حلايب وشلاتين.. أرض الحنين إلى الفروسية
حلايب وشلاتين.. أرض الحنين إلى الفروسية
حلايب وشلاتين.. أرض الحنين إلى الفروسية
«الوطن» فى مثلث أحفاد «قبائل البجا»: «الفقر والمرض والعطش» (1-2)
لم يعودوا يعيشون حياة الفرسان، ما زال السيف معلقاً فى كل كوخ، لم يوار خلفه عورة الفقر، ولم يرو ظمأ العطش، ولم يطعم الأفواه الجائعة، ولكن ظلت جباههم مرفوعة: «نحن أحفاد الفرسان»، مقولة لن تضل طريقها إلى مسامع أى زائر لمثلث حلايب وشلاتين، زهو شديد يقابلون به الضيوف، حاملين تاريخ أجدادهم من قبائل «البجا»، التى سكنت المنطقة قبل قرون، وعصت على عمرو بن العاص التغلب عليها فى الحروب، بعد أن ظلت لقرون تحارب الفراعنة لتحمى المثلث من بحثهم عن ذهب الجنوب. قبائل البجا التى يفخر أهل المنطقة بالانتماء إليها، عاشوا فى المنطقة ما بين ساحل البحر ونهر النيل، من منطقة حلايب وشلاتين وحتى الحدود الإريترية، وغرباً حتى نهر عطبرة، وهم أقدم الشعوب الأفريقية، عاصروا الفراعنة والفتح الإسلامى، وكانت لهم مملكتهم التى صعب غزوها على الجميع، رغم أنهم قوم مسالمون ولكنهم كانوا محاربين أشداء، ولهم لغتهم التى ما زال أحفادهم فى مثلث حلايب وفى السودان يحملونها فيما يعرف بـ«الرطانة». اليوم يعيش أحفاد البجا حياة يرثى لها، داخل أكواخ متهالكة، على ساحل البحر الأحمر، فى مساحة ظلت لسنوات تحت الإدارة السودانية، حتى أعادت القوات المسلحة المنطقة للسيادة المصرية فى مطلع التسعينات، ولكن ما زال سكان حلايب وشلاتين وأبورماد، يعيشون حياة على الهامش، التنمية ما هى إلا بنايات خاوية، ومياه مالحة لا تروى ظمأهم، وشباب يعمل تحت وطأة الخوف، حتى لا ينتظر المعونات، واتهامات دائماً بالانتماء المنقوص لمصريتهم التليدة.