«البغدادى».. حكاية «أخطر متمرد» مع «دولة الخلافة»
«البغدادى».. حكاية «أخطر متمرد» مع «دولة الخلافة»
إرهابيو التنظيم فى سوريا
مع اندلاع ما عرف باسم «ثورات الربيع العربى» وتطوراتها التى أرهقت كثيراً من البلدان العربية وعلى رأسها سوريا التى دخلت مرحلة الحرب الأهلية، يبدو أن عين أمير تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادى كانت على سوريا وما يمكن أن تقدمه تلك الاضطرابات من فرصة ذهبية لتمدد دولته من العراق إلى سوريا المجاورة، وهو ما كان له بالفعل. فى أبريل 2013، خرج أمير تنظيم «دولة العراق الإسلامية» أبوبكر البغدادى، متمرداً على ولاية أمير تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهرى، وأعلن أن تنظيم «جبهة النصرة» التابع لـ«القاعدة فى سوريا»، هو امتداد للدولة الإسلامية فى العراق، معلناً عن تشكيل ما عرف وقتها بـ«الدولة الإسلامية فى العراق والشام» أو ما عرف إعلامياً اختصاراً باسم «داعش»، لكن ما أعلنه «البغدادى» قوبل بالرفض من قبل أمير تنظيم «النصرة» أبومحمد الجولانى الذى أكد ولاءه لـ«الظواهرى».
40٪ من أراضى سوريا خاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابى.. ومحلل عسكرى: مخابرات أجنبية تمده بالمال والسلاح لإشاعة الفوضى
على أثر ما أعلنه «البغدادى» انطلقت معارك بين «داعش» و«النصرة»، أو ما بين من يؤيدون فكرة الاندماج فى تنظيم واحد جديد غير خاضع لسيطرة «القاعدة»، ومن يؤمنون ويسلمون بإمارة «الظواهرى»، ومع ذلك فتح «البغدادى» جبهة جديدة لتنظيمه فى سوريا، وكانت نقطة انطلاق كبرى له. وأعلن التنظيم فى 2013 سيطرته على مدينة «الرقة»، التى أعلنها فيما بعد عاصمة لدولة الخلافة المزعومة، وكذلك سيطر على مدينة دير الزور. قاتل التنظيم كل الفصائل العسكرية المعارضة له فى سوريا، فقاتل ضد تنظيم «جبهة النصرة»، الذى رفض ولايته، ودخل التنظيم فى معارك مع فصائل المعارضة السورية المسلحة، ومعارك مع الأكراد، خاصة مع سيطرته على مدينة «كوبانى» قبل أن يطرد منها، وكذلك خاض معارك مع القوات الموالية للنظام السورى. وعندما أعلن «البغدادى» دولة الخلافة فى 29 يونيو 2014، أعلن كذلك إلغاء الحدود بين دولتى العراق وسوريا. وعلى أرض سوريا نفذ التنظيم الإرهابى كثيراً من جرائمه الوحشية التى احترف بثها فى مقاطع فيديو عرفت بجودتها العالية فى التصوير، مستفيداً من التقدم الهائل فى وسائل التواصل الاجتماعى، وعرف بطريقته الشهيرة فى الإعدام بالذبح وارتداء الضحايا الزى البرتقالى الشهير، ذبح بعض الصحفيين الأجانب بعد خطفهم، والواقعة الشهيرة لإعدام الطيار الأردنى معاذ الكساسبة حرقاً، إلى جانب تجارة النساء واعتبارهن «جوارى»، وإقامة المحاكم الشرعية، وغيرها من أساليب الانتقام الوحشية، إلى جانب تدمير المناطق الأثرية خاصة فى مدينة «تدمر»، ما أثار قلق العالم كله حول الآثار التى لها تاريخ طويل فى تلك المدينة.
وتقول وسائل الإعلام الغربية ومن بينها صحيفة «جارديان» البريطانية، فى تقارير عقب هجمات «باريس» الدامية، إن «معارك التنظيم فى سوريا أكسبته مهارات وخبرات فى القتال، ما جعلته يرتكب ما ارتكب من عمليات إرهابية ولا يكتفى فقط بمجرد فرض أحكام يدعى أنها تطبيق للشريعة الإسلامية».
استطاع التنظيم الحصول على موارد كبيرة جداً فى سوريا، بداية من اقترابه من حقول النفط وبيعه النفط الخام والاستفادة من عوائده، إلى جانب الضخ الهائل من المقاتلين الأجانب الذين أتوا إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم، والأسلحة التى حصل عليها التنظيم من أماكن خروج القوات الحكومية السورية، إلى جانب الأسلحة التى كانت تأتى للمعارضة السورية الأخرى وسيطر التنظيم عليها. وقالت تقارير إن «التنظيم تدرب على قيادة الطائرات الحربية، بعد سيطرته على طائرات حربية وإن كانت غير صالحة للعمل». وتشير تقديرات إلى أن «تنظيم داعش يسيطر على نحو 40% من مساحة سوريا، واستمر فى تقدمه حتى اقترب من بغداد». ودفع تمدد «داعش» إلى امتداد عمليات التحالف الدولى للحرب على «داعش» التى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية إلى مد غاراته على أماكن وجود التنظيم فى سوريا، كما دفع تقدم التنظيم إلى تدخل روسيا هى الأخرى فى الحرب على التنظيم.
من جهته، يقول المحلل العسكرى السورى العميد على مقصود، فى اتصال لـ«الوطن»، إن «تنظيم داعش الإرهابى عمل فى سوريا بمساعدة من مخابرات دول أجنبية أمدته بالسلاح والمال بهدف إشاعة الفوضى فى سوريا، وإسقاط الدولة السورية ومن بعدها يكون الدور على باقى الدول العربية». وأضاف «مقصود»: «التنظيم تكبد خسائر فى الفترة الأخيرة مع عمليات سلاح الجو الروسى، وما يقال عن سيطرته على نحو 40% من مساحة سوريا غير دقيق، التنظيم لا يسيطر على تلك المساحة، كما أن بعض المساحات الجغرافية السورية التى يقال إن التنظيم يسيطر عليها عبارة عن صحارى لا قيمة لها». وتابع: «خطوط الإمداد تم قطعها عن التنظيم، وبدأ مقاتلوه يفرون من أمام الجيش السورى وطائرات سلاح الجو الروسى».