تقرير حقوقي: فرنسا أكبر مورد للمقاتلين الأجانب.. وسياساتها تنمي التطرف
تقرير حقوقي: فرنسا أكبر مورد للمقاتلين الأجانب.. وسياساتها تنمي التطرف
أرشيفية
طالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أوروبا، بعدم تكرار الاستراتيجية الخاطئة التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ 14 عامًا، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، والتي ساهمت في النمو المتسارع للإرهاب وقوى التطرف العنيف؛ ليس فقط بسبب تماسها الجغرافي مع أكثر مناطق العالم خصوبة للإرهاب، وإنما بسبب تواطؤها –المتواصل– مع الأسباب الرئيسية التي أدت إلى نشأة وتوطن وتمدد الإرهاب بجوار حدودها البرية والبحرية.
وشدد المركز، في تقرير له بعنوان "خطاب إلى عقل فرنسا" اليوم، على ضرورة أن تبدأ الأمم المتحدة، مراجعة جذرية لآليات عملها، بما يكفل إنفاذ قراراتها وتوصيات هيئاتها المعنية بحقوق الإنسان على جميع الدول دون استثناء، بما يعيد الاعتبار لمكانتها الأخلاقية في العالم، مؤكدا أن ازدهار الإرهاب والقوانين القمعية في العالم العربي، مرادفًا لانهيار المكانة الأخلاقية للأمم المتحدة والقانون الدولي في المنطقة والعالم.
وقال التقرير، إن بشاعة الهجوم الإرهابي الذي استهدف العاصمة الفرنسية باريس الجمعة الماضي، وأسفر عن وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى، هو أدعى كي لا تفقد باريس عقلها، وتعود لتتبنى ما رفضته علنًا من الولايات المتحدة الأمريكية قبل 14 عامًا، أي الرد بـ"الحرب"، من أجل إشباع غليل الانتقام لدماء الضحايا الأبرياء، موضحًا أن التاريخ أثبت أن باريس كانت على صواب وواشنطن كانت على خطأ.
وأضاف "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، في تقريره، أن ميلاد "داعش" هو أحد أخطر النتائج التي ترتبت على قرار الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، بـ"شن الحرب" وغزو العراق، وأن أقل تكريم لدماء الضحايا الفرنسيين وغيرهم، الذين سقطوا ويسقطون كل يوم في أماكن شتى من العالم، هو بذل المزيد من الجهد لوضع استراتيجية تدرك أسباب الفشل المتواصل، وتؤمن الظروف المناسبة لوضع نهاية للإرهاب، لا المساهمة في المزيد من تمدده، وربما توطنه في أوروبا.
"القاهرة لدراسات حقوق الإنسان": مكافحة الإرهاب بالوسائل الأمنية والعسكرية فقط يضاعف التطرف ويزيده توحشا
وتابع التقرير: "فرنسا تحتاج لمراجعة السياسات والممارسات، التي تؤدى بشكل متزايد إلى تنمية تربة خصبة مواتية للتطرف ولتجنيد المقاتلين والأنصار للتنظيمات الإرهابية بين مواطنيها المسلمين، حتى صارت فرنسا أكبر مورد –من خارج العالم العربي– للمقاتلين الأجانب في سوريا؛ كذا فإن فرنسا عليها أن تطور سياسات وممارسات تساعد على إدماج مواطنيها المسلمين وتتصدى لتهميشهم، دون أن تضحي في سبيل ذلك بقيمها العلمانية، أو مواجهتها للتطرف الديني، وهو ما قد يساعد على قطع الطريق على إنشاء أول فرع لـ(داعش) في أوروبا، إلا أنه لن يكفي بالطبع للقضاء على التنظيم الأم".
وأشار المركز في تقريره، إلى أن أغلبية دول إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية تعرضت لاستعمار أوروبي، لا يقل قسوة عما تعرضت له الدول العربية، ومع أن الحقبة الاستعمارية انتهت في العالم كله، إلا أنها ما تزال باقية في فلسطين، موضحًا أن القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ولدا في أوروبا، لكنهما دُفنا تحت أنظارها في فلسطين ودول عربية أخرى، على جثتي القانونين ازدهر القانون "اللاإنساني".
وأوضح التقرير، أن أمن الأفراد والجماعات والشعوب له أهمية قصوى في كل الأوقات في كل دول العالم، لكن اختزال الوسائل في الأمني والعسكري منها فقط، لن يؤدى سوى إلى النتائج نفسها التي ترتبت على استراتيجية ما بعد 11 سبتمبر، من تمدد للإرهاب وتوحشه بصورة أفظع، حيث إن الأثار المترتبة على خيانة القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحساب سيادة قانون الغاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتواصل الفشل السياسي والاقتصادي في عدد كبير من دولها، وتفشي الفساد والجهل والكراهية وهيمنة التطرف الديني العنيف، لم ولن تنحصر آثاره في الحدود الجغرافية للمنطقة.