حتى سوق الدهب والفضة «انضرب»: البيع بـ«الخسارة».. والشراء «فوق طاقة الغلابة»
حتى سوق الدهب والفضة «انضرب»: البيع بـ«الخسارة».. والشراء «فوق طاقة الغلابة»
ارتفاع الدولار أصاب سوق الذهب بالركود
شهدت الأسابيع الماضية تراجعاً فى مبيعات تجار «الصاغة» من الذهب والفضة فى كل المحافظات، ولا يعرف المواطن السبب وراء ذلك، لكنه يلمس المشكلة التى عانى منها التجار أيضاً، من خلال حكايات تكشف الأزمة التى ألقت بشباكها على الطرفين.
«الحاجة سمية»: بعت ذهبى بالرخيص لترميم منزلى وتاجر: «محدش بيبيع ولا بيشترى».. وخبير: المقاطعة هى الحل
«حلق ذهب» احتفظت به على مدار عقود طويلة، منتظرة حتى يحين الوقت المناسب لتبيعه، حاولت «سناء أحمد العدوى»، (58 سنة) أن تذهب عدة مرات لكى تثّمنه لكنها فوجئت فى آخر مرة أن سعر الحلق انخفض.
السيدة التى تسكن فى حى «الزيتون» بالقاهرة تذهب بين حين وآخر إلى منطقة «الصاغة» بحى «الحسين» برفقة ابنتها، وهى تقول: «كنت هبيعه كذا مرة علشان عملية ابن ابنى وربنا بيفرجها وبيفضل معايا، وسعره زاد، لكن فى آخر مرة لقيته قل»، كانت السيدة الستينية تأمل أن يزيد سعر الحلق الذى قدمه زوجها لها هدية قبل وفاته منذ 10 أعوام، لتقوم ببيعه والاستفادة من ثمنه فى أمور أخرى تحتاج إليها: «قررت ما أروحش أبيعه غير للشديد القوى، وجيرانى قالوا لى: استنى يا حاجة الدنيا دلوقتى مخنوقة شوية اليومين دول»، ولدى الحاجة «سناء» 3 أحفاد جميعهم فى سنوات دراسية مختلفة، ولهذا حاولت أن تكرر تجربة بيع الحلق فى مكان آخر، لمساعدة أحفادها، وبسبب عدم تمكن زوج ابنتها من سداد بعض نفقاته، إلا أنهم لجأوا إلى طريق آخر لمعرفتهم أن قيمة الحلق لن تفيدهم شيئاً فى ظل انخفاض سعره عما يستحق: «ربنا سترها معايا علشان مافرطتش فى هدية جوزى وآهو موجود لوقت زنقة».
ظروف صعبة أخرى اضطرت «سمية عبدالله»، (62 سنة) لأن تبيع كل ما لديها من ذهب فى الفترة الأخيرة لكى تتمكن من ترميم منزلها مع دخول فصل الشتاء، وتقول «الحاجة سمية»: «لولا السقف بينقط وبرد الشتا شديد مكنتش فكرت أبيع الدهب اللى حيلتى، والدولار منه لله خسف بيه الأرض»، رحلة شاقة قطعتها السيدة «سمية» إلى عدد من محلات منطقة «الدقى»، ومحال الذهب الأخرى بالقرب من مسكنها فى حى «شبرا» ولكن السعر ما زال متدنياً: «الشديد القوى هو اللى عمل كده فى الناس واحنا لا خبرا اقتصاد ولا نعرف حاجة علشان نخلى بالنا».
«الحاجة سمية» تسكن بمفردها بعد أن زوّجت ابنتها الوحيدة مؤخراً، وهى تقول «مغصبتش على جوز بنتى يجيب لها شبكة علشان عارفة إن دى هدية العريس لعروسته ولما ربنا يسهل يبقى يجيب».
أزمة الدولار الأخيرة انتقلت من الغلابة إلى تجار الذهب أيضاً، هذا بخلاف الزيادة التى شهدتها الجمارك ومصلحة الدمغة و«كله على حساب المواطن واحنا الخسرانين»، كما يقول «أمين صادق»، (70 سنة) الذى يعمل بمهنة تجارة الذهب بالوراثة عن والده، ويعتبر «عم أمين» أن العصر الذهبى فى التجارة كان فى الخمسينات من القرن الماضى، حيث كانت المعاملة وقتها بالدرهم وهو يساوى أكثر من 3 جرامات، أما الآن فالمعاملة أصبحت بالجرام، الأمر الذى أضعف حركة البيع علاوة على زيادة سعر الدولار، ويقول الرجل إن «حركة البيع معدومة وضعيفة جداً ولا حد بيشترى ولا بيبع»، تمنى الرجل أن يعود الزمن للوراء ليعاصر من جديد ما وصفه، «زمان كان الخير مالوش حدود وكان الجنيه المصرى يضرب أى عملة على دماغها»، ويتذكر «عم أمين» سيدة اشترت منه ذهباً منذ 8 أعوام ما زال محتفظاً بالفاتورة فى درج مكتبه حتى الآن، واستطرد «واحدة اشترت منى خاتم من زمان بـ80 جنيه ولما الدهب زاد باعته عندى بـ1630 جنيه»، لكن الآن الأسعار لا تزيد بهذه الصورة إلا قليلاً بسبب سعر الدولار.
«الحل هو مقاطعة الذهب»، هكذا ينصح عاطف حرز الله الخبير الاقتصادى، المواطنين، ويقول: «الحكومة واجب عليها توفر العملة الصعبة للمستوردين والخامات والأدوات للمصانع».
ويضيف: «محدش يروح يبيع دهب إلا فى حالات الضرورة القصوى أو أى ظرف»، مشيراً إلى أنه يتم استيراد سلع ترفيهية وغير ضرورية من أجهزة كهربائية وأجبان غير ضرورية وأكل قطط وكلاب وهو ما يرفع سعر الدولار فى السوق المصرية: «المفروض نستورد 4 أنواع بالكتير إنما احنا بنستورد أكتر من 400 نوع من الأجبان على سبيل المثال بخلاف السلع غير الضرورية الأخرى».