«المبانى الخاوية» تشعر أن فيها حياة
«المبانى الخاوية» تشعر أن فيها حياة
مقر ثقافة «شلاتين»
بمجرد أن تطأ قدماك مدينة الشلاتين تطل عليك الكثير من المبانى على أحدث طراز، بألوانها الزاهية، وأناقة غير معهودة، تشعر المقبلين أن هناك حياة، أن التنمية تأخذ مسارها فى اتجاهها الصحيح داخل تلك المدينة الحدودية، مبانٍ بألوان زاهية، تخطف الأعين، يطل منها بريق البناء الحديث، الذى يحافظ على تراث المدينة ببعض من استخدام شكل القبب والأحجار الصغيرة فى الشكل الخارجى، ولكن تلك المبانى التى تكلف بناؤها ملايين الجنيهات ما هى إلا مبانٍ خاوية على عروشها، لم تطأ قدم موظف واحد مكاتبها، حتى تحولت الشلاتين إلى مدينة المبانى الخاوية.
الماعز تسرح فى مقر قصر الثقافة الجديد.. ومكتب هيئة تنشيط السياحة مغلق منذ 10 سنوات
أمام مقر مجلس مدينة الشلاتين، يستقر مبنى أبيض اللون، ذو واجهة لامعة، ممهورة باسم هيئة تنشيط السياحة، محاط بسور كبير يلتف حولها، وبوابة حديدية يجلس على مقربة منها 3 خفراء، وبالداخل يظهر 3 مبانٍ أخرى ملحقة بالهيئة داخل أسوارها، بنيت على أحدث طراز ويحدها الأشجار والنخيل من كل جانب.
بعيداً عن البوابة يجلس نافع على حسين، ابن قبيلة العبابدة، يعمل خفيراً لحراسة المبنى الخالى، ويقول إنه بنى منذ 10 سنوات، منذ بداية عمله بالحراسة، حيث عين بالهيئة بعد بنائه: «هو فيه مبنى فى البلد ديه شغال ولا فيه حد»، مشيراً إلى أن المبنى تحول إلى استراحة لقضاة الانتخابات، وبعض ضباط الشرطة والجيش من الزائرين للمنطقة.
«مفيش حد هنا» يقولها «نافع» بصوت غليظ، مشيراً إلى أنه ليس مبنى هيئة تنشيط السياحة وحده، الذى يحتوى أربعة مبانٍ خالية، ولا تدب فى جسده أى حياة، ولكن غالبية مبانى الحكومة فى المدينة لا يختلف حالها عنه: «مفيش مبنى فى المدينة اتبنى واشتغل على طول.. بيستنى بالسنة والاتنين وساعات بالعشرة».
يقول «نافع» إن هناك موظفاً مسئولاً يزور المقر بين الحين والآخر، ويتذكر بصعوبة شديدة آخر مرة جاء فيها الموظف للشلاتين، حيث مر عليها زمن بعيد: «تقريباً من أربعة خمسة شهور»، مشيراً إلى أنه يعيش فى مرسى علم: «والشلاتين لا فيها سياحة ولا تنمية عشان ييجى كل شوية»، وكل ما يتذكر الرجل عن الموظف اسمه الأول: «تقريباً اسمه حمدى»، ولا يتذكر بقية اسمه ولا منصبه فى المبنى الخاوى.
داخل مكتبه المواجه لمقر المبنى، يقبع اللواء وجيه مأمون، رئيس مجلس مدينة الشلاتين، يقول إن ذلك المبنى مغلق منذ أكثر من 8 سنوات، منذ تعيينه فى منصبه، وحاول مراراً وتكراراً المطالبة بالحصول على ذلك المبنى لتحويله لمقر مجلس المدينة والاستفادة به بدلاً من تركه هكذا ولكن دائماً طلبه ما يقابل بالرفض.
مبنى «الإعلام» الأكثر أناقة فى المثلث ومغلق منذ بنائه.. و«الطاقة الشمسية» غير مكتمل البناء
على مقربة من مبنى الهيئة، يقبع مبنى آخر يحمل اسم «قصر ثقافة الشلاتين» مطلى باللون الأحمر، وبنى على أحدث طراز، يحتوى على مسرح، ومكتبات متعددة، ولكن قبل الولوج إلى داخله عليك أن تهش قطيعاً من الماعز كان يسرح بداخله، وفى المسرح يقبع «على حسن» ممسكاً بالطبلة، أحد أعضاء فرقة الفنون الشعبية بالمحافظة، يجلس فى نهاية المسرح، الذى يتدرب عليه على تلحين بعض الأغانى للمسرحية المقبلة.
ويقول «على» إن قصر الثقافة الجديد بنى منذ عام تقريباً، وهم يتوقون شوقاً لافتتاحه، خاصة فى ظل هذا الكم من التطوير والمساحة التى يوفرها المركز فى ظل ضيق مقر القصر القديم، ولكن لا حياة لمن تنادى، فمنذ أن أكملت الدولة بناءه وهناك وعود كثيرة لافتتاحه.
يحلم «على» بأن يستطيع أن يقف على ذلك المسرح هو وفرقته وتقديم أحد الفنون التى تتميز بها قبائل البشارية التى ينتمى لها، وأن ينقل للعالم من خلال ذلك المسرح الذى تحرك ليتحسس خطاه فوقه فنونهم والتاريخ الثقافى للمدينة، ولكن البطء الذى يصيب كل شىء، حسب وصفه، أخّر من افتتاحه: «وإحنا مستنيين».
764 مليون جنيه خصصتها الدولة لبدء مشروعات تنموية بالمدينة فى قطاعات الطرق والصناعة والزراعة
المبنى الأكثر أناقة فى الشلاتين هو مبنى الإعلام، يظهر بطلائه الأخضر، يزيد على خمسة أدوار، يحمل اسم «مبنى الإعلام».. الهيئة العامة للاستعلامات، لم يكن يختلف عن غيره من المبانى المغلقة، ولكن يزيد على ذلك بعدم وجود أى خفراء، ولا أى مسئولين، مغلق بأقفال حديدية، ويقول حسين حامد، من أبناء قبيلة البشارية، ويسكن فى الشارع المتاخم للمبنى: «انتهوا من بنائه منذ 2012.. وآدى وش الضيف».
«حامد» يعمل على نقل البضائع فى معبر رأس حدربة، ويقول إن غالبية المبانى الحكومية فى مدينة الشلاتين مغلقة، فى حين أن رئيس مدينة حلايب لا يجد مبنى ليدير عمله حيث يقوم بعمله من على المقهى، مشيراً إلى أن مبنى الإعلام لا تفتح فيه إلا قاعة واحدة تفتح للزيارات الرسمية: «لما يكون المحافظ جى ولا حاجة». وتعد الطاقة الشمسية أكثر المشروعات التى تتحدث الدولة دائماً أنها فى طريقها من الاستفادة منها، خاصة فى منطقة شلاتين، ولكن لم يكن مبنى هيئة الطاقة الشمسية، أول ما يواجهك مع بداية الوصول إلى بوابة الشلاتين، أفضل حالاً من غيره، بل ظهر مبنى غير مكتمل البناء ومغلق، هذا بخلاف مبنى هيئة التعدين والثروة المعدنية التى حاولت «الوطن» طرق بابه أكثر من مرة خلال ثلاثة أيام ولكن لا مجيب.
أحد المبانى الخاوية
مجمع إعلام «شلاتين»