رسمياً.. 80% من قرى مصر محرومة من «الصرف»
رسمياً.. 80% من قرى مصر محرومة من «الصرف»
20٪ من القرى لا تستخدم شبكات الصرف الصحى بحسب البنك الدولى تصوير - محمود الدبيس
رغم التصريحات المستمرة عن الاهتمام بمشروعات الصرف الصحى، والأرقام المبالغ فيها عن حجم الاستثمارات فى القطاع الخدمى الأهم لدى المواطنين، فإن تقارير وتصريحات رسمية كشفت عن حجم الفاجعة التى نعانى منها، والتى تحدثت عن أن 80% من القرى المصرية محرومة بالأساس من الصرف الصحى، ولم تمتد لها أى يد بمشروعات حتى الآن. التصريحات الرسمية دعمتها الأرقام التى أطلقها الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، عن رفع نسبة تغطية القرى المصرية خلال العامين المقبلين بنحو 40%، ربما يكون هذا سبباً فى عقده أمس لثلاثة اجتماعات متتالية لمتابعة الموقف التنفيذى لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظات ودفع العمل بها للانتهاء منها قبل الصيف المقبل، الأمر الذى يجعلهم فى اختبار لمدى قدرتهم على تحويل «الطرنشات» البلدى التى لجأ إليها الأهالى لحل مشكلاتهم إلى مشروعات حقيقية تنقذ المواطنين الذين يشربون من المياه الجوفية التى تختلط بالصرف الصحى، فضلاً عن مدى سرعة إصلاح الشبكات المتهالكة التى تكشف بدورها سنوات الإهمال الحكومى.
خبير اقتصادى: نحتاج 20 عاماً لإنهاء الأزمة بسبب قلة التمويل.. وعدم توفير «الشبكات» للفقراء رفع معدلات إصابتهم بفيروس «C»
الخبير الاقتصادى ياسر عمارة قال إن أزمة الصرف الصحى التى تواجه الدولة حالياً ما هى إلا تراكمات للحكومات السابقة التى طالما تجاهلت حقوق المواطنين خاصة تلك البعيدة عن العاصمة، وحالياً تواجه أزمة فى توفير تمويل كاف لتوصيل المرافق لتلك المنطقة، وهى مبالغ قد تتعدى 100 مليار جنيه، وأشار إلى أنه وفقاً للموازنة التى أعلنت عنها الحكومة والتى خصصت فيها 4.7 مليار جنيه لمشروعات الصرف الصحى، فإن مصر تحتاج إلى أكثر من 20 عاماً لتغطية جميع المحافظات بشبكات الصرف الصحى، والحل الوحيد يكمن فى إدخال القطاع الخاص لتنفيذ منظومة الصرف الصحى فى مصر.
البنك الدولى: الصرف فى القرى يشكل خطراً على الصحة.. ومصدر: «التعاون الدولى» تتفاوض للحصول على قروض ومنح لإقامة شبكات مياه وصرف
وربط «عمارة» بين عدم توفير شبكات الصرف الصحى للفقراء، وبين ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس سى فى مصر، لتحتل مصر قمة جدول الدول الأكثر إصابة بالفيروس، حيث لا تجد القرى الفقيرة شبكات صرف صحى لمنازلها، وتضطر للصرف على البحيرات والنيل، وتعود لتشرب من تلك البحيرات مرة أخرى، وخير دليل على ذلك ما يحدث فى بحيرة البرلس، أو قرى منطقة رشيد أحد فروع نهر النيل. وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن الأزمة الحالية تكمن فى أن الحكومة لجأت للاقتراض من الخارج لتوصيل المرافق للقرى المحرومة من الصرف الصحى، فى حين أن الوضع الاقتصادى للدولة يحتم التقليل من حجم القروض التى تحصل عليها الحكومة من المؤسسات الدولية، فى إشارة إلى اتفاق الحكومة مع البنك الدولى على قرض بمليار دولار لصالح المشروع القومى لتوصيل الصرف الصحى للقرى المحرومة.
من جهتها وضعت وزارة الإسكان خطة مكثفة لتغطية القرى المصرية بالكامل بخدمة الصرف الصحى، خلال 5 سنوات، حيث سيتم توصيل شبكات الصرف إلى 40% من قرى مصر، خلال عامين من الآن، بزيادة 25% على نسبة التغطية الحالية، مع تغطية 40% أخرى خلال عامين آخرين، لتصل إلى100% فى السنة الخامسة، وفقاً لتعهدات الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمرافق. وقال الوزير إن الدولة تواجه تحدياً حقيقياً لتغطية قرى مصر بخدمة الصرف الصحى، حيث تصل نسبة التغطية حالياً إلى20%، وهو ما جعل الوزارة تضع خطة مكثفة لزيادة هذه النسبة إلى 40% خلال عامين، بموارد أخرى بجانب موازنة الدولة، على أن تتم مضاعفة النسبة خلال عامين آخرين، لتصل إلى100% فى السنة الخامسة.
وافتتح الوزير توسعات محطة معالجة كفر شكر، التى بدأ تنفيذها منذ 6 سنوات، وتم استئنافها منذ عدة شهور فقط، وتخدم 43 ألف نسمة، فى قرى أسنيت والمنشأة الكبرى والمنشأة الصغرى والصفين وأبوقصيبة بمركز ومدينة كفر شكر، بطاقة استيعابية 20 ألف متر مكعب فى اليوم، وبتكلفة 72 مليون جنيه، إضافة إلى افتتاح مشروع صرف صحى قرى المنشأة الكبرى والمنشأة الصغرى بمركز كفر شكر، والتى تخدم 22 ألف نسمة، بتكلفة 57 مليون جنيه. وقال المهندس خالد عباس، مساعد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إن هناك فرص استثمار واعدة فى قطاع البنية التحتية، مشيراً إلى أن الدولة بحاجة إلى ما بين 80 إلى 100 مليار جنيه لتغطية الجمهورية بالكامل بالصرف الصحى.
وأضاف «عباس» أن البنية التحتية الأساسية تتمثل فى قطاعى المياه والصرف الصحى، إذ إن نسبة تغطية المياه تكاد تكون 100% فى جميع المناطق، ولكنها ليست بنفس المستوى، مشيراً إلى أن بعض المناطق ما زالت تعانى من عدم وجود المياه بصفة مستمرة، وأوضح أن المشكلة الأكبر فى قطاع الصرف الصحى، حيث يغطى 20% من قرى مصر، وبالتالى نحتاج إلى توسعات فى تطوير محطات الصرف أو إنشاء محطات جديدة.
وأشار مساعد وزير الإسكان إلى أن القطاع الخاص يمثل أهمية كبيرة جداً للدولة، موضحاً أن الجزء الأكبر فى موازنة الدولة يتمثل فى الاستثمارات، وأن 75% منها يعتمد على القطاع الخاص بالكامل، وأضاف: «تم البدء منذ حوالى 6 سنوات فى مشروع المشاركة مع القطاع الخاص لإنشاء محطة معالجة مياه الصرف الصحى بالقاهرة الجديدة».
وكشفت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2015 - 2016، الصادرة عن وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، أن الحكومة خصصت 2.6 مليار جنيه لمشروعات مياه الشرب، و4.7 مليار جنيه لمشروعات الصرف الصحى العام المالى الحالى.
مصدر مسئول بوزارة التعاون الدولى قال لـ«الوطن» إن الوزارة تتفاوض منذ فترة مع عدد من الصناديق والمؤسسات الدولية التمويلية، على رأسها البنك الدولى و«الأوروبى» بهدف الحصول على قروض ومنح لصالح قطاع مياه الشرب والصرف الصحى، لتمويل مشروعاته على مستوى الجمهورية، ضمن الاستثمارات الحكومية المقرر تنفيذها العام المالى الحالى.
وكشف البنك الدولى أن نسبة القرى التى تخدمها شبكات الصرف الصحى ذات محطات المعالجة لا تتجاوز 20%، وأن ذلك يؤدى إلى التخلص من كميات هائلة من مياه الصرف الصحى غير المعالجة فى المصارف والترع، وفضلاً عما يسببه ذلك من تلوث، فإنه يشكل خطراً على الصحة العامة والبيئة، مؤكداً أن الحكومة المصرية تولى أهمية كبرى للتخلص الآمن من مياه الصرف بالمناطق الريفية، بعدما أعدت خطة قومية لمعالجة مشكلة الصرف الصحى بالريف، يتمثل هدفها العام فى الوصول إلى تغطية شاملة لسكان كافة المحافظات الريفية بحلول عام 2037، وعلاوة على ذلك، فإن الاستراتيجية القومية للصرف الصحى فى المناطق الريفية تسعى إلى إعطاء أولوية للاستثمارات فى هذا القطاع ووضع برنامج عمل وصولاً إلى التغطية الشاملة للريف فى مجال الصرف الصحى.