانية من الطعام، ليأخذ الصاروخ محصلة الطرفين وينفجر بالجبل، ثم أبلغنا قائد اللواء، ليبلغ قيادة القوات، لنتخذ إجراءات بكل كتائبنا، بأن نأتى بـ«برميل فاضى» ونملأ نصفه بالرمال، والنصف الآخر بسولار ونشعل به النيران، وهو ما أفشل الصواريخ الحرارية الإسرائيلية.
■ أخيراً.. ما تقييمك لقدرات قوات الدفاع الجوى لنا حالياً؟
- مطمئن لها تماماً، ويجب أن يطمئن لها الجميع؛ فالجيل الموجود بها له رؤية أشمل منا، وتعلم بأكاديمية ناصر، وبالخارج، سواء الاتجاه الشرقى أو الغربى، ولديهم منظومة سلاح متنوعة تمكنهم من القيام بالدور المنوط بهم، بالحفاظ على قدسية سماء مصر من أى اعتداء عليها.