«أمنية» أعدت الطعام لأبويها وخرجت للمدرسة.. فدفنها شابان بدبلة الخطوبة فى مصرف الإبراهيمية وعثر على جثتها بعد 5 أيام
«أمنية» أعدت الطعام لأبويها وخرجت للمدرسة.. فدفنها شابان بدبلة الخطوبة فى مصرف الإبراهيمية وعثر على جثتها بعد 5 أيام
الضحية
كانت الشمس ساطعة فى أحد أيام شهر يونيو عام 1997.. الأب «خميس» ينتظر رابع أبنائه.. لم يكن يعلم جنس المولود.. يقضى ساعات فى انتظار المولود، منزله البسيط بقرية العجارسة التابعة لمركز كفر صقر، مُلئ بصرخات زوجته «آمال»، يسمع خطوات مسرعة تجاهه لتُخبره بقدوم «بنت»، يسجد لله شكراً، ويشكرها على البشرى.. ليقرر تسميتها «أمينة» تيمناً باسم أمه التى رحلت منذ أعوام وكان متعلقاً بها.
كبُرت «أمينة» وأنهت الدراسة الإعدادية بإحدى مدارس القرية، وبعدها التحقت بمدرسة كفر صقر الفنية التجارية.. كان والدها مهتماً بكيفية تدبير نفقات زواجها حال تقدم شاب لخطبتها.. لكن كان للقدر حسابات أخرى أعلن عنها بغتة.. وتهدمت جميع الأحلام على حافة مصرف بمدينة الإبراهيمية حيث عثرت الشرطة على جثة «أمينة» ملفوفة فى جوال.. بعد اختفائها فى ظروف غامضة.
خطفها سائق «توك توك» وصديقه وسرقا حلقها وخنقاها ووضعا جثتها فى جوال
أمينة 18 سنة.. كانت أصغر أبناء خميس خليفة 53 سنة وزوجته آمال حسن 52 سنة، وهى رابعة بنتين وولد يكبرونها.. سماح وشوشو وطارق.. كانت تقوم بأعمال المنزل وعليها الاعتماد كلياً بعد زواج شقيقتيها، وكانت آخرهما سماح منذ 3 سنوات ولعل ذلك كان من أهم أسباب حب والدها لها.. كانت خجولة، «ست بيت» تجيد الطهى وتُدير المطبخ باقتدار.. كانت الأحن والأقرب للوالدين.. منذ 3 سنوات كان والدها يعمل باليومية، فى قرية مجاورة حينما انهار حائط حديث البناء عليه ليتسبب له فى عاهة مستديمة، ويبقى فى المنزل.. ترعاه زوجته وابنته «أمينة»، ليكون برنامجها اليومى هو الاهتمام بوالدها وكذا بوالدتها التى أصبحت قعيدة الفراش بسبب مرض عُضال أصابها فجأة.
نهاية شهر أكتوبر، لمح أحد شباب القرية «أمينة»، وهى متجهة إلى المدرسة بمركز كفر صقر، سأل عن والدها وتحرى عن أسرتها البسيطة، وفى اليوم التالى، توجه الشاب الذى يعمل سائقاً بالسعودية إلى والدها، لخطبتها.. عادت أمينة من المدرسة ليفاتحها والدها فى الأمر، وبعدها تقرر الموافقة عليه.. وتمت مراسم الخطوبة بشكل بدائى بسيط فى منزل أسرتها المكون من طابقين ولا تتجاوز مساحته الـ 100 متر.. كانت «أمينة» سعيدة للغاية، وتتباهى بين قريناتها بخطبتها فى سن مبكرة دوناً عنهن، كانت دائمة التحدث عن سعادتها وعن إحساسها بتفوقها عنهن، فهى حسناء خمرية ممشوقة القوام.. كانت تتوجه للمدرسة فى الفترة المسائية، يبدأ يومها الدراسى من 11 صباحاً حتى الـ 5 مساءً.. طيلة 6 ساعات كانت تتحدث إلى زميلاتها عن الحب الذى دق أبواب قلبها «البكر»، وعن علاقتها بخطيبها الذى سافر بعد أسبوعين من «الشبكة» لمواصلة عمله.. كانت تحلم بالسفر معه إلى السعودية، أو البقاء فى منزله تحفظ سره وتهتم بوالديه وتدخر له أمواله، ليبنيا مستقبلاً لأطفالهما ويضمنا لهم حياة أفضل من تلك التى عاشوها فى بيوت من الطين قبل أن تُبنى مؤخراً بالأسمنت.. كانت «الصبية» تحلم وتتمنى وتنشُد.. حتى حلَ يوم مشئوم، اصطدمت فيه سفينة أحلامها «الهشة» بريح القدر «العاتية»، لتأخذ الأمور فى مجرى آخر.. غامض وطريقه وعرة ونهايته جثة فى جوال بأحد المصارف!!..
والد الضحية: أنا عايز المتهمين دول يتعدموا بشكل علنى عشان يبقوا عبرة لغيرهم ومش هاسيب دم بنتى يروح هدر
الساعة 6 صباح الأحد 6 ديسمبر الحالى.. استيقظت «أمينة» من نومها فى موعدها اليومى.. تُعد إفطار والديها المُقعدين.. طقوس يومية اعتادت عليها يومياً، توجهت لغرفة والديها أيقظتهما من النوم.. أعدت لوالدها «الجوزة» ليلتقمها فى فمه وينفث دخانها مع كوب شاى بعد الإفطار.. رتبت المنزل، وألقت الأغطية أمامه فى بقعة تسلط عليها الشمس أشعتها خلال ساعات النهار.. وحان موعد توجهها إلى المدرسة، أدت صلاتى الصبح والضُحى وارتدت ملابسها خرجت من غرفتها فى زينة كأنها لم تتجمل من قبل.. قبلت يدى والديها.. طالبةً دعاءهما.. كانت نظراتها غريبة.. عينها لامعة.. احتضنت والدها كثيراً ومكثت فى حضن أمها لدقائق فى حركة غريبة لم يعتد أن تفعلها أثناء توجهها يومياً إلى المدرسة.. تداعبها أمها وقلبها يخالجه الشك والريبة، تقول لها «مالك يابت يا أمينة؟! مش عوايدك يعنى».. ترد «الصبية» بابتسامة خجولة «ولا حاجة يا أمى.. أنا بحبكم وعايزة رضاكم مش أكتر حرام يعنى؟».. تأخذ شنطتها وتتوجه ناحية الباب.. تستدير للخلف لتلقى نظرة هى الأخيرة.. لم يعلم ثلاثتهم أنها الأخيرة.. الأب والأم يحدوهما الأمل فى عودتها مع أذان المغرب كالعادة.. «أمينة» تعلم أن الموت مُحدق بها.. ولكن لا تعلم كيف.. ولا أين!!.
الساعة تقترب من الخامسة مساء اليوم ذاته.. حان موعد وصول «أمينة» من المدرسة لكنها لم تأت.. يحاول والدها الاتصال بها لكنها لم تُجب.. ينهض ويتكئ على عصا ويتوجه برفقة شقيقه «أحمد» إلى موقف «كفر صقر» ربما يكون بالطريق أمر أخر وصولها، لكنها لم تصل. انتصف الليلُ.. ولم تظهر أى أخبار عن «أمينة».. صباح اليوم التالى توجه والدها إلى مركز شرطة كفر صقر، للإبلاغ عن الواقعة، واتهم الأب المكلوم، فى محضر رسمى، شابين من إحدى القرى المجاورة، معروف عنهما الإجرام ومحل شبهة.. ساعات قليلة، تمكنت خلالها وحدة مباحث مركز شرطة كفر صقر، من تحديد أماكن تردد ووجود المشتبه فيهما، وتمكنت من ضبطهما، وبعد أيام من المناقشة وتطوير المناقشة، لم تثبت إدانتهما، وأُفرج عنهما لعدم كفاية الأدلة.. وبقى اللغز قائماً ومصير «أمينة» مجهولاً.
استمرت أعمال البحث لأيام.. عمل خلالها أهالى القرية والقرى المجاورة لها بدأب أملاً فى الوصول لخيط يدل على مكان اختفاء «أمينة»، تعمل خلالها أيضاً وحدة مباحث كفر صقر على ضبط المشتبه بهم، أرباب السوابق الإجرامية.
الحال فى منزل «أمينة» لا يسُر.. الأم تستفيق من إغمائها تطلق عدة صرخات متلاحقة مشابهة لصرخات آلام ولادة «أمينة».. صباح يوم الجمعة الماضى.. وفى أحد مصارف مدينة الإبراهيمية، وأثناء البحث الذى شارك فيه أهل المدينة مع أجهزة الأمن، عُثر على جثة داخل جوال.. تم استخراج الجثة، واحتبست الأنفاس.. وبمطابقتها بالأوصاف التى عممتها مصلحة الأمن العام الخاصة بـ«أمينة»، تبين أنها جثتها. عاود الأب اتهام الشابين السابق إخلاء سبيلهما بالضلوع فى قتل ابنته، وبعد ساعات تم ضبطهما، وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الجريمة، وسرقة مصوغاتها الذهبية، وهاتفها المحمول. الأب المكلوم يقول «أنا عايز العدالة الناجزة.. أنا عايز حق بنتى العروسة اللى اتغدرت وسرقت عمرى معاها.. أنا عايز النائب العام ووزير الداخلية يساعدونى أنا راجل ضعيف وماليش ضهر.. أنا عايز المتهمين دول يتعدموا بشكل علنى عشان يبقوا عبرة لغيرهم.